دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- بتعابير فخورة وحزينة، تبدو صور شخصيات الكبار في السن، للمصور بيتر بوس، لطيفة للغاية، ولكن الوشوم المرسومة على وجوه هؤلاء الرجال تخفي حقيقة مظلمة، إذ كانوا في الماضي من صائدي الرؤوس المرعبين، وترمز العلامات المرسومة على وجوههم إلى قيامهم بذبح أعدائهم والاحتفاظ بالرؤوس المقطوعة.
وتبرز سلسلة الصور أفراد قبيلة كونياك، وهي مجموعة تضم نحو 230 ألف شخص يعيشون في ولاية ناجالاند الهندية، بالقرب من حدود ميانمار. وتستخدم هذه المجتمعات الزراعية، التي تستوطن قرى التلال النائية، نقوش الجسد المنمطة للاحتفال بالأحداث الهامة والطقوس الانتقالية.
أما بالنسبة إلى وشوم الوجه، فكانت مخصصة للمحاربين، وبالتحديد أولئك الذين يعودون من المعارك برؤوس أعدائهم.
وذكر مصور البورتريه الهولندي، بيتر بوس، خلال مقابلة هاتفية، أحداث جلسة التصوير قائلاً: لم أشعر بالخوف أو بالتهديد مطلقاً"، وأضاف "كانوا يتمتعون بالكثير من الود"، موضحاً: "نحن نرى صيد الرؤوس كعمل شرير ووحشي، ولكن بالنسبة لهم، هو يمثل أسلوب حياتهم".
وقال بوس، والذي التقط الصور للمسنين من صائدي الرؤوس على مدى أربع زيارات للمنطقة، إنه ذهب إلى منازلهم، وقضى بعض الوقت معهم ليسألهم عن ماضيهم، وأشعارهم، وأقاويلهم، وأغانيهم، مما سهّل عليهم الشعور بالراحة أمام الكاميرا.
ويوضح بوس أن الرجال المسنين، بأجسادهم الهزيلة، ظهر عليهم الحزن.
وتتلاشى الوشوم المنقوشة على جسد رجال القبائل ببطء، حرفياً ومجازياً. ومنذ وصول المبشرين المسيحيين إلى المنطقة، خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر، أصبح صيد الرؤوس وطقوس رسم الوشم المصاحبة له شيئاً من الماضي.
المكتبة الحية
وبحسب فيجين كونياك، الحفيدة الكبرى لأحد صائدي الرؤوس، والتي أمضت نحو 4 سنوات في توثيق ثقافة قبيلتها المتلاشية، فقد تم استبعاد الأمرين في فترة السبعينيات.
وقالت الحفيدة، البالغة من العمر 38 عاماً، خلال مقابلة هاتفية من ناجالاند، إن "كل نمط وشم يصور حالة الشخص أو دورة حياته".
وسجلت كونياك جميع الأنماط الموجودة حالياً حتى لا تضيع، كما وثّقت التقاليد الشفهية، مثل الأغاني، والقصائد، لتحفظها من الاختفاء.
وأوضحت كونياك أن "هؤلاء الأشخاص هم آخر حاملي هذا التقليد، وعندما يموتون سوف يختفي إلى الأبد"
وتعتقد كونياك أنه "لا توجد فرصة" لإحياء تقاليد قبيلتها المفقودة، ومع ذلك ترى أن هناك قيمةً في تسجيل ما تصفه بـ"المكتبة الحية" في كتاب، بالإضافة إلى إنتاج نسخة مصورة من الكتاب للأطفال، وتقوم كونياك بترجمة أعمالها إلى إحدى لهجات القبيلة، على الرغم من أن لغة قبيلة الكونياك ليس لها شكل مكتوب، فإن هذا يعني ترجمة لهجة شفهية إلى نص لاتيني.
تناقض العالم
وبالنسبة إلى بوس، فإن الدمج بين القديم والجديد وفر فرصة إنتاج محتوى بصري غني. وفي حين أن العديد من شخصياته ترتدي الملابس التقليدية مع إدراج قرون أو أنياب الحيوانات في آذانها، إلا أن هناك من كان يرتدي منها الملابس الرياضية العصرية.
واُلتُقطت الصور داخل المسكن العام التقليدي، والمصنوع من الخيزران، وسعف النخيل، والخشب من التلال المحيطة.