دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- قد تنحصر أعمال المعماريين بطبيعة عملهم في حدود الفيزياء، لذلك ربما يوفر عالم الفن فرصة أفضل لدفع حدود الخيال في عالم العمارة. واليوم تجمع سلسلة جديدة من الفنانين الرقميين بين التصوير الفوتوغرافي وتقنيات معالجة الصور من أجل ابتكار عوالمهم الوهمية.
وقد لا تكون هذه العوالم ممكنة تماماً، ولكنها يمكن أن تقدم وجهة نظر جديدة لمدننا، مما يجبرنا على إعادة تقييم المباني والمساحات الحضرية في هذه العملية.
صنع الفن من العمارة
وبدأ الفنان والمصور الإسباني فيكتور إنريتش في تحويل الصور المعمارية خلال رحلته إلى عاصمة لاتفيا، ريغا. وفي ما سيصبح العمل الأول من سلسلة تحمل عنوان "City Portraits"، أي "صور المدينة"، قام بتصوير أحد جسور الطرق في المدينة قبل أن يرسل الهيكل إلى السماء بزاوية 90 درجة
وشهدت صور أخرى في سلسلته تحويل أبراج سكنية إلى أشكال خيالية، إذ أرفق مزالق عالية على الأبراج وصنع ناطحات سحاب ثقيلة للغاية تبدو وكأنها تقف بدون دعم هيكلي.
وبعد أن أمضى أكثر من عقد من الزمن كفنان رقمي ومصور لشركات الهندسة المعمارية في برشلونة، كان إنريتش بالفعل على دراية ببرمجيات النمذجة ثلاثية الأبعاد اللازمة لتغيير صوره.
وخلال مقابلة هاتفية، قال إنريتش "اعتقدت أنه حان الوقت لبدء استخدام التقنيات التي كنت أتعلمها، ولكن في الشوارع".
لذلك ترك إنريتش وظيفته وبدأ في تجربة الأدوات ذاتها، دون أي هدف محدد بخلاف استكشاف الإحتمالات، بحسب ما ذكره.
وبمجرد التقاطه صورة للمبنى، يقوم إنريتش برسم المنظور والخطوط المعمارية للمبنى رقمياً. وبعد إضافته الإنحناءات أو إحداث أي تغيير آخر للهيكل، يتوجب عليه تطبيق الملمس واللون والتظليل بجد لجعل التغييرات تبدو واقعية قدر الإمكان.
وقد يتطلب التعديل الكثير من الوقت، إذ يمكن أن يقضي في صورة واحدة مدة 3 أسابيع.
ويوضح إنريتش أن عليه أن يصمم كل شيء، وليس فقط ما يراه، بل كل ما لا يسطيع رؤيته كذلك قائلاً: "تخيل تصميم سقف ناطحة سحاب لا يمكنك الوصول إليه، والشيء الوحيد الذي تملكه هو صور مشوشة من الأقمار الصناعية".
أعمال "الخيال المعماري"
ونادراً ما تتم مناقشة هذا النوع من الفن الرقمي الحضري من حيث كونه نوعاً صريحاً. ولكن إذا كان كذلك، فقد يتضمن أي شيء من تصميم "المنازل الطائرة" للفنان لوران تشهير، إلى الصور المركبة لفيليب دوجاردين، الذي يبني هياكل مستحيلة باستخدام صور مجمعة للمباني الموجودة.
وبالإشارة إلى الأسلوب على أنه "خيال معماري"، يرى الفنان المقيم في بروكسل، كزافييه ديلوري، أن القواسم المشتركة والاختلافات تمر عبر جميع أعمالهم.
وقال ديلوري في مقابلة بالبريد الإلكتروني، إنه خلال السنوات الأخيرة، كان هناك عدد قليل من الفنانين الذين يعملون على صور للهندسة المعمارية باستخدام تقنيات مماثلة.
ويرى ديلوري أنه مع الأساليب المفاهيمية والرسمية، يمكن أن تكون النتائج مختلفة تماماً، مضيفاً أن"هذه الأساليب الفنية تجعل العمارة مألوفة أكثر لدى المبتدئين".
وبعد أن أمضى أكثر من 3 سنوات في إضافة الإلتواءات والإنحناءات، يركز إنريتش الآن على عملية يسميها "خلع" المباني، ونقلها إلى محيط جديد كليّاً.
وتستكشف الصور النهائية كيف يمكن لتغيير سياق الهيكل أن يغير من إدراكنا له.
وأعاد إنريتش تخيل هيكل البيت الأبيض، ليجعله من الذهب الخالص، ووضعه تحت لافتة تحمل اسم "ترامب"، على طراز مسارح برودواي، ثم نقله إلى أرض صحراوية وأحاطه بسياج محكم.
ولكن على الرغم من نتائجه الاستفزازية، فقد احتفظ المصور بإحساس مرح في ابتكاره للتصاميم من خلال أعماله السابقة.
وعن هدفه من تلك التصاميم، قال إنريتش "ربما ما أحاول القيام به هو دعوة الأشخاص للعب معي، ودعوة الأشخاص إلى عالمي".