دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- قد يكون العالم في خضم جائحة عالمية، إلا أن زوار معرض بكين الجديد يمكن أن يغفر لهم الاعتقاد بأن المعركة ضد فيروس كورونا المستجد قد تكللت بالنصر بالفعل.
افتتح هذا الشهر، في المتحف الوطني الصيني، بالقرب من ميدان تيانانمين وسط بكين، معرض يحتفل بـ "الروح العظيمة للشعب الصيني" في محاربة مرض "كوفيد-19".
ومن خلال مجموعة من حوالي 180 عملا فنيا، بما في ذلك المنحوتات واللوحات الزيتية الدرامية للأطباء الأبطال، يهدف المعرض إلى توثيق تفشي فيروس كورونا الأولي في ووهان وتوابعه.
ولكن بالنظر إلى أن الدولة تفرض رقابة شديدة على الفن، فإن محتويات المعرض تعكس الموقف الرسمي بشأن احتواء الصين لمرض "كوفيد-19".
ومن خلال صور العاملين بالرعاية الصحية، تظهر رسائل المعرض أيضاً متوافقة بشكل وثيق مع روايات الحكومة الصينية حول الاستجابة الدولية للبلاد للأزمة، على الرغم من الانتقادات لمحاولات المسؤولين المبكرة لقمع أخبار الفيروس قبل عطلة رأس السنة الصينية المزدحمة في يناير/ كانون الثاني الماضي.
وبمجرد دخول المعرض، الذي يحمل عنوان "الوحدة قوة"، يتم توجيه الزوار من خلال 3 أقسام: أعمال الفنون المرئية، تليها أعمال الخط ومساهمات الفنانين الهواة من جميع أنحاء البلاد.
وفي داخل القسم الأول، الذي تم تنسيقه من بين أكثر من 75 ألف مشاركة تلقتها جمعية الفنانين الصينيين، يمكن العثور على بعض الصور الأكثر لفتاً للانتباه.
وعلى سبيل المثال، تظهر اللوحة الثلاثية واسعة النطاق، التي قدمها بانغ ماوكون، رئيس أحد معاهد الفنون الكبيرة، عامل طبي في حالات مختلفة من الإرهاق، وهناك لوحة زيتية تصور الأطباء والممرضات المبتهجين أمام علم صيني كبير، والتي تستحضر أسلوب الواقعية الاشتراكية المشهور بين الرسامين الثوريين في العقود التي أعقبت صعود الحزب الشيوعي إلى السلطة عام 1949.
ويعد كلا من العملين ضمن الأعمال النموذجية لتركيز المعرض على الاستجابة الطبية للصين. وفي أماكن أخرى، يظهر الأطباء المقنعون وهم يرتدون معدات الحماية الشخصية، ويفحصون الأشعة السينية، ويتجمعون حول أسرة المرضى.
وعلى الرغم من أن العديد من الشخصيات في الأعمال الفنية غير معروفين، فإن عالم الأوبئة الشهير، لي لانجوان، وأخصائي الجهاز التنفسي، تشونغ نانشان، يظهران في عدد من الأعمال، وظهر الأخير على شكل تمثال نصفي معدني منحوت وفي صورة زيتية واقعية للغاية تظهر دمعة صغيرة تنزل على خده.
ومع ذلك، فإن صور الراحل لي وينليانغ، التي أسكتت السلطات محاولته لتنبيه زملائه الأطباء إلى تفشي المرض الأولي، تعد إغفالا غير مفاجئ. وكذلك المشاهد التي بدت وكأنها تُظهر أن مستشفيات ووهان المكتظة يتم دفعها إلى أقصى حدودها في بداية الأزمة.
نشر "الطاقة الإيجابية"
وتشمل الموضوعات الأخرى التي تم تناولها في المعرض "استئناف العمل والإنتاج"، وتسليم المساعدات الطبية الخارجية، وكلاهما تم تقديمهما على أنهما انتصارات للحكومة الصينية مع تعافي البلاد من قيود الإغلاق التي أدت إلى توقف معظم الصين في وقت سابق من هذا العام.
بالإضافة إلى العاملين في مجال الرعاية الصحية، تتضمن الأعمال الفنية كل من عمال البناء، وموظفي مكافحة العدوى الذين يرتدون بدلات المواد الخطرة، وسائقي التوصيل، وكذلك الجنود وعمال الإغاثة الذين يستقلون الحافلات والطائرات المحملة بالإمدادات.
وتأتي الأعمال الفنية المعروضة في مجموعة متنوعة من الوسائط الأخرى، بما في ذلك الملصقات، والمنحوتات المختومة والأشرطة المصورة والمطبوعات الخشبية.
وهناك تمثال جماعي ضخم، الذي يشبه النصب الثوري الشهير في ميدان تيانانمن، وجمع أكثر من 10 من العاملين بمجال الرعاية ويرتدون الأقنعة ومعدات الحماية الشخصية.
ويتم تقديم القليل من المعلومات للزوار عن الأعمال الفنية، باستثناء عنوان كل عمل فني، ولكن المحتوى والسياق يبدوان واضحين بدرجة كافية، ويتوافقان إلى حد كبير مع رؤية الرئيس الصيني شي جين بينغ للفنون والقطاعات الثقافية.
العودة إلى الوضع الطبيعي
وأبلغت أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان، أي 1.4 مليار نسمة، حتى الآن عن أقل من 90 ألف حالة إصابة وأقل من 5 آلاف حالة وفاة، وهي نسبة أقل بكثير من العديد من الاقتصادات الكبرى الأخرى في العالم.
ويبدو الآن أن الفيروس تحت السيطرة إلى حد كبير ، وفي يوم زيارة CNN للمعرض، سجل البر الرئيسي للصين 30 حالة إصابة جديدة فقط بالفيروس، ولم تكن أي منها في بكين.
ومع ذلك، لا يزال يتعين على زوار المتحف، الذي أعيد افتتاحه في مايو/أيار بسعة محدودة تبلغ 3 آلاف شخص يومياً، ارتداء الكمامات، والخضوع لفحص درجة الحرارة وتقديم رمز "أخضر"، يشير إلى أن حامله لا يخضع لقيود الحجر الصحي، وبالتالي يمكنه التنقل بحرية، على تطبيق تتبع الصحة الرسمي.
ومن المقرر أن يستمر معرض بكين حتى نهاية سبتمبر/ أيلول المقبل، على الرغم من أن المتحف مفتوح حالياً فقط لحاملي الهوية الصينية.