دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- تختلف معايير "الرجولة" مع اختلاف الثقافات من حول العالم، فما هي معايير الرجولة من وجهة نظر الصينيين في ظل حكم رئيس جمهورية الصين الشعبية، شي جين بينغ.
ويرسم الفنان الصيني، والذي يُعرف باسم مسك مينغ، الرجال الصينيين بطريقة إيحائية، إذ تبدو الوجوه المرسومة بالحبر وكأنها تُحدق في الورق، وتغطي أجسادهم النحيلة فقط قبعات الضباط الخضراء والمرصعة بنجوم حمراء فيما يرتدي البعض قبعات البحارة باللونين الأبيض والأزرق المزينة بالشرائط، بينما يرتدي البعض الآخر معاطف باللون الزيتي مزينة بياقة من الفرو الصناعي البني. ورغم أن الرجال في هذه الرسومات لا يرتدون الكثير من الملابس، إلا أنه من السهل التعرّف عليهم كجنود من جيش التحرير الشعبي الصيني من خلال القبعات العسكرية التي يرتديها الذكور في هذه الرسومات.
وقال الفنان البالغ من العمر 40 عاماً، والذي نشأ وترعرع في الصين، ويعيش في برلين منذ عام 2005، إنه يرسم ما يهمه بناء على "تجربة شخصية"، إذ نشأ وترعرع في مجمع عسكري في شمال الصين، والتحق بالأكاديمية البحرية الصينية قبل أن ينتقل إلى ألمانيا. ووصف مينغ الجنود الذين شاهدهم بـ"الرجال المثاليين" الذين يتمتعون بـ"الشباب، والبراءة، والجمال".
ويتعارض وصف مينغ مع ما تظهره وسائل الإعلام الحكومية الصينية الخاضعة للرقابة الصارمة، والتي نقلت تعابير الجنود بالزي الرسمي العسكري في تغطيتها الشاملة الأخيرة للعرض العسكري الكبير، احتفالاً بالذكرى السبعين للحكم الشيوعي.
وفي الأول من أكتوبر/ تشرين الأول، شاهد ملايين الصينيين الرئيس شي جين بينغ، وهو يتفقد 15 ألف جندي من جنود جيش التحرير الشعبي الصيني، خلال مسيرتهم وسط بكين، وتتبعهم الدبابات والطائرات بدون طيار.
وفي المناقشات التي تدور حول موضوع الرجولة في الفضاء الإلكتروني الصيني الخاضع للرقابة، كثيراً ما يظهر توافق في الآراء بشأن المعيار الذهبي للرجل الصيني المثالي، وهو جندي جيش التحرير الشعبي الصيني.
ويقول الخبراء إن وجهة النظر تلك انعكست في الفن على مدار تاريخ الجمهورية الشعبية، والتي أسسها ماو تسي تونغ في عام 1949، بعد انتصار الشيوعيين في الحرب الأهلية الدموية.
ومن الملصقات الدعائية القديمة إلى مقاطع فيديو الأغاني الحديثة، شكلت صور قوات جيش التحرير الشعبي الصيني مفهوم الرجولة في الصين المعاصرة، وتعد الأجسام والعقول القوية للجنود بمثابة ميزات الرجولة المتفق عليها، إلى جانب ولائهم الشديد للحزب الشيوعي، وهي صفات يقول البعض إن الرئيس شي يريدها بفارغ الصبر وهو يتعهد بقيادة الصين إلى "تجديد وطني كبير".
وتعد اللوحة الزيتية بعنوان "Forcibly Crossing the Dadu River"، أي "عبور نهر دادو قسراً"، مثالاً يُستشهد به لدى هذه الفئة. وتمثل هذه اللوحة نقطة تحول خلال المسيرة الطويلة الشهيرة للجيش الأحمر في ثلاثينيات القرن العشرين، إذ يجسد الفنان، مجهول الهوية، 10 جنود شبان على متن قارب صغير وهم يهاجمون العدو وسط تراشق طلقات النار.
وفي بلدٍ يضم حالياً أكثر من 800 مليون مستخدم للإنترنت، تواجه معايير الرجولة لدى جيش التحرير الشعبى ما يُشبه التحدي من قبل الجيل الجديد، الذي يتطلع بشكل متزايد إلى المشاهير الشباب ووجودهم على منصات التواصل الاجتماعي، للاستدلال على معنى الرجولة.
ويشمل ذلك بعض من أكثر الفنانين الشباب الصاعدين في البلاد، بمن فيهم الممثل والمغني لوهان، الذي ظهر إلى جانب الممثل الأمريكي مات دامون في فيلم الحركة "The Great Wall" عام 2016، ولديه أكثر من 60 مليون متابع على منصة التواصل الاجتماعي الصينية "Weibo"، و فرقة الغناء "TFBoys" المكونة من 3 مراهقين، والتي تقدر وسائل الإعلام المحلية ثروتهم بالملايين.
وفي تقرير صدر في وقت مبكر من هذا العام، وجدت منصة التسوق عبر الإنترنت لعملاق التكنولوجيا الصينية علي بابا، أن مبيعات منتجات مستحضرات التجميل للرجال قفزت أكثر من 50 ٪ في عام 2018، موضحة شعبية مصطلح "Pretty Boy"، والذي يعني الشاب الذي تعد جاذبيته نسائية إلى حدٍ ما والذي قد يتباهى بمظهره.
ولكن بعد فترة التحرّر الاجتماعي التي تبعت عهد ماو، هناك دلائل تشير إلى أن حكومة الرئيس شي بدأت في الانقلاب على نماذج الـ"Pretty Boy". وهناك تعليق استشهد به على نطاق واسع، ونشرته وكالة أنباء شينخوا الحكومية في العام الماضي، يقول : "سواء احتضنت أو رفضت الدولة (الرجل المتأنث) فهي ... مسألة خطيرة تؤثر على مستقبل الأمة".