دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- من مشهد مبهر يبيًن الحاضرين في احتفال موسم النبي موسى عند برج القلعة في القدس، إلى صور أكثر حميمية تُظهر عدداً من الرجال الجالسين في مقهى في بدلاتهم الأنيقة، في زمنٍ كان الأشخاص فيه يتأنقون من أجل جلسة بسيطة لشرب القهوة.. تبرز هذه الصور أطيافاً مختلفة من حياة الفلسطينيين قبل 100 عام.
وفي مايو/أيار من عام 2020، أعلن مركز "عكاسة" للتصوير الفوتوغرافي في جامعة نيويورك أبوظبي عن إصداره لمجموعة من الصور الرقمية التي التُقطت في فلسطين بين عامي 1912 و1924 على يد المصور القبرصي من أصل لبناني، نصري فليحان.
نظرة غير رسمية على فلسطين قبل 100 عام
وبعد تخرجه من جامعة "بوردو" في عام 1912، سافر فليحان، الذي درس الهندسة المدنية، إلى الأراضي الفلسطينية ليعمل فيها كمهندس.
وعلى مر العقود اللاحقة، تنقل المصور بين الأردن، وفلسطين، ومصر، والولايات المتحدة للعمل على عدة مشاريع.
واستخدم فليحان كاميرته بشكل مكثف خلال عمله اليومي كمهندس، وفي جنوب فلسطين بشكل رئيسي، وفقاً لما قالته مسؤولة الأرشيف في مركز "عكاسة" للتصوير الفوتوغرافي والتي عملت بدورها على المجموعة، ياسمين سليمان.
وأضافت سليمان أن المصور وثق "الحياة اليومية للعمال المشاركين في مشاريع البنية التحتية والتنقيب عن النفط، إضافة إلى حياته الشخصية، إذ أنه قام بتصوير أصدقائه وعائلته، والمواقع الأثرية التي زارها".
ومن العمال إلى المقاولين، وثق المصور مختلف الأشخاص "بنظرة غير رسمية".
لحظات محورية وبدلات أنيقة
وتتضمن مجموعة نصري فليحان الرقمية 367 صورة التُقطت معظمها في الأراضي الفلسطينية.
وخلال الصور، يمكن للمرء أن يرى الجوانب الحضرية التي أحاطت بفليحان، إذ وثقت عدسته على سبيل المثال قرية العيزرية، ومشهد القوارب في ميناء يافا.
وتتضمن صوره أيضاً جوانب بشرية تُظهر العمال أمام الخيم، وأخرى تتزين برجال يرتدون بدلات أنيقة أثناء الجلوس معاً في مقهى.
ولدى سليمان العديد من الصور المفضلة في المجموعة، ومنها واحدة التقطها فليحان على سطح فندق "Amdursky" مقابل برج القلعة في القدس.
وكُتب اسم "مصطفى" خلف الصورة، ولم تُذكر هوية الرجال الآخرين بالصورة.
وقالت سليمان إن مصطفى عبارة عن "شخصية بارزة ومُهيبة تظهر في العديد من الصور، وهو دائماً محور الاهتمام".
وبمساعدة مؤرخين وعلماء آثار، تمكنت سليمان من التأكد من التقاط عدة صور خلال احتفال موسم النبي موسى بين عام 1917، وهو العام الذي صدر فيه وعد "بلفور"، وعام 1922، أي عندما تم هدم برج ساعة السلطان عبد الحميد الثاني فوق برج يافا.
وأشارت سليمان إلى ظهور القوات العثمانية والبريطانية في تلك الصور، ما يعني أنه من المحتمل أن فليحان التقطها في عام 1918 الذي شكل "لحظة محورية في التاريخ الفلسطيني".
والتُقطت العديد من الصور المبكرة للأراضي الفلسطينية من قبل مصورين أو مستوطنين أوروبيين أو أمريكيين. وكانت صورهم مخصصة لسوق السياحة المحلية، أو لتُباع خارجاً في ألبومات ذات طابع توراتي (Biblically-themed)، ومليئة باستعارات استشراقية.
وكان من الشائع عرض الأراضي الفلسطينية كمنطقة فارغة مع أن ذلك كان عكس الحقيقة، إذ بلغ سكانها حوالي 400 ألف نسمة في منتصف القرن التاسع عشر، بحسب ما ذكرته سليمان.
وأكدت سليمان: "تُجسد صور فليحان فلسطين نابضة بالحياة، وهي تُظهر ارتباطه بالمنطقة، وشعبها".
وجعل المركز المجموعة متاحة للجمهور عبر موقعه على الإنترنت، وذلك في ظل استمرار التباعد الاجتماعي للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19"، وفقاُ لما ذكره الموقع الرسمي للمركز.