دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- على الجهة الأمامية لبطاقات بريدية تعود للقرن التاسع عشر معروضة في متاجر كاريبية، أظهرت نساء بملابس هندية تقليدية هذه الجزر على أنها وجهات سياحية خصبة وغريبة.
وظهرت العارضات بخجل، وهن يرتدين ملابس "lehenga cholis" التقليدية، ويتزينّ بمجوهرات ذهبية وفضية ذات تفاصيل معقدة.
وكانت هؤلاء النساء، اللواتي تم الإشارة إليهن ببساطة بـ"coolie belles"، بطلات مجهولات وغامضات.
وغالباً ما تم تصويرهن في استوديوهات التصوير الفوتوغرافي، وهن يملن على أعمدة ذات طابع أوروبي، كما أنهن وقفن في بعض الأحيان أمام حقول القصب.
وعلى بعد آلاف الأميال من مواطنهن، كانت هؤلاء النساء الهنديات الكاريبيات من بين مليوني من الأفراد الذين وقعوا عقود عمالة طويلة الأجل نقلهم البريطانيون إلى مستعمراتهم بين عامي 1834 و1917.
في منطقة البحر الكاريبي، وقع هؤلاء الأشخاص عقوداً لمدة خمس أعوام أو أكثر، وعملوا في حقول قصب السكر في جزر مثل غيانا، وترينيداد، وسورينام، وجامايكا بعد انتهاء العبودية رسمياً.
ومع ذلك، عملوا في المزارع ذاتها، وعاشوا في المساحات ذاتها، ونقلوا على متن قوارب ذات ظروف مماثلة للسفن التي احتضنت الأشخاص الذين عانوا من العبودية، وفقاً لمحاضرة أولى في الدراسات الآسيوية الأمريكية في جامعة بنسلفانيا، روبا بيلاي.
وأشارت السلطات البريطانية إليهم بـ"coolies"، وهو تعبير مهين يُستخدم لتمثيل العمالة اليدويين الآسويين، وغالباً ما تعرضوا للإيذاء الجسدي.
تاريخ غير مدروس بشكل واسع
وصادف العام الماضي مرور قرن على الإلغاء النهائي لعقود الإلزام بالعمل لأجل طويل في منطقة البحر الكاريبي، ومع ذلك، غالباً ما كان هناك القليل من الاهتمام لتاريخ هذه الممارسة الاستغلالية، والتي كان لها تأثير مزلزل على العالم.
وقال الباحث الهندي الكاريبي، ديفيد دابيدين، عبر الهاتف: "كانت أكبر هجرة جماعية للأشخاص في القرن التاسع عشر، لكن تم تجاهلها تماماً عندما انتهى النظام".
ويعمل دابيدين كمدير معهد "Ameena Gafoor "، الذي يدرس عقود العمل تلك، وإرثها، وتشارك بيلاي إحباطه.
وفي الوقت الذي واجه فيه الهنود اضطرابات سياسية ومجاعات في القرن التاسع عشر، كانت البلاد جاهزة لتستغلها بريطانيا، وفقاً لبيلاي.
وبشكل كاذب، تم الإعلان عن عقود العمل كطريقة للهنود لتوفير حياة أفضل.
وكُتبت العقود باللغة الإنجليزية، ولكن، كان لدى الأشخاص الذين وقعوا عليها مستويات عالية من الأمية.
وكانت النساء اللواتي تبرأت منهن أسرهن، والأرامل هن الأكثر عرضة لهذه العقود.
وبحسب ما قالته بيلاي، كانت وفاة الزوج بمثابة نهاية لحياة المرأة، حتى لو كانت صغيرة السن.
التصوير الاستغلالي
وعندما أصبح التصوير الفوتوغرافي متاحاً بشكل أكبر، وازدادت السياحة إلى جزر الكاريبي بظل الحكم الاستعماري البريطاني، عزز ذلك من صناعة البطاقات البريدية المحلية.
وأصبح امتلاك البطاقات البريدية رمزاً للعالمية، ودليلاً على سفر المرء بكثرة.
وقالت مؤلفة كتاب "Coolie Woman: The Odyssey of Indenture"، غايوترا بهادور، عبر مكالمة فيديو، إن البطاقات البريدية حاولت إنشاء صورة جميلة ولكن آمنة أيضاً لمنطقة البحر الكاريبي.
وتحكم المصورون الأوروبيون البيض بالمشاهد بشكل كامل، وكان أحدهم المصور التجاري الفرنسي، فيليكس مورين، والذي كان يمتلك استوديو في عاصمة ترينيداد، بورت أوف سبين ، بين عامي 1869 حتى أواخر عام 1890.
ومع ارتداء العارضات أفضل مجوهراتهن، وهو أمر يرمز إلى الثروة، والملابس التقليدية، أظهرت الصور النساء بطابع غريب وجنسي، كما أنها خبأت "خلفية العمل والعنف" التي عانين منها، بحسب بهادور.
صلات شخصية
بعد أكثر من قرن من الزمن، أعاد الفنان، أنديل غوزين، تخيل البطاقات البريدية في سلسلة صوره، "Cane Portraiture".
وعاش غوسين في ترينيداد حتى بلغ الرابعة عشرة من عمره، وهو من نسل العمال الهنود الترينيداديين المُتعاقد معهم.
وفي السلسة، دعا غوزين الكاريبيين الذين هاجروا إلى نيويورك للوقوف أمام خلفية من حقول قصب السكر.
وكان هناك جانب أدائي في هذا العمل، والذي طُبع في النهاية كمجموعة من البطاقات البريدية.
وعلى عكس بهادور وبيلاي، اللواتي يعتقدن أن النساء امتلكن القليل من القوة عندما أتى الأمر لصورهن في البطاقات البريدية، يعتقد غوزين أن الواقع ربما كان أكثر تعقيداً بعض الشيء.
وقال إنه عند نظره للصور التي التقطها فيليكس مورين للنساء "أرى احتمالات ربما كنّ فيها يخترن الطريقة التي أردن إظهار أنفسهم بها أيضاً".