دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- أعلنت قطر عن خطة طموحة لتوسيع برنامج الفن العام فيها أثناء استعدادها لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022.
وقالت متاحف قطر، المنظمة التي تديرها الدولة، والحاضنة للعديد من المؤسسات الثقافية في البلاد، إنها ستعرض أكثر من 40 عملاً جديداً لفنانين قطريين وعالميين، في الأماكن العامة في العاصمة، الدوحة، والمدن المحيطة بها.
وتكمن الفكرة في تحويل المشهد الحضري المحلي إلى "تجربة متحف فني واسع في الهواء الطلق"، وفقاً لبيان صحفي.
وفي اتصال مع مدير إدارة الفن العام في متاحف قطر، عبدالرحمن أحمد آل إسحاق، قال لـCNN: "في الوقت الذي تتجه فيه أنظار العالم إلى الدوحة، رأينا أن إحدى أفضل الطرق للتعريف عن أنفسنا، وإجراء حوار، يتمثّل من خلال عرض الأعمال الفنية في المجال العام".
الفنون المعروضة
وستعرض التجهيزات في الساحات العامة ومراكز التسوق والمدارس والمرافق الرياضية ومحطات السكك الحديدية ومطار حمد الدولي، بالإضافة إلى وضع بعض منها في الملاعب التي من المقرر أن تستضيف المباريات.
وقال آل إسحاق: "كل الأعمال الفنية التي نعرضها ستتناسب مع سياق الدوحة وقطر"، وأضاف: "سيتم وضعها بشكل استراتيجي أو إقليمي ليعكس جزءًا من هوية دولتنا".
وبين الأمثلة عمل فني يُدعى Falcon للنحات الهولندي توم كلاسن خارج مطار حمد الدولي، وهو تجسيد ذهبي وتجريدي لطائر قطر الوطني تم تركيبه خلال الصيف.
وتتضمّن الأعمال الفنية الأخرى التي كُشف النقاب عنها بالفعل عمل تجريبي للفنان الأمريكي بروس نومان بعنوان "Trench, Shafts, Pit, Tunnel and Chamber"، أنجزه في أواخر السبعينيات، وهو يقع خارج M7 في مشيرب وسط الدوحة.
وبالقرب من المسرح الوطني، عمل الفنانة الألمانية إيسا جينزكين، الضخم Two Orchids، وهو تمثال كبير يعود لعام 2015 يجسّد بدقة النبتة. ويرمز إلى العلاقة بين العمارة والطبيعة والثقافة الشعبية.
وأوضح آل إسحاق: "جماليات كلا العملين مكملة للمواقع المختارة لها".
وفي حين أن القائمة الكاملة للفنانين لم تصدر بعد، إلا أن العديد من الأسماء المؤكدة تشمل أيضاً مواهب قطرية، وإقليمية.
من بينها النحات العراقي المنفي، أحمد البحراني، المعروف بأعماله التي تحاكي الواقع السياسي للشتات العربي والحرب والتهجير والذاكرة، مع فرج دهام، الذي يركز على التغييرات المعمارية والحضرية للبلاد، فضلاً عن العواقب الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية المترتبة على هذه التغييرات.
وتتضمن القائمة بعض المواهب النسائية أيضاً، مثل الفنانة اللبنانية الأمريكية المشهورة سيمون فتال، التي تتمحور أعمالها الاستعارية حول قضايا، مثل الحرب والتهجير والهجرة، إلى رسم المناظر الطبيعية والأديان القديمة والأساطير.
كما تشمل اللائحة الفنانة التشكيلية القطرية، شعاع علي، التي ستكشف النقاب عن أول عمل لها مخصص للمساحة العامة وهو عبارة عن منحوتة تجريدية بعنوان "توازن".
وقالت الفنانة لـCNN إن المنحوتة، عبارة عن عمود مصنوع من الأحجار المكدّسة، ترمز إلى "تطوّر" البلاد، و "التوازن بين العناصر التقليدية والحديثة في حياتنا اليومية".
وأكّد آل إسحاق: "كان عرض الفنانين المحليين لأعمالهم أمراً ضرورياً بالنسبة إلينا"، وأضاف: "هذه فرصة لتسليط الضوء على ثروة المواهب في قطر، والدول المجاورة لها، ومنحها المنصّة التي تستحقها".
بناء مركز للفن
ولم يكن الطريق إلى كأس العالم 2022 خالياً من الجدل.
فقد واجهت قطر انتقادات بشأن معاملتها للعمال المهاجرين المشاركين في بناء الملاعب، ومخاوف بشأن قوانين مكافحة المثلية الجنسية في البلاد.
وفي ما يتعلّق بالموضوع الأخير، قال الرئيس التنفيذي لبطولة كأس العالم لكرة القدم قطر 2022، ناصر الخاطر، لـCNN في نوفمبر/تشرين الثاني إنه لا ينبغي لأحد أن يشعر بالتهديد عند زيارته للبلاد، وأوضح قائلاً: "قطر دولة متسامحة، وبلد مضياف".
وقد تساعد المبادرات الثقافية مثل برنامج الفن العام في تغيير المفاهيم.
وقال آل إسحاق: "يهدف البرنامج إلى تقديم لمحة عن هويتنا، وثقافتنا، والماضي، والحاضر. وهو دعوة لإلقاء نظرة على قطر، تتجاوز نهائيات كأس العالم".
تم إطلاق برنامج الفن العام في البداية عام 2013، عند انطلاقه بسلسلة من الأعمال الفنية لفنانين مثل البريطاني، داميان هيرست، وعمله المثير للجدل The Miraculous Journey، الذي يتكون من 14 منحوتة برونزية لجنين منذ الولادة وحتى الحمل في مركز السدرة للطب والبحوث.
كما يتم عرض "حصان الصحراء" للفنان القطري، علي حسن، خارج مطار حمد الدولي، كجزء من البرنامج.
وعُرض عمل آخر له يُدعى Wisdom of a Nation بالقرب من مدخل الزوار في متحف قطر الوطني.
وقال الفنان لـCNN: "بعد عرضه حصرياً في الأماكن المغلقة في المتاحف، أو صالات العرض، يمكن الآن مشاهدة الفن في الأماكن العامة"، مضيفاً أن المنظمة تساعد في تشكيل مجتمع الفن المحلي.
وتوسعت المبادرة أيضاً لدعم المشاريع الأخرى التي تجعل السكان المحليين منخرطين علناً مع الفنانين المعاصرين.
ومن بين هذه الجهود دعوة مفتوحة للطلبة، تشجّع الشباب على إنشاء أعمال فنية عامة مؤقتة مصنوعة من مواد معاد تدويرها، وبرنامج Jedariart السنوي الذي يدعو الفنانين لرسم الجداريات في جميع أنحاء المدينة تعكس القضايا الاجتماعية، والتاريخية، والثقافية.
وقال آل إسحاق: "تسمح التدخلات العامة للناس بالتقرب من الفن بشكل أكبر، والشعور براحة أكبر تجاهه أكثر من سياق المتاحف"، وأضاف: "هدفنا من كل هذه المشاريع جعل الفن جزءاً دائماً من النسيج الحضري لقطر".
لكن الخطة الشاملة أكثر طموحاً.
وقال آل إسحاق: "بالنظر إلى المستقبل، نريد أن تصبح قطر مركز الفن الرئيسي في المنطقة، ومكة الفن في الشرق الأوسط".