دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- رغم كونها حقيقة غير مريحة، إلا أن العديد من منازلنا تضرّ بكوكبنا.
ويمكن تحديد تلك المنازل من خلال نمط الاستهلاك والمواد الخام المستخدمة في بنائها، إلى الوقود المطلوب للحفاظ عليها، والنفايات الناتجة عنها.
ورغم التحسّن في كفاءة استخدام الطاقة في المباني، شهد عام 2021، ارتفاعًا في انبعاثات الكربون من البناء والتشييد، وصل أعلى مستوياته المسجلة.
ولكن ماذا لو كان في إمكان المنزل رعاية الأشخاص الذين يعيشون داخله وحماية العالم الخارجي أيضًا؟ ماذا لو استطاع المنزل إطعام ساكنيه؟ وتوليد طاقة ذاتيه؟ وتعزيز التنوع البيولوجي؟ وربط المجتمع؟ وفي نهاية عمره الافتراضي، لا يخلّف أثرًا له؟
سيكون من الصعب توقّع قيام منزل واحد بتميّز بكل تلك العناصر.
لكن كما يبيّن كتاب نُشر أخيرًا، فقد صممت العديد من المنازل للترويج لطريقة عيش أكثر إنصافًا واستدامة.
ويضم الكتاب، الذي يحمل عنوان "المنازل التي يمكنها إنقاذ العالم"، من تأليف كورتيناي سميث وشون توبهام، أكثر من 150 مشروعًا، بعضها مفاهيم وغالبيتها نفذت، في جميع أنحاء العالم.
وبعضها يعيد استخدام بعض المساحات الموجودة، مثل مبنى الكهف الخاص بشركة Ensamble Studio في مدينة مينوركا بإسبانيا.
وتقوم منازل أخرى بإحياء وتحديث أساليب البناء القديمة، مثل مبنى شركة ZAV Architects في مدينة هرمز بإيران.
وهناك منازل تستخدم أحدث التقنيات، بما في ذلك منازل ICON المطبوعة ثلاثية البعد، التي بنيت في أمريكا الشمالية.
وفي نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أعلنت شركة ICON أنها حصلت على عقد بقيمة 57 مليون دولار من قبل وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" لتطوير نظام بناء مخصص للعيش على سطح القمر.
وأدرجت هذه التصاميم تحت 19 موضوعًا، ويعتبر تنوع المشاريع ونطاقها دليلًا على عدم وجود منزل واحد يناسب الجميع لمواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين.
ويقول توبهام، وهو أحد مؤلفي الكتاب: "وجدنا الكثير من الأشخاص يقومون بالكثير من التصاميم المبتكرة بشكل مختلف على المستوى المحلي".
وتشير كورتيناي سميث، أحد مؤلفا الكتاب، إلى أن التركيز على المستوى المحلي، من مواد البناء إلى تقنيات البناء، يعد محورًا أساسيًا للكتاب، ونقطة تلاقي للاتجاهات السائدة في قطاع البناء.
وتوضح المؤلفة أن التصميم الحداثي للقرن العشرين قد انتشر.
وتجادل سميث قائلة: "ننسى أنه لبناء (منازل) من هذا النوع بالطريقة الحداثية، التي أصبحت أسلوبًا عالميًا منذ الثلاثينيات، فإنّنا ندمّر كوكبنا".
وتضيف سميث: "إنك تحاول أساسًا تشكيل المكان وفقًا للمادة، وكانت النتيجة أكثر ضررًا من كونها إيجابية".
ونمت صناعة الخرسانة والإسمنت عشرة أضعاف على مدار الـ65 عامًا الماضية، وبلغ إنتاج الصلب ثلاثة أضعاف، بينما شهد إنتاج الأخشاب منخفضة الكربون للفرد نموًا، وفقًا لتقرير حديث لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة.
حسب التقرير ذاته، في عام 2021، أضاف تصنيع مواد البناء الرئيسية من الخرسانة والصلب والألمنيوم "4% إضافية من استخدام الطاقة العالمي و6% من الانبعاثات العالمية".
ويحتوي كتاب "المنازل التي يمكنها إنقاذ العالم" على الكثير من الأمثلة الجيدة التي تأتي من مواد التشكيل إلى المكان.
وفي مدينة مبيجي بأوغندا، فقد المؤسس المشارك لبرنامج Upcycle Africa، جونماري كافوما، جدّته عندما انهار منزلها بسبب الفيضانات الناجمة عن انسداد قنوات تصريف النفايات البلاستيكية، حسبما ذكره توبهام.
وتقوم المؤسسة الاجتماعية Upcycle Africa الآن بجمع الزجاجات البلاستيكية واستخدامها كمواد بناء في مستودعاتها، ما يخفّف من مشكلة التلوث مع توفير منازل جديدة.
ورغم نظرتهم الإيجابية، يقر مؤلفا الكتاب بأن تنفيذ الأفكار المطروحة في المؤلف قد يشكل تحديًا.
ويقول توبهام: "بمجرد أن تبتعد عن (طرق البناء النموذجية)، يصبح من الصعب العثور على الأشخاص الذين يقومون بذلك، وتصبح عملية باهظة الثمن بشكل لا يصدق أو تستغرق وقتًا طويلاً حقًا".
ومع ذلك، فإن المؤلفين حريصان على ممارسة ما يدعوان إليه.
وعلى سبيل المثال، تخطّط سميث لإصلاح التدفئة في منزلها بولاية تكساس وتثبيت ألواح شمسية على سطحه.
وتقول سميث إن الاتجاه نحو طريقة أكثر وعيًا للبناء "يعد حقًا حركة عالمية، وهذا في حد ذاته يمنحني الأمل".