دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- بدأت حكاية عائشة جمعة بدفتر وقلم رصاص، وسيلتها الأولى لنقل وجهة نظرها عن العالم من حولها بكل ما فيه من أشكال وألوان وحركات، ترسمها على ورقتها التي تعطيها مساحتها الخاصة والكبيرة للتعبير بحرية.
الفنانة التشكيلية الإماراتية تحدثت لموقع CNNبالعربية عن رحلتها فقالت: "كان تعبيري بالرسم أقوى من تعبيري بالكلام، فكنت بعد الانتهاء من قراءة الكتب التي يعطين إياها أخواتي، أبدأ بنقل جميع الرسومات الموجودة في الكتاب".
وأضافت جمعة: "في عمر الـ12 عامًا، بدأت تجذبني قدرة فن الكاريكاتير في الصحف الرسمية على التعبير، لذا بدأت برسمه وكانت رسوماتي سياسية عن القضية الفلسطينية والحرب اللبنانية، وحينها قمت ببعض المقابلات الصحفية كوني أصغر رسامة كاريكاتير عربية".
وكان الداعم الأساسي لجمعة أخواتها اللواتي اكتشفن موهبتها، ووالدتها التي شجعتها على السفر لترى العالم وتوسع مداركها، وتزيد من محصولها العلمي والمعرفي، الأمر الذي يشكل برأيها أهم سلاح للإنسان ليقف على قدميه ويستقل بنفسه.
وأوضحت جمعة أنه "في مرحلة الدراسة الثانوية كنت أمام خيارين إما دراسة العلوم التي كنت أحبها وأتفوق فيها أو الفن الذي اخترته لأنه يمنحني حرية التعبير والاختيار.. وتركت عائلتي لنا مطلق الحرية في تحديد مسار حياتنا كما نشاء، كما كان أهلي على ثقة أنني سأترك بصمة في هذا المجال، لذا اخترت السفر ودراسة الفنون الجميلة في القاهرة التي كانت مفتاحاً بالنسبة لي لجميع أنواع الفنون من مسرح وأدب وموسيقى وغيرها".
وبعد عودتها من العاصمة المصرية القاهرة إلى دولة الإمارات، واجهت جمعة بعض التحديات، لافتة إلى أنه "بعدم وجود الانترنت وقتها كان من الصعب التعرف على الحركة الفنية حول العالم، وبحكم دراستي في القاهرة كنت مطلعة فقط على الفن العربي، كما أن جمهور الفن كان محدود جدا، حتى الصحافة الفنية هي نفسها لذا لم يكن هناك نقد فني بناء لأننا نطرح المواضيع ذاتها. وبالنسبة لي حينها كفنانة شابة كنت ما زلت أبحث عن دوري الفني وصوتي المميز لكن لم يكن أمامي مساحة كافية للتطور أو مصادر للإلهام".
كما واجهت جمعة تحديات في تخصصها بفن النحت غير المنتشر حينها كثيراً في العالم العربي، خاصة أنها كانت مهتمة بشكل خاص بنحت جسد الإنسان الذي هو برأيها أهم لغة للتعبير، الأمر الذي كان مرفوضًا اجتماعيًا.
وتذكرت الفنانة التشكيلية الإماراتية حادثة أثرت في حياتها وطريقها الفني، قائلة: "في أحد المعارض جاء شخص وقال لي أعذريني يا عائشة لكنني لا أستطيع اقتناء أي شيء من فنك لأنني لا أفهمه.. ومنذ ذلك الوقت لا أنسى هذه الجملة".
وأضافت: "لكن بالنسبة لي هناك رابط كبير بيني وبين النحت، واليوم نَمَت الحركة الفنية بشكل كبير، وأصبح هناك دعم حكومي ومؤسسات ضخمة تدعم الفن والفنانين، لذا أصبح التحدي اليوم يكمن القدرة على حسن الاختيار في الفن الذي ندعمه ونقدمه".
وتحاول جمعة من خلال الفن الذي تقدمه خلق مساحة للمشاركة والتعبير، إذ رأت أن النحت لديه القدرة على مساعدة الناس في التواصل مع الفضاء من حولهم، وبالتالي تفريغ الطاقة والعلاج النفسي.
وتعتبر الفنانة الإماراتية التشكيلية أن "النحت يتمتع بخامات مختلفة، فمثلاً الطين يعطينا فرصة للتواصل مع الأرض بشكل مباشر وحتى أنه يدخل في العلاج النفسي لأنها يتفاعل مع الإنسان بشكل كبير، وكذلك الخشب الذي يجعلنا على تواصل مع الطبيعة".
وأشارت قائلة: "مع الوقت تحولت أعمالي من نحت قطعة فنية إلى التركيب، بحيث أحول القطعة الفنية من واحدة تُرى بالعين المجردة إلى مساحة تُعاش، وتُختبر، ويمكن التفاعل معها والمشاركة في بنائها حيث يصبح الجمهور بمثابة جزء من العمل".
وسلطت جمعة الضوء على إظهار سلوكيات الرجل كأب يحتضن أطفاله أو يلعب معهم، كما ركزت على قوة المرأة وقدرتها على الاحتواء والعطاء، ومؤخراً أصبحت أعمالها تركز على الفرق بين الذات والنفس لتناقش مستويات الوعي المختلفة عند الإنسان.
ورأت الفنانة الإماراتية الشتكيلية أن "هذا المجال مناسب جداً للمرأة، لأنه يحتاج إلى الكثير من العاطفة والحس المرهف وعلاقة مع الجمال والمشاعر بشكل مباشر، وهي كلها عوامل موجودة لديها بالفطرة".
وشددت في الختام قائلة: " المرأة لديها القدرة على التعمق بذاتها واكتشافها من خلال الفن".