دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- على امتداد مسيرتها القصيرة والجذريّة في الوقت عينه، قامت الفنّانة البلجيكيّة، إيفلين أكسيل، بتبجيل الجسد الأنثوي وإبرازه بألوانٍ زاهية.
ووجدت أكسيل السعادة في الدلالات المزدوجة، فقد يبدو عملها الفنّي الأكثر شهرة لامرأة تلعق المثلّجات كإعلان يزيّن الجدران، أو مشهدًا إباحيًا جريئًا.
وتدرّبت أكسيل، التي تحوّلت من ممثّلة شابة إلى فنّانة "بوب"، على يد الفنّان السّريالي الشّهير، رينيه ماغريت.
لكنّ المسيرة المهنية لهذه الفنانة الشابة توقّفت بشكلٍ مفاجئ.
في عام 1972، وبعد بضعة أعوام فقط من الرّسم، فارقت الفنّانة الحياة بحادث سيّارة، وخفت وهجهها نسبيًا. فقط في العقد الماضي، عندما أعاد القيمون الفنيون النظر بحركة فن البوب وذهبوا أبعد من الفنانين الذكور المشهورين، مثل آندي وارهول وروي ليشتنشتاين وريتشارد هاميلتون، برزت أكسيل كواحدة من نساء عديدات اخترن وسائط الاتصال الجماهيري للعمل مع البنى الاجتماعية والسياسة في ستينيات القرن الفائت.
وقالت أمينة "متحف بروكلين"، كاثرين موريس: "إذا طلبت من أي شخص تقريبًا ذكر اسم فنّانة بوب، فيحتمل أنّ تقع على تعابير مرتبكة".
وفي عام 2011، استضاف المتحف معرضًا متنقلاً يُدعى "Seductive Subversion: Women Pop Artists, 1958–1968". وتضمّن المعرض الجماعي أعمال أكسيل، ومعاصريها، وبينهنّ بولين بوتي، وكريسا.
وتابعت موريس الحديث قائلةً: "(إذا) كانت فترة ظهور فنّانات البوب بعد ذلك بعامين، فربما كنّا أكثر وعيًا". ولفتت إلى أنّ "السبعينيات كانت بمثابة نقطة تحول للفنانات في أعقاب الموجة النسوية الثانية". وتابعت أن "مجموعة النساء اللواتي نقلن حيثيات هذا العقد تم تجاهلهن بشكل كبير".
ومنذ إقامة معرض "Seductive Subversion"، الذي عُرِض لأوّل مرّة في جامعة الفنون بفيلادلفيا، أصبحت أعمال أكسيل جزءًا من مجموعة من العروض الجماعيّة البارزة التي تتّخذ نظرة أكثر شمولاً لفن البوب، وتحرص على وضع النّساء في المقدّمة.
وفي عام 2021 ، حقّقت الفنانة إنجازًا مهمًا بعد وفاتها، حيث أضاف متحف الفن الحديث في نيويورك لوحة "Axell-ération" إلى مجموعته.
ولكن لا تزال المعارض الفرديّة والمنظّمة من قِبَل المؤسّسات قليلة ومتباعدة، وربما يعود ذلك جزئيًا إلى أعمالها المحدودة.
ومن المتوقّع أن تصنع لوحتين لها التّاريخ في دار "كريستيز" للمزادات، وذلك أثناء أوّل عمليّة بيع كبيرة لأعمالها في نيويورك.
ومن المتوقّع أن تتجاوز قيمة لوحة "Paysage" الرّقم القياسي الذي حقّقته في عام 2017، والبالغ 140 ألف دولار، وقد تقترب كلفة لوحة "L’Amazone" من 120 ألف دولار.
لكن مثل هذه المبيعات لأكسيل نادرة، وفقًا لسارة فريدلاندر، نائبة رئيس دار كريستيز لفن ما بعد الحرب والفن المعاصر. وفي حديث لها مع CNN قالت فريدلاندر: "لقد أنجزت القليل من اللوحات، كانت تبلغ من العمر 37 عامًا عندما توفيت"، لافتة إلى أنه "نوعًا ما، ليس لدى السوق ما يكفي لمعرفة ما يجب فعله معها. هذه (اللوحات) خاصة جدًا ونادرة جدًا".
إرث غير مُكتمل
وشهد العقد الذي تبع وفاة أكسل ظهور عدد من الفنّانات اللواتي عبّرن عن الجنسانيّة الأنثويّة بلا خجل، ورسمن وصوّرن أجسادهن.
وآمنت فنّانات مثل جوان سيميل، ومارلين مينتر، بضرورة شمل النسويّة للتّمكين الجنسي، ولكنهنّ واجهن الانتقادات لقيامهنّ بذلك.
وأوضحت موريس: "تعرّضت الفنّانات النسويّات اللواتي برزن في السبعينيّات، والثمانينيّات، والتسعينيّات من القرن الماضي للانتقادات من النسويّة الأرثوذكسيّة لاستعانتهن بحياتهنّ الجنسيّة، وأجسادهنّ، وجمالهنّ الخاص".
وربما كانت أكسيل جزءًا من هذه الموجة الحاسمة، ولا يزال القيّمون الفنيّون والخبراء يحلّلون أفكارها النسويّة، والعالم الساحر الذي وضعتهم فيه.
وبدلاً من ذلك، أخفت الفنّانة هويتها، ووقّعت على أعمالها باسمها الأخير فقط بعد استهزاء نقاد الفن الذّكور بها، وفقًا للمعرض في متحف "سوش". نهجها الأسلوبي قائم على مزيج من تأثيرات فن البوب والبيئات السريالية الحالمة، ما برح غير معترف به، وفقًا لموريس.
وأكّدت موريس أنّ الفنّانة "كانت بمثابة حلقة وصل تاريخيّة (بين السرياليّة وفن البوب)". ثمّ أضافت: "أعتقد أن هذا أمر لم يتم استكشافه بشكلٍ كبير".