دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- أُقيم عرض أزياء "شانيل" للملابس الجاهزة لخريف وشتاء عام 1991 في العاصة الفرنسية باريس، إلا أن روحه كانت تنبعث مباشرة من شوارع مدينة نيويورك الأمريكية.
ومع حضور قرابة ألف متفرج، من بينهم الممثل الأمريكي سيلفستر ستالون، يحدقون بإطلالات عارضات الأزياء الجريئة، مثل كارين مولدر التي ارتدت الجلد أسود بينما زيّن خصرها بطبقات من سلاسل ذهبية شكلت تنورة متلألئة، وهيلينا كريستنسن ارتدت بدلة داخلية سوداء شفافة.
ومع قبعة بيسبول ذهبية، ارتدت عارضة الأزياء ليندا إيفانجيليستا سترة باللون الأزرق الملكي، لكن الأكسسوارات الباهظة من السلاسل الذهبية التي زيّنت رقبتها، كانت محط الاهتمام.
تصادمت أزياء الشارع مع التصاميم البرّاقة في مجموعة متنوعة على منصة عرض الأزياء. كانت هناك قبعات بيسبول من الجلد تُرتدى بالعكس ، وسترات مزخرفة باللؤلؤ بعبارة "شانيل" على الظهر، والجينز الممزق، والسترات المبطنة.
وأضاف الجينز لمسة شبابية، في حين أبقت البدلات الجريئة وأغطية الثدي المصنوعة من ورود الكاميليا للدار على الإثارة قليلاً.
ما سيصبح معروفًا شعبيًا بمجموعة "الهيب هوب" لشانيل بات لحظة تاريخية، وبمثابة ذروة ترحيب الملابس الفرنسية الجاهزة بثقافة الهيب هوب في عقر دارها.
ولاحظت مجلة "فوغ" أن "لاغرفيلد كان استفزازيا بشكل متعمد، حين أخذ عرض أزياء شانيل الخاص به إلى حافة هاوية فن الشارع والفانك"، بحسب ما ذكرت روز ماري برافو، الرئيسة التنفيذية لمتجر I. Magnin & Co التاريخي في ذلك الوقت.
وتابعت: إنها شبابية وملونة، مستوحاة مباشرة من ساحة الموضة في الشوارع".
ورغم تبجيله لدار "شانيل"، كان لاغرفيلد صاحب رؤية خاصة به.
وقال: "إن فكرة احترام شانيل وعدم المس بها تعتبر مزحة. ليس لدي احترام لأي شيء. في عالم الموضة، عليك أن تكون قاسيًا. وفي كل عقد من الزمان، هناك طريقة لإعادة شانيل إلى خريطة الموضة".
وكانت شانيل تمثّل العلامة الأوروبية الفاخرة المطلقة، لكن المصممين المبتكرين كانوا انتبهوا لثقافة الهيب هوب في مطلع تسعينيات القرن المنصرم.
وفي أبريل/ نيسان عام 1991، احتفى غلاف مجلة Women's Wear Daily على غلاف يحتفل بـ"هجوم الراب" مع المصممين الأمريكيين إسحاق مزراحي، وشارلوت نوفيل، وأدريان فيتاديني، وراندولف ديوك، ونورما كمالي.
حذت مجلة W ونيوزويك حذوها، حيث قامتا باستخدام مصطلحات مشفرة عنصريًا لوصف هذا الاتجاه.
وعرض البريطانيان كاثرين هامنيت وريفات أوزبيك مجموعات من الأحذية الرياضية والبدلات الرياضية، والسترات ذات القلنسوة كبيرة الحجم، والمطبوعات ذات الطابع الأفريقي المشابهة لتلك التي ارتدتها في ذلك الوقت مغنية الراب والممثلة الأمريكية كوين لطيفة.
وقال المصمم الأمريكي، إسحاق مزراحي، في مقابلة مع مجلة Women's Wear Daily: "الأشخاص الأكثر أناقة هم فتيات وفتيان الحي".
وليس واضحًا إذا كان المزراحي وأمثاله يقدرون ثقافة الهيب هوب أم أنهم ينظرون إليها على أنها استحواذ على المال.
وقال مزراحي حينها: "إن كل عصر لديه شيء من التيار الخفي لبعض الثقافة العرقية التي تؤثر عليه وتمنحه الحركة".
وكانت الثقافة مفهومًا شموليًا، وكان تحليل عناصرها "الرائعة" بغض النظر عن الأشخاص ذوي البشرة السوداء، ما جعلها أمرًا مريحًا للغاية.
وقال مزراحي: "كان علينا أن ننظر إلى ثقافات السود لتعطينا بعض الأدلة حول هذا الأسلوب".
وأضاف "نحن نأخذ هذه الأساليب ونحسّنها ونمنح العملاء أكبر قدر ممكن من الجرعة التي يمكنهم التعامل معها، وندخل القليل من الفوضى إلى حياتهم".
كما تردد مفهوم من نقاد الهيب هوب والأزياء السوداء حول إذا كان هذا الاتجاه احتفاليًا أم متطفلا.
وكانت صحيفة نيويورك تايمز قاسية تجاه عروض عام 1991 في مدينة نيويورك، إذ قالت "أسلوب موسيقى الراب في الشوارع، مع خليط من المجوهرات والإشارات الساخرة إلى آخر صيحات الموضة، على سبيل المثال، قمصان وقبعات بائعي الشوارع من غوتشي ولويس فويتون. هي بالفعل شكل من أشكال السخرية من الموضة".
وأضافت: "على منصة العرض، إنها مجرد مزحة".
كان هناك تحيز، ضمنيًا أو ظاهريًا، واعتبرت مؤسسة النقاد والبيض أن ثقافة الهيب هوب هي صورة كاريكاتورية غبية، استنادًا إلى معاييرهم العليا.
وسواء كان التوقيت سيئًا أم لا، فقد أدّى ذلك إلى تحسين أسلوب الهيب هوب رسميًا.