عمان، الأردن (CNN) -- قبل 15 عاما، بدأت الطبيبة اللبنانية مرفت السباعي العمل على أبحاث الخلايا السرطانية ، قبل أن تصبح إحدى الباحثات الشابات اليوم، الحائزات على جائزة مؤسسة عبد الحميد شومان للباحثين العرب وهي في سن الأربعين، لتكون من بين 11 فائزا كرمتهم المؤسسة الأحد لدورة العام 2016 .
وعلى مدار سنوات الجائزة التي انطلقت في العام 1982، حظيت السيدات لدورة العام 2016 بحصة أكبر من سنوات سابقة، حيث بلغ عددهن 5 فائزات، ورغم ذلك تبلغ نسبة النساء اللواتي فزن بالجائزة حتى اليوم نسبة 8 في المائة، مقابل 92 في المائة للذكور، وفقا لبيانات شومان الإحصائية.
السباعي التي لم تخف دافعها في حديثها لموقع CNN بالعربية وراء البحث مطولا في مرض السرطان بعد أن توفيت والدتها باللوكيميا ، معتبرة أن معيقات البحث العلمي أمام النساء في العالم العربي، تتركز في تمويل البحوث بالدرجة الأولى، وليس بالقيود الاجتماعية الجندرية التي قد يعتقدها البعض، على حد قولها.
ولتحفيز الباحثين العرب على المزيد من البحث العلمي، أطلقت مؤسسة شومان عبر رئيس مجلس إدارتها رجل الأعمال صبيح المصري، بمناسبة مرور 35 عاماً على إطلاق جائزة الباحثين العرب، مبادرة جديدة حملت اسم "مجتمع شومان للبحث العلمي والابتكار" كمنصة جديدة للبحث العلمي، وخُصصت لها جوائز بقيمة مليون دينار أردني ابتداء من العام 2018، في حقول جديدة هي التكنولوجيا الزراعية، وحلول التعليم، وحلول الانتاجية الاقتصادية والرعاية الصحية والتكنولوجية، والتكنولوجيا الخضراء والاستدامة البيئية .
وجاء إطلاق الجائزة، في الوقت الذي اعتبرت فيه الأميرة غيداء طلال في كلمتها خلال التكريم، أن البحث العلمي والابداع يمر "بأسوأ أحواله" في الشرق الأوسط والعالم العربي والاسلامي، إذ قالت إن "هذا الوضع مؤسف ويدعو إلى القلق".
وفي السياق ذاته، تنوه السباعي التي كابدت لسنوات في المختبرات الطبية لإجراء بحوث حول أثر استخدام مسببات الطفرات والسرطان في مناحي الحياة، في حديثها على ضرورة توجيه دعوة للنساء العربيات للمضي قدماً في مشاريعهن العلمية والعملية دون أن "يخشين" من أن يفوتهن قطار الزواج ، قائلة: "أنا عمري الآن أربعين عاماً وتزوجت قبل عامين فقط، ولا يُوجد عائق أمام النساء المنخرطات في البحث العلمي سوى شح التمويل، وعدم إيلاء البحث العلمي العربي أهمية قصوى."
وأضافت: "لا شيء يحدد المرأة ولا يحد من عملها، منذ أكثر من 15 عاما عملت على سرطان الثدي والآن على أورام المخ والأبحاث جميعها تهدف لإيجاد طرق لمعالجة الخلايا السرطانية دون التأثير على الخلايا الطبيعية."
وفازت السباعي بالجائزة مناصفة مع الدكتور صبري عطية من مصر والاستاذ في جامعة الملك سعود في السعودية، في بحثهما حول المواد المسرطنة أو المستعملة في علاج الأنواع المختلفة من السرطان، عن حقل العلوم الطبية والصحية.
وحصلت مصر على 4 جوائز مقابل 3 جوائز حصل عليها لبنان، فيما حصل الأردن على جائزتين، مقابل حصول تونس والكويت على جائزة لكل منهما.
ونالت الطبيبة سهى كنج من المركز الطبي في الجامعة الأمريكية في لبنان جائزتها عن بحث حول انتشار مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية، بينما نال الدكتور أمين شعبان من المجلس الوطني للبحوث العلمية في لبنان، جائزة عن بحثه حول المصادر المتكاملة للمياه وإداراتها.
وفاز من مصر أيضاً عن حقل العلوم الهندسية الدكتور محمد خليفة من جامعة الفيوم، والدكتورة ياسمين خضري من الجامعة البريطانية في مصر عن حقل العلوم الاقتصادية والادارية، إضافة إلى الدكتورة وفاء حجاج من المركز القومي للبحوث في مصر.
ومن الأردن فاز المهندس رامي ضاهر عن حقل العلوم الهندسية من الجامعة الالمانية الأردنية، والدكتورة نداء سالم من الجامعة الأردنية عن حقول العلوم الزراعية والتكنولوجية.
ومن الكويت فاز الدكتور علي الدوسري من معهد الكويت للأبحاث العلمية عن حقل العلوم الاساسية، ومن تونس، الدكتور محمد العلويني من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا في السعودية.
ويقول ظاهر الذي حاز على الجائزة عن عدة أبحاث متعلقة بالإرث الحضاري للعاصمة عمّان، إن هناك مفاهيم خاطئة حول اعادة ترميم المباني التراثية لأنه ليس متصلا بالمباني القديمة فقط، إنما هناك مفهوم متغير تدّخل في تعريف التراث بما في ذلك عصر الحداثة، وما يحدث "اجترار للماضي" فقط.
ويشير ضاهر لـCNN بالعربية إلى أن هذا النوع من البحوث تفتقر له عّمان بالدرجة الأولى، ومن ثم دول بلاد الشام بالدرجة الثانية، وراى أن حقول البحث العلمي في المجالات الاجتماعية "مهملة" في العالم العربي قياسا على حقول العلوم الطبية والتكنولوجية.