دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يبدو العالم وكأنه مكان مخيف خلال هذه الفترة بسبب وضع فيروس كورونا، ولكن قد تساعد دراسة علم الحفريات التي نشرت مؤخراً في وضع الأمور في نصابها الصحيح.
وتكشف مراجعة لـ100 عام من الأدلة الأحفورية عن أنه قبل 100 مليون عام، يمكن القول إن جزءاً من الصحراء الكبرى كانت أخطر مكان على كوكب الأرض، حيث تجمعت الديناصورات المفترسة الكبيرة التي لا يوجد لها مثيل في أي نظام بيئي بري معاصر.
ويظهر تحليل الحفريات من التشكيل الحجري "كمكم"، الذي يقع في جنوب شرق المغرب بالقرب من الحدود الجزائرية، ويعود تاريخه إلى العصر الطباشيري، وجود الديناصورات آكلة اللحوم على نطاق واسع في منطقة، بالإضافة إلى الزواحف المفترسة، جميعها تعيش معاً فيما كان في ذلك الزمان نظاماً نهرياً يعج بالأسماك الضخمة، بدلاً من الصحراء.
وجابت الكائنات الموجودة في منطقة "كمكم" سطح الأرض قبل حوالي 95 مليون عام من ظهور البشر الأوائل على هذا الكوكب، ولكن "إذا كان لديك آلة زمن يمكنها أن تعيدك إلى هذا المكان، فمن المحتمل أنك لن تصمد طويلًاً" وفقاً لما قاله المؤلف الرئيسي للدراسة، نزار إبراهيم.
وأوضح إبراهيم لـ CNN أن النظام البيئي "كمكم" كان يعد بمثابة "مكان غامض من الناحية البيئية"، إذ أن النظم البيئية النموذجية تقدم عدداً أكبر من الحيوانات الآكلة للنباتات أكثر من الحيوانات المفترسة، وأن الحيوانات المفترسة تأتي بأحجام متنوعة، مع وجود حيوان مفترس مهيمن وأكبر حجماً.
وفي "كمكم"، تفوق حفريات الحيوانات المفترسة تلك الموجودة للديناصورات آكلة النباتات، كما أن العديد من الحيوانات المفترسة التي تعيش معاً في المنطقة، مثل ديناصور كاركارودونتوصور ودلتادروميوس، كانت كبيرة بحجم نوع الديناصورات تيرانوصور.
ويعد هذا أمراً غير معتاد "حتى بالنسبة لمعايير الديناصورات"، وفقاً لإبراهيم، لأن نوع تيرانوصور، والذي وجد في أمريكا الشمالية بعد عشرات الملايين من السنين، كان بمثابة "الحاكم بلا منازع لنظامها البيئي القديم".
ومن غير المحتمل أن تكون الحيوانات المفترسة الكبيرة في "كمكم" قد أكلت بعضها البعض. وبالنسبة إلى إبراهيم، تتمثل النظرية الأكثر واقعية في أنها تغذت على الأسماك الوفيرة الموجودة بالمنطقة، وسمك المنشار الذي يمكن أن يصل طوله إلى 25 قدماً.
وتعد دراسة منطقة "كمكم" التي أجراها إبراهيم مع مجموعة من الباحثين الدوليين في أنحاء الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وأوروبا وأفريقيا تلفت الانتباه إلى أهمية معرفة المزيد عن علم الحفريات في أفريقيا، من بين مناطق أخرى في نصف الكرة الجنوبي.
القارة المنسية
وقال إبراهيم إن "أفريقيا تظل، من نواحٍ عديدة، قارة منسية في علم الحفريات، وتعالج هذه الدراسة هذا الأمر".
وعلى الرغم من اختلاف إمكانية الوصول إلى الأدلة ودرجة الحفاظ عليها في القارة الأفريقية، إلا أنه لا يزال هناك الكثير لاكتشافه في أفريقيا.
وتظهر دارسة منطقة "كمكم" أن النظم البيئية الأفريقية "لا تكرر ببساطة الأنظمة التي نعرفها في أمريكا الشمالية، أو أوروبا أو غيرها من الأماكن المعروفة"، كما أنها تكشف عن أدلة حول ما يحدث للحياة عندما تطرأ عليها تغيرات كبيرة في المناخ.
وتظهر الأدلة في طبقات الصخور، في تشكيل "كمكم" الحجري، أن نظام النهر، حيث نشأت الحيوانات المفترسة والأسماك الكبيرة، أصبح في النهاية مغموراً بمياه البحر، مما حول المنطقة إلى بحر ضحل، واليوم هذه المنطقة ذاتها تقع في أكبر صحراء حارة في العالم.
وأشار إبراهيم إلى أن علم الحفريات يمكن أن يساعدنا في فهم "العواقب طويلة المدى لفقدان التنوع البيولوجي، الأمر الذي نشهده في الوقت الحالي".