دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- بالنسبة لمعظم الأشخاص، تعني جائحة فيروس كورونا المستجد خيارات سفر أقل، ولكن لا ينطبق الأمر على العائلات الفاحشة الثراء، التي تستخدم أموالها بشكل متزايد لعبور الحدود.
وهذا هو عالم الهجرة بالاستثمار لدى النخبة، وفيه، لا تعتمد طلبات جواز السفر على عوامل مثل الجنسية والمواطنة، بل على الثروة، ومدى استعداد المرء للتنقل حول العالم.
وتُعد هذه البرامج التي يُشار إليها بالمواطنة بالاستثمار، أو "CIP"، صناعة نامية، إضافةً إلى ترتيبات الإقامة عن طريق الاستثمار، والتي تُعرف بـ"التأشيرات الذهبية".
وعلى مر العقد الماضي، كانت الدوافع الأساسية للمشاركين في برامج المواطنة بالاستثمار حرية التنقل، والمزايا الضريبية، وتعليم أفضل، والحريات المدنية.
ولكن، أصبحت النخبة تفكر أيضاً بعوامل مثل الرعاية الصحية، والاستجابة للجوائح في ظل جائحة فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19".
خطة احتياطية
وقال رئيس "هينلي وشركاءه" في آسيا، دومينيك فولك، لـCNN: "يرغب الأشخاص حقاً في بوليصة تأمين لجنسية بديلة تمنحهم خطة بديلة".
وأضاف فولك: "إنهم قلقون أيضاً بشأن الرعاية الصحية، والاستعداد للجوائح لأنه قد لا تكون هذه الجائحة الوحيدة في حياتنا بالطبع".
وتعتقد الشركة أن الارتفاع الأخير في الاهتمام ببرامج المواطنة بالاستثمار قد يكون مرتبطاً بفيروس كورونا، والمخاوف الصحية.
وسجلت الشركة زيادة بنسبة 49% على أساس سنوي في الاستفسارات بين يناير/كانون الثاني، ويونيو/حزيران من عام 2020.
وزاد عدد الأشخاص الذين تقدموا بطلباتهم بعد الاستشارة بنسبة 42% عند مقارنة الربع الأخير من عام 2019 بالربع الأول من عام 2020.
مونتينيغرو في الصدارة
وعندما يأتي الأمر لبرامج مواطنة محددة، تُعد مونتينيغرو وقبرص الخيارات الأكثر شعبية، إذ ارتفعت الطلبات الجديدة بنسبة 142%، و75% على التوالي في الربع الأول من عام 2020 مقارنةً بالربع الرابع من عام 2019.
وإلى جانب ذلك، يهتم الأثرياء أيضاً بقبرص ومالطا لأنهما يمنحان مقدم الطلب وعائلته وصول واستيطان غير محدود في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي، وفقاً لفولك.
وهناك طلب مرتفع على برامج الإقامة في أستراليا ونيوزيلندا، ولكن لسبب آخر، وهو إدارة الأزمات.
وقال فوليك: "احتلت نيوزيلندا الصدارة فيما يتعلق بكيفية تعاملها مع الجائحة، مقارنةً ببعض الوجهات الأكثر تفضيلاً عادةً مثل المملكة المتحدة أو الولايات المتحدة".
استثمار قيمته 6.5 مليون دولار
ويمكن للعائلات ذات الثروات الفائقة المشاركة في برامج الإقامة، ويكلف برنامج أستراليا 1 مليون إلى 3.5 مليون دولار، بينما يكلف البرنامج في نيوزيلندا 1.9 مليون إلى 6.5 مليون دولار.
وتغير عملاء المواطنة بالاستثمار، إذ أظهر الأمريكيون، والهنود، والنيجيريين، واللبنانيون أكبر زيادة من بين مقدمي الطلب على مدار الأشهر التسعة الماضية.
درس عن الهجرة بالاستثمار
وتُقدم برامج الهجرة بالاستثمار الإقامة أو الجنسية مقابل استثمار كبير في اقتصاد الدولة، ويكون ذلك على شكل عقارات، أو خلق فرص عمل، أو تطوير البنية التحتية، أو سندات حكومية.
وتم توفير أول برنامج مواطنة بالاستثمار في عام 1984 من قبل جزيرتي سانت كيتس ونيفيس، وهما دول جُزرية في منطقة البحر الكاريبي.
واعتماداً على البلد الذي يختاره المُتقدم، قد تكلف هذه البرامج 100 ألف دولار في أنتيغوا وبربودا، أو 250 ألف دولار في سانت كيتس ونيفيس، أو 280 ألف دولار في اليونان، و380 ألف دولار في البرتغال، و1.1 مليون دولار في مالطا، و2.4 مليون دولار في قبرص.
معارضات على "التأشيرة الذهبية"
ويجادل أنصار برامج المواطنة بالاستثمار أن هذه البرامج مربحة للجانبين، فهي تمكن المتقدمين بضخ الاستثمارات إلى البلدان النامية.
وفي الوقت ذاته، يتمكن الفرد من تنويع أصوله، مع التمتع بحرية أكبر في التنقل، ونمط حياة أفضل، والاستمتاع بالطمأنينة في وقت الأزمات.
ولكن، يشير بعض الخبراء أن الأمر ليس بهذا الوضوح.
وفي عام 2018 على سبيل المثال، انتقدت منظمة الشفافية الدولية، وهي عبارة عن تحالف عالمي ضد الفساد، مخططات المواطنة والإقامة بالاستثمار في مالطا، وقبرص، والبرتغال، وإسبانيا بحجة أنها "تبيع الوصول إلى منطقة شنغن التي لا تحتاج إلى تأشيرة، إضافة إلى الجنسية الأوروبية، إلى مستثمرين أجانب مع القليل من التدقيق، والشفافية، والعناية الواجبة".
وقالت محللة السياسات المشاركة في البرنامج الدولي التابع لمعهد سياسة الهجرة، كيت هوبر لـCNN إن برامج المواطنة بالاستثمار غالباً ما تُثير الشكوك لأن بعض الحكومات لا تكشف عن إجراءات العناية الواجبة.
وقالت هوبر لـCNN في عام 2017: "أثارت العديد من التقارير مخاوف بشأن مدى فعالية هذه العمليات في فحص الأشخاص، واستئصال الأموال القذرة".
وذكر أستاذ الاقتصاد الدولي والأخلاق في جامعة دنفر، جورج ديمارتينو، سابقاً لـCNN: "تهدد برامج كهذه من إضعاف الأخوة السياسية عبر منح امتيازات خاصة لمن يتمتعون بامتيازات بالفعل"، وأضاف: "البرامج ليست سبب عدم المساواة، ولكنها تضخمها".