دبي، الإمارت العربية المتحدة (CNN)-- بمجرد أن تطأ قدمك دير الأنبا سمعان الخراز في القاهرة، فقد لا تصدق ما تراه عيناك من مشهد تصميمه المعماري المبهر، والذي نُحت في قلب صخور جبل المقطم، ليصبح علامة بارزة في منطقة مصر القديمة ومحط أنظار السياح، التي تزوره للتمتع بجماله وبأصالة معماره.
ويقع دير الأنبا سمعان الخراز بالمقطم بمنطقة الأباجية في قلب القاهرة الفاطمية، بحسب الموقع الرسمي لوزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري المصرية.
ويقول المصور المصري، أحمد عبد التواب، لموقع CNN بالعربية، إنه قرر زيارة دير سمعان خراز من أجل توثيقه بطريقة تبرز جماله وانغامسه مع الطبيعة المحيطة به.
ورغم طبيعته الفريدة من نوعها في مصر، فإنه لا يعرف بوجود هذا الدير الكثير من الأشخاص، ما حفز عبد التواب على التعريف بتاريخ المكان عبر منصات التواصل الاجتماعي، وفقاً لما قاله.
ويعد دير الأنبا سمعان الخراز، الذي يمتد على مساحة ألف متر تقريباً، بمثابة "جوهرة معمارية" في قلب الجبل، الذي يستقطب العديد من السياح لزيارته و"رؤية الجبل الذي نُقل من مكانه"، وفقاً للموقع الرسمي لوزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري المصرية.
ويتألف دير الأنبا سمعان الخراز من أربعة كنائس وهي "كاتدرائية السيدة العذراء والقديس سمعان الخراز، وكنيسة الأنبا إبرام بن زرعة السرياني، وكنيسة مار مرقس وقاعة القديس سمعان الخراز التي تتسع لألفي شخص، وكنيسة الأنبا بولا أول السواح".
وتعود تسمية الدير نسبةً إلى "أحد قديسي الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، ويدعى سمعان الخراز، والذي يعرف كذلك باسم الدباغ، وهو رجل قبطي صالح، امتهن دباغة الجلود وإصلاح الأحذية، وعاش في زمن الخليفة المعز لدين الله الفاطمي"، حسب موقع وزارة التخطيط.
و"تحكي أسطورة، أنه كان للخليفة المعز لدين الله الفاطمي وزيراً يهودياً يعادي المسيحيين بشدة، وفي إحدى الجلسات الأدبية التي كان يعقدها الخليفة، حضر بطريرك الأقباط، إبرام بن زرعة السرياني، ومعه مجموعة من الأساقفة، يتباحثون فيها مع اليهود أمور الدين، وخلال الجلسة اتهم أحد الأساقفة اليهود بالجهل، ما أثار غضب الوزير اليهودي وأثرها في نفسه وقرر الرد على المسيحيين"، بحسب ما ذكر في موقع الوزارة.
و"بحث الوزير اليهودي حتى وجد آية في العهد الجديد من الكتاب المقدس تقول: (لو كان لكم إيمان مثل حبة خردل لكنتم تقولون لهذا الجبل انتقل من هنا إلى هناك فينتقل، ولا يكون شيء غير ممكن لديكم)، وذهب الوزير وعرضها على الخليفة، وكان الخليفة يرغب في التخلص من الجبل الكائن شرق القاهرة، أي جبل المقطم، فراقه الاقتراح"، وفقا لموقع وزارة التخطيط المصرية.
و"بعث الخليفة لبطريرك الأقباط يعلمه بطلب تحريك الجبل لإثبات صحة الآية وأمهله 3 أيام، فقامت الكنيسة كلها بالصوم والصلاة خلال تلك الفترة، وفي صباح اليوم الثالث ظهرت مريم العذراء للبطريرك، وأخبرته أن يخرج ليرى رجلاً يحمل جرة مياه سيكون هو المختار لإتمام المعجزة، وبالفعل توجه البطريرك لتنفيذ ما أخبرته به العذراء، وأثناء ذلك وجد إسكافي يُدعى سمعان الخراز وأخبره بتلك المهمة، ووفقاً للأسطورة تمكن الخراز من نقل جبل المقطم من شرق القاهرة حتى مكانه الحالي، بعد حدوث زلزلة رهيبة وتحرك الجبل ليظهر في منطقة المقطم الحالي".
وترجع فكرة بناء الدير "عقب اكتشاف المغارة التي دفن بها القديس سمعان في عام 1974، من قبل بعثة من علماء الآثار القبطية الذين تمكنوا من العثور على مقبرة بها هيكل عظمي يُعتقد أنه يعود لسمعان الدباغ، ورسم لصورة البطريرك وبرفقته رجل أصلع يملأ جرتي مياه، وقد أرجح العلماء أن الرجل هو سمعان الخراز، كما وجدوا وعاءاً نادراً يرجع تاريخ صناعته لما يزيد عن ألف عام، وأرجح العلماء أنه الوعاء الذي كان يستخدمه الخراز لنقل المياه لبيوت الفقراء"، بحسب موقع وزارة التخطيط.
ويضم الدير كافة الاكتشافات التي وجدت في قبر سمعان الخراز، بالإضافة إلى لوحات جميلة نحتت في صخور جبل المقطم العاتية، والتي تتناغم مع الفن المعماري المميز الذي بٌنى به الدير.
وقد بُني الدير بشكل تدريجي، بسواعد أبناء "حي الزبالين" بالمقطم، الذين نقلوا أكثر من مليونين ونصف المليون حجر لبناء الدير، واستمر العمل على بنائه حتى وصل لشكله الحالي، بحسب موقع وزارة التخطيط المصرية.