دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- بعد رحلة بحث استمرت 20 عاماً تقريباً عن ثمرة اعتقد الكثيرون أنها قد انقرضت من الوجود، عثر الزوجان، آدي وجود شونماير، على شجرة شبه ميتة يتدلى من آخر فروعها المتبقية بعض ثمار التفاح.
وتعد زراعة الفاكهة في كولورادو مهمة ليست سهلة، حيث تتسبب الارتفاعات العالية، وتقلبات درجات الحرارة الشديدة في فصلي الربيع والخريف بمشاكل للمزارعين الذين يحاولون زراعة التفاح، والخوخ، والكمثرى، والكرز والخوخ في "الولاية المئوية".
ولكن على الرغم من الهواء الرقيق، والصقيع المتأخر، وقلة الأمطار، ووفرة الجراد، فإن بساتين الفاكهة تزين الوديان في جميع أنحاء الولاية منذ فترة طويلة.
ويوضح جود شونماير، زوج آدي وشريكها في مشروع ترميم بستان مقاطعة مونتيزوما، أنه عندما كان الكثير من الأشخاص يأتون سعياً وراء الذهب خلال حمى الذهب على قمة بايك في أواخر القرن التاسع عشر، أدرك آخرون أنهم بحاجة إلى إطعام عمال المناجم.
ويتابع :"اعتقد الناس أنهم مجانين وسخروا منهم لأنهم ظنّوا أن بإمكانهم زراعة الفاكهة هنا."
وأنشأ الزوجان مشروع الترميم بعد أن اشتريا مشتلًا في عام 2001، وأصبح هدفهما الحفاظ على التنوع الجيني لتفاح كولورادو الأصلي وإعادة تقديم هذه الأنواع في البساتين الحالية.
وتقول آدي: "الحفاظ على التنوع الجيني للتفاح مهم تاريخياً ويوفر مورداً ثميناً للمزارعين والمستهلكين اليوم".
ويضيف جود: "تمثل هذه الأصناف فرصة اقتصادية حقيقية للمزارعين في ريف كولورادو لإعادة البساتين إلى هذه المناطق التاريخية ومنحهم فرصة لكسب عيشهم من الفاكهة الأسطورية عالية الجودة التي كانت ذات يوم سمة مميزة لولايتنا".
أما إحدى تلك الثمار التي كان يأمل الثنائي في الحفاظ عليها هي تفاح كولورادو البرتقالي.
ويشرح جود أنهما شاهدا تفاح كولورادو البرتقالي لأول مرة في أحد المعارض بالمقاطعة، مشيراً إلى أنه عند رؤيتهما للتفاحة، علما بأنها فاكهة غير عادية، ومضيفاً أنه نوع من التفاح معقد بشكل هائل، فهو حلو المذاق ولكن له طعماً لاذعاً قوياً يتماشى مع حلاوته.
وتشير آدي إلى أنهما وثقا أكثر من 400 نوع من أنواع التفاح المزروعة تاريخياً في ولاية كولورادو، وتعد نسبة 50% منها ضائعة الآن، مضيفةً أن تفاحة كولورادو البرتقالية كانت واحدة منها.
وكان يعتقد منذ فترة طويلة أن تفاح كولورادو البرتقالي قد انقرض.
ومن خلال بحثهما للعثور على التفاح المزروع في كولورادو، اكتشف جود وآدي تفاح كولورادو البرتقالي في سجل قديم من معارض مقاطعة مونتيزوما، والذي فاز بالعديد من الجوائز، ولكن لم يكن هناك ما يشير إلى موقع نشأة التفاح.
وفي أواخر القرن التاسع عشر، نمت أشجار التفاح في جميع أنحاء الولاية، من منطقة مترو دنفر، وصولاً إلى الزاوية الجنوبية الغربية البعيدة للولاية في مقاطعة مونتيزوما حيث يعيش الزوجان شوينماير.
ولم يكن لديهما موقع محدد لبدء عملية البحث.
ويوضح جود أن الأمر استغرق منهما عدة أعوام لإدراك حقيقة هذا النوع من التفاح، وأين يمكن إيجاده، ثم حاولا العثور عليه بشكل مجنون.
وبالنظر إلى سجلات البستنة في الولاية، قام الزوجان في النهاية بتضييق نطاق زراعة هذا الصنف لأول مرة في مقاطعة فريمونت، على بعد حوالي ساعتين بالسيارة جنوب دنفر.
وانتهت جميع محاولاتهم بخيبة أمل.
وبعد ذلك، في ديسمبر/ كانون الأول من عام 2017، أثناء إعادة الثنائي لعينات مأخوذة من أشجار أخرى إلى رجل في مقاطعة فريمونت، أراد أن يطلعهما على شجرة أخرى في بستانه، وهي شجرة أخبره حماه ذات مرة أنها شجرة تفاح كولورادو البرتقالي.
وتوضح آدي أن عمر تلك الشجرة وموقع البستان كان بالتحديد ما يبحثان عنه حتى يحظيا بفرصة العثور على هذه التفاحة.
وتصف آدي شكل التفاحة بأنها مضلعة الشكل وأن لونها كان مزيجاً من الأصفر والبرتقالي، ومن الواضح أنها تثمر في أواخر الشتاء.
وجمع الزوجان عدة تفاحات معلقة من تلك الشجرة وبعض ثمارها المتساقطة على الأرض. و تحفظ الزوجان في حماسهما، بعد أن عانا خيبة الأمل من قبل، وتحركا نحو إثبات أنهما وجدا أخيراً ما كانا يبحثان عنه.
وكانت الخطوة التالية للزوجين هي البحث في مجموعة الأعمال الفنية بالألوان المائية "Pomological Watercolor" الخاصة بوزارة الزراعة الأمريكية. ومن بين مكتبتها التي تضم ما يقرب من 4000 لوحة بالألوان المائية للتفاح، كان لدى وزارة الزراعة الأمريكية أربع لوحات لتفاح كولورادو البرتقالي.
وقطع الزوجان التفاح الذي جمعاها وقارنوه باللوحة المرسومة لتفاح كولورادو البرتقالي. ووجدا تشابهاً كبيراً.
ثم أرسل الثنائي عينات الحمض النووي للتفاح والشجرة إلى علماء البستنة في جامعة مينيسوتا لمقارنتها مع أنواع التفاح الأخرى.
وبعد مرور أكثر من عام على رؤية الشجرة لأول مرة، تلقى الثنائي شوينماير النتائج التي نصت على أن التفاحة "فريدة من نوعها، وغير معروفة".
ولم يتطابق التفاح الذي عثر عليه الثنائي في مقاطعة فريمونت مع أي من آلاف الأنماط الجينية للتفاح في قاعدة بيانات الحمض النووي الخاص بالعلماء.
ويقول جود إنه لم يتوفر الحمض نووي لتفاح كولورادو البرتقالي لأنه كان يعتقد أن هذا النوع قد انقرض.
ومع ذلك لم يكن جود وأدي مستعدين لإخبار العالم أن التفاحة المنقرضة لم تنقرض بالفعل، وكانا بحاجة إلى مزيد من الأدلة.
وفي اليوم السابق لوصول نتائج الحمض النووي، تلقى جود وآدى رسالة بريد إلكتروني من أمينة أرشيف في جامعة ولاية كولورادو في فورت كولينز. وكان لديها المفتاح المحتمل لحل لغز تفاح كولورادو البرتقالي.
وتقول ليندا ماير، موظفة أرشيفية في جامعة ولاية كولورادو إنهم علموا بوجود مجموعة من التفاح الشمعي موضوعة في صناديق داخل مكتب أستاذ متقاعد، وكانت من بين التفاحات المدرجة تفاحة كولورادو البرتقالية.
وأدرك الثنائي أن هذه قد تكون اللحظة التي انتظراها طويلاً، ويقول جود: "تمكنا من مقارنة التفاح بالتفاح".
وبعد قضاء 8 ساعات على طريق فورت كولينز للقاء ماير، تمكن الثنائي من رؤية مجموعة التفاحات الشمعية التي صنعت في أوائل القرن العشرين، وقد كلف قسم الزراعة بالجامعة بصنع نسخاً طبق الأصل من الشمع لتفاح الولاية الشهير والحائز على جوائز. وصنعت نماذج ثمار التفاح بدقة وتم ترقيمها كدليل مرجعي.
ومن بين 83 تفاحة عثرت عليها الجامعة كانت رقم 30، هي تفاحة كولورادو البرتقالية. وبمجرد أن تمكن الثنائي من مقارنة النموذج الشمعي بالتفاحة الحقيقية من الشجرة التي عثرا عليها قبل عامين، أصبح بإمكانهما الاحتفال.
وتشير آدي إلى أنهما متأكدان من أنهم وجدا التفاحة المنقرضة بنسة 98%، وهو ما يختم رحلة دامت 20 عاماً حول الولاية المئوية في محاولة للعثور على جزء صغير من تاريخ كولورادو، وإثبات أنه لا يزال موجوداً.
ويؤكد جود أن تفاح كولورادو البرتقالي يعد بمثابة أعظم اكتشاف لهما على الإطلاق.