دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- تختلف أهمية حفلات الزفاف في جميع أنحاء العالم، ولكنها في الهند تُعتبر بمثابة ظاهرة ثقافية.
وغالباً ما يستضيف الأزواج الهنود حفلاتً فاخرة تتسع لمئات المدعوين وتستمر لأيام، وتتميز بارتداء الملابس الملونة والمزخرفة والكثير من الذهب، والذي يعتبر جالباً للحظ.
ويمكن أن تشهد حفلات الزفاف الهندية، ذات الميزانيات الأضخم، احتفاليات تقام داخل قصور مستأجرة، مع وصول العروسان على ظهر الخيل، بالإضافة إلى المسارح المعدة لعروض الرقص.
وتعد حفلات الزفاف الهندية بمثابة فرصة للعائلات للتباهي ولترسيخ مكانتها لدرجة أن قطاع حفلات الزفاف في الهند، الذي يقال إن قيمته تقد بحوالي 50 مليار دولار سنوياً، يعد الآن من بين أكبر القطاعات في العالم.
وتحظى حفلات الزفاف الهندية بشعبية خاصة خلال هذا الوقت من العام، إذ تعتبر أشهر الشتاء مفضلة في التقويم الهندوسي.
ولكن مع انتشار فيروس كورونا في الهند، التي سجلت أكثر من 9.6 مليون حالة إصابة، اضطر الأزواج مثل عائلة جوسي الهندية إلى اتخاذ قرارات صعبة بشأن المضي قدماً بخطط بديلة لإقامة حفل الزفاف أو إلغائه.
وفي البداية، خطط بليسينغ وشيريل جوسي لإقامة حفل زفاف فاخر في ثلاث مدن، والذي كان يفترض أن يستمر لعدة أيام في ولاية هاريانا شمال الهند، قبل السفر إلى جنوب البلاد لإقامة حفلين آخرين برفقة عائلة بليسينغ.
وبشكل عام، كان يتوقع الزوجان حضور حوالي 1000 ضيف.
وتزوج الثنائي أخيراً في نوفمبر/تشرين الأول الماضي، بعد سبعة أشهر من الموعد المخطط له، في حفل صغير حضره 80 ضيفاً من المدعوين المقربين للعروسين فقط. وقد كان بعيداً كل البعد عن حفل الزفاف الفاخر الذي تمناه العروسان.
تكييف حفلات الزفاف
ورغم أن الهند سجلت ثاني أكبر عدد من حالات الإصابة بفيروس كورونا في العالم، إلا أن حفلات الزفاف لا تزال مستمرة، حتى أن بعض الأزواج قدموا موعد حفلات زفافهم، خشية أن يكون عام 2021 أسوأ من العام الجاري.
ولكن مع القيود المتغيرة باستمرار، يتم تقليص قوائم الضيوف وبرامج الحفل، التي عادة ما تكون مليئة بطقوس متعددة تستمر على مدى خمسة أو ستة أيام، إلى حفل زفاف صغير نسبياً.
وقد أدى ذلك إلى تساؤلات حول ما إذا أصبحت أيام ما يعرف بـ "حفلات الزفاف الكبيرة" في الهند معدودة.
وعلى سبيل المثال، تخطى آل جوسيس أحد أشهر تقاليد الزواج الهندية، ويعرف باسم "سانجيت"، وهو حفل ما قبل الزفاف حيث تؤدي العائلتان عروضاً راقصة لبعضهما البعض، على غرار الرقصات في أفلام بوليوود.
وخلال السنوات الأخيرة، أصبحت هذه الطقوس معروفة بشكل متزايد، حتى أن المغنية الأمريكية الشهيرة بيونسيه قدمت عرضاً خلال حفل زفاف وريثة الملياردير الهندي موكيش أمباني، إيشا، في عام 2018.
كما يتم التخلي عن تقاليد هندية أخرى بسبب "كوفيد-19"، إذ قال راميش أتري، صانع المجوهرات البنجابي، إنه كان سيتنقل من منزل إلى منزل لدعوة الجيران والأقارب لحضور حفل زفاف ابنه الوحيد، سهيل.
وبينما يختار الأزواج إقامة حفلات زفاف أصغر ولمدة أقصر، فإن البعض الآخر يختار أن ينفق أقل.
وعندما تزوجت أوجوالا أشاريا من صديقها براتيك كوالي في مومباي في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أنفقت 500 ألف روبية هندية، أي 6،800 دولار، في حفل زفاف حضره 50 ضيفاً.
ويعد ذلك المبلغ جزءاً بسيطاً من الميزانية الأولية البالغة 2.5 مليون روبية هندية، أي 34،000 دولار، المخطط لها لدعوة 600 ضيف في مومباي، بالإضافة إلى حفل استقبال لـ 1،000 شخص في مدينة علي باغ المجاورة.
وعلاوة على تنظيم حفل الزفاف، يتعين على المضيفين الآن التفكير في إجراءات السلامة.
وأوضحت موكتا كابور، مديرة شركة "Yuna Weddings" للتخطيط لحفلات الزفاف ومقرها دلهي، إن شركتها تطلب من جميع الموظفين العاملين في المناسبات إجراء فحوصات فيروس كورونا، بينما يقوم البعض بتركيب بوابات لتعقيم الضيوف عند دخولهم.
ويختار بعض الأزواج الطعام المطبوخ مسبقاً بدلاً من موائد الطعام، أو يبثون حفلات زفافهم على الهواء مباشرة حتى يتمكن الأشخاص الذين لا يمكنهم الحضور من الانضمام إليها، وفقًا لما ذكرته مهاك ساجار، المؤسسة المشاركة لخدمة تخطيط حفلات الزفاف عبر الإنترنت "WedMeGood".
وأضافت ساجار أن مفهوم إقامة حفلات الزفاف في وجهات مختلفة حول العالم، والتي كانت تتزايد شعبيتها قبل انتشار الجائحة، قد "انهار كلياً".
وبدلاً من ذلك، تختار العائلات مواقع على مسافة قريبة بالسيارة، أو تحجز فنادق كاملة لها ولضيوفها، حتى يعرفوا بالضبط من سيكون حاضراً في الزفاف.
مستقبل حفلات الزفاف الهندية الكبيرة
ومع عدم وجود نهاية فورية للجائحة في الأفق، فقد تنتهي أيام حفلات الزفاف الهندية الفاخرة في الوقت الحالي. ولكن بالنسبة لبعض الأزواج، قد يكون ذلك بمثابة أخبار سارة.
وبحسب التقاليد الهندية، يكون للعائلات رأي كبير في برنامج حفل الزفاف، وقد يواجه الأزواج ضغوطاً ثقافية لدعوة الأقارب البعيدين وأصدقاء العائلة الذين لا يعرفونهم، أو المشاركة في طقوس لا يشعرون بارتباط شخصي بها.
لذلك، بينما أن حفلات الزفاف الأصغر قد تكون ضربة كبيرة لأفراد العائلات الأكبر سناً، فإن التحول نحو حفلات الزفاف الأكثر حميمية كان جارياً قبل ظهور "كوفيد-19"، وفقاً لما قالته ساجار.
وأوضحت ساجار أنه "بالنسبة لبعض الأزواج، يعد هذا عذراً رائعاً لعدم دعوة الكثير من الأشخاص".
ومع ذلك، لا يتوقع خبراء القطاع أن تختفي حفلات الزفاف الكبيرة إلى الأبد، إذ أنها تعد بمثابة مكان للتواصل.