دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- اكتشف الباحثون حفريات لحيوان ثديي قديم يُدعى "الوحش المجنون" الذي عاش قبل حوالي 66 مليون عام وسط الديناصورات والتماسيح العملاقة في مدغشقر، وهو لا يشبه أي حيوان ثديي معروف على الإطلاق، سواءاً حياً أو منقرضاً.
وهذه الثدييات، وهي بحجم حيوان الأبوسوم (الفأر الجرابي)، لديها مزيج من الخصائص الغريبة التي لم تتوفر معاً من قبل.
وتسلط هذه الثدييات الضوء على التطور الغريب الذي يمكن أن ينشأ عندما يحدث التطور بمعزل، على جزر مثل مدغشقر، والتي تعد موطناً لأنواع أخرى من الحيوانات، حية ومنقرضة، لا توجد في أي مكان آخر في العالم.
ونشرت دراسة أولية تصف اكتشاف "الوحش المجنون"، في أبريل/نيسان الماضي في مجلة "Nature"، وأعقب ذلك إصدار خاص من سلسلة مذكرات جمعية علم الأحافير الفقارية، الذي نُشر يوم الجمعة.
ويعد الهيكل العظمي لهذا الحيوان الذي ينتمي إلى فصيلة من الثدييات تسمى غوندواناثيريانز "Gondwanatherians"، وهو حيوان ثديي عاش في القسم الجنوبي من قارة عظيمة بدائية، غندوانا، هو الأكثر اكتمالاً وبحالة جيدة من الحفظ.
ويمكن مشاهدة الأحافير من حقبة الدهر الوسيط، ما بين 65 مليون و 252 مليون عام مضى، متناثرة، بما في ذلك عناصر مثل الجمجمة، وأجزاء من عظم الفك والأسنان.
ولكن هذا الحيوان الثديي، الذي يشبه إلى حد ما حيوان الغرير بحسب تصور مرسوم بناءً على هيكله العظمي، بحالة حفظ جيده للغاية لدرجة أنه يتضمن نسيجاً غضروفياً، وعظاماً صغيرة، وذيلًا قصيراً.
وأطلق الباحثون عليه اسم "Adalatherium hui"، وهو اسم هجين يجمع بين الكلمة الملغاشية التي تعني "مجنون" والكلمة اليونانية التي تعني "الوحش"، بينما كلمة "hui" تعد إشارة إلى المؤلف المشارك في الدراسة من جامعة ستوني بروك، الراحل ياومينج هو.
ويعتقد الباحثون أن هذا المخلوق كان يزن حوالي 7 أرطال، ولكن بالمقارنة مع ثدييات غندوانا الأخرى التي كانت تعيش في ذلك الوقت، والتي كانت بحجم الفئران، يعد حجم كبيراً وعاش بين الديناصورات والتماسيح القديمة قبل أن يقضي عليه اصطدام الكويكب بالأرض قبل 66 مليون عام في نهاية العصر الطباشيري.
وقال ديفيد كراوس، مؤلف الدراسة الرئيسي وأمين متحف الحفريات الفقارية في متحف دنفر للطبيعة والعلوم وأستاذ فخري بجامعة ستوني بروك، في أبريل/ نيسان الماضي: "بما نعرفه عن تشريح الهيكل العظمي لجميع الثدييات الحية والمنقرضة، من الصعب تخيل أن حيواناً ثديياً مثل آدالاثيريوم قد تطور؛ فهو يتخطى الكثير من القواعد".
ويحتوي الهيكل العظمي للحيوان على عدد من الميزات الغريبة التي لا يستطيع الباحثون اكتشافها تماماً.
وعلى سبيل المثال، كان لدى حيوانات " آدالاثيريوم" ثقوب في وجهها أكثر من أي حيوان ثديي معروف، حسبما قاله كراوس.
وشكلت هذه الثقوب ممرات للأوعية الدموية والأعصاب، مما أدى إلى أنف حساس للغاية كان مغطى بشعيرات. كما كان به ثقب كبير في الجزء العلوي من الخطم لا يمكن مقارنته بأي حيوان ثديي معروف منقرض أو يعيش حالياً.
ولا يمكن مقارنة أسنان " آدالاثيريوم" مع باقي الثدييات، فإن أسنانه منظمة بطريقة غريبة لا يمكن تفسيرها، كما وصف كراوس أن أسنانه الخلفية تبدو وكأنها "من الفضاء الخارجي".
ويفوق عدد الفقرات المشكلة لعموده الفقري عدد فقرات باقي الحيوانات المعروفة من عصر الدهر الوسيط.
ويفترض أن هذا الحيوان سار بطريقة غريبة، إذ أن نصفه الأمامي لا يتطابق مع نصفه الخلفي، وكانت إحدى رجليه الخلفيتين منحنية.
ومن جانبه، أوضح سيمون هوفمان، المؤلف المشارك للدراسة والأستاذ المساعد في قسم التشريح بمعهد نيويورك للتكنولوجيا، إن الساعدين والكتفين يمكن مقارنتهما بهيئة القطط والكلاب، مما يعني أن وضعيتهما كانت تحت الجسم، وهو أمر غير معتاد للغاية بالنسبة للثدييات المبكرة التي سارت مثل الزواحف.
وأوضح هوفمان أن وجود نمطين للأرجل في حيوان واحد يعني أنه سار بشكل مختلف تماماً عن أي كائنٍ يعيش اليوم، ولكنهم يعتقدون أنه كان قادراً على الجري، بالإضافة إلى التحرك بطرق أخرى.
وكان للـ "آدالاثيريوم" أيضاً مخالب قوية وطويلة تميز رجليه الخلفيتين، مما يشير إلى استخدامه لهما للحفر.
وأشار هوفمان إلى أن "آدالاثيريوم" يعد حيواناً غريباً من نوعه، مضيفاً أن "محاولة اكتشاف كيفية تحركه يكاد يكون مستحيلًا لأن واجهته الأمامية، على سبيل المثال، تخبرنا بقصة مختلفة عن نهايته الخلفية.