دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- قبل خمسة أيام من يوم عيد الميلاد العام الماضي، كانت شيريل غانسيكي، عالمة البراكين في جامعة هاواي هيلو، تستلقي في فراشها، عندما شعرت بهزة زلزال صغير أيقظها من نومها، بعد الساعة 9:30 مساءً.
وعندما فحصت لقطات كاميرات المراقبة الرقمية الموجودة على قمة بركان كيلاويا بحاسوبها، لم تصدق غانسيكي ما رأته عيناها، أي الوهج اللامع القادم من فوهة البركان.
لقد عادت الحمم البركانية.
وقطعت غانسيكي على الفور مسافة 45 دقيقة بالسيارة إلى حافة فوهة البركان، بجوار مركز الزوار في حديقة براكين هاواي الوطنية.
وبحلول الوقت الذي وصلت فيه غانسيكي، عند الساعة 10:45 مساءً، كان الخبر قد انتشر على نطاق واسع، حيث كان هناك بالفعل أعداد هائلة من الناس.
وكانت آخر مرة ثار فيها بركان كيلاويا بالحمم البركانية منذ أكثر من عامين في صيف عام 2018، عندما تدفق عبر الأحياء ودمر أكثر من 700 منزل.
ومع ذلك، شعر الكثيرون بالفضول وقرروا ألا يفوتوا فرصة المشاهدة، وظهرت مئات السيارات في غضون ساعات قليلة تعود لمزيج من السكان المحليين، والعلماء، والمصورين، وأصحاب الأعمال، بحسب ما ذكرته الحديقة براكين هاواي.
واجتمع الكل عند منطقة "Klauea Overlook"، حيث أضاء توهج برتقالي لامع فوهة البركان، لينعكس على الأشجار والصخور.
وتساءل الجميع في تلك الليلة: ماذا سيكون هذا الثوران؟ وهل يوفر فرصة لتعافي اقتصاد الجزيرة، الذي دمره الوباء؟ وهل سيغري الناس بالسفر إلى هاواي ورؤية أحد أعظم عروض الطبيعة؟
واليوم، ينتشر التفاؤل في جميع أنحاء الجزيرة.
وحتى هذه اللحظة، لا توجد مؤشرات على حدوث تراجع مفاجئ أو تصعيد خطير للثوران، وفقاً لما ذكره مات باتريك، عالم الجيولوجيا البحثي في هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية.
وتفترض هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية أن الثوران سيبقى مستقراً على المدى القصير ، مع بقاء الحمم البركانية داخل الحدود الدافئة لفوهة القمة، وهي آمنة للجميع.
ويعني ذلك أن عودة الحمم البركانية الساخنة التي قد تكون مدمرة قد جلبت الأمل في أن يكون عام 2021 عاماً أفضل من عام 2020، فيما يتعلق بالسياحة.
انتعاش السياحة
وبالنسبة إلى جيسون كوهن، رئيس شركة سياحة مغامرات، "Hawaii Forest & Trail"، لم يستغرق الأمر طويلاً بعد وقوع ثوران بركان كيلاويا أواخر العام المنصرم، حتى بدأ في تلقي مكالمات حول جولاته الخاصة حول البركان، والتي تم إغلاقها بسبب نقص الطلب أثناء الوباء. أما الآن، فيتم تشغيلها.
وبالمثل، تمكنت وكالة جولات طائرات الهليكوبتر في كالوا، "Paradise Helicopters"، من إعادة فتح موقعها المغلق في هيلو، بسبب فيروس كورونا، بفضل زيادة الطلب على رحلات المروحية فوق بركان كيلاويا.
وسجلت وكالة تأجير لقضاء العطلات بالقرب من فوهة بركان كيلاويا، "Hawaiʻi Volcano Vacations"، زيادة في حجوزاتها ومدة إقامتها منذ بدء الثوران.
وليس من الغريب أن تكون زيارة حديقة هاواي للبراكين الوطنية قد تضاعفت أكثر من مستوياتها لعام 2020، قبل ثوران البركان.
وبالنسبة لروس بيرش، المدير التنفيذي لمكتب زوار جزيرة هاواي، فإن الثوران الجديد، في الوقت الحالي، يمثل فرصة عظيمة وتعزيزًا لصناعة السياحة في الولاية، والتي انخفضت بشكل عام بنسبة 75% عن العام السابق.
ووفقاً لعلماء البراكين في مرصد بركان هاواي بدأت علامات التحذير من ثوران البركان قبل أسابيع قليلة، عندما تم اكتشاف ما يسمى "اقتحام" الحمم البركانية وهي تتحرك إلى فوهة البركان، تحت السطح، وتتزايد في الضغط. كما لاحظوا أن الزلازل أصبحت أكثر تواترا.
ووصلت إلى نقطة التحول في ليلة 20 ديسمبر / كانون الأول 2020، وانفتحت الأرض ودفع الضغط الحمم البركانية إلى فوهة البركان، واندفعت إلى أسفل الجدران الجانبية بألوان الأحمر، والبرتقالي، والأبيض اللامع.
وتدفقت الحمم البركانية إلى منطقة كانت تتشكل فيها بحيرة مائية لمدة عامين، بعرض 430 قدماً وعمق 160 قدماً.
واستمرت الحمم في التدفق خلال عيدي الميلاد ورأس السنة الجديدة، لتشكل بحيرة من الحمم البركانية تزداد عمقاً يوماً بعد يوم
في الخامس من يناير/ كانون الثاني الماضي، ظهرت ظاهرة رائعة تعرف باسم نافورة القبة في فوهة البركان. وانتشر مقطع فيديو مبهر يوثق هذه الظاهرة في جميع وسائل الإعلام تقريباً.
ومنذ ذلك الحين، تذبذب معدل تدفق الحمم البركانية لأعلى ولأسفل، ولكنه لم يتوقف أبداً.
وبعد نحو شهر ونصف من الملء المستمر، يبلغ عمق بحيرة الحمم البركانية الآن نحو 700 قدم، ومازالت ترتفع.
والآن، تعد أفضل طريقة لإلقاء نظرة على الحمم البركانية هي من على متن طائرة هليكوبتر.
ومن خلال الطيران فوقها في يوم صاف، يمكن رؤية الحمم البركانية تخرج من جدران الفوهة وامتلاء بحيرة الحمم أدناها.
واعتباراً من الآن، نظرًا لعمق الحفرة وزاوية مناطق الرؤية، فإن التحليق في الجو يعد الطريقة الوحيدة لرؤية الحمم المادية الفعلية.