دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- يقع كهف "Postojna" على بُعد ساعة واحدة بالسيارة جنوب غرب عاصمة سلوفينيا، ليوبليانا، وهو واسع جداً إلى درجة أنه يتميز بخط سكة حديد خاص به.
وتُعتبر كائنات صغيرة الحجم، أو ما يُعرف بـ"صغار التنانين" إحدى عوامل الجذب الرئيسية في كهف "Postojna".
والكهف من بين مناطق الجذب السياحي تحت الأرض الأكثر زيارة في أوروبا، وذلك خلال أوقات السفر العادية، والتي كانت معروفة بين السكان المحليين منذ قرون.
وبدأ السياح بالوصول بأعداد كبيرة بعد زيارة افتتاحية في عام 1818، قام بها آخر إمبراطور روماني مقدس في أوروبا، فرانز الأول من النمسا، وتبعه 35 مليون شخص تقريباً بعد ذلك.
ويأتي اندفاع الأدرينالين الحقيقي في الكهف عند مواجهة المخلوقات الغريبة الموجودة في نظام الكهوف هذا، والتي لا يمكن العثور عليها في أي مكان آخر على وجه الأرض.
سمندل أعمى
وكائنات الأولم (Olms) أو "proteus anguinus" باللاتينية، هي عبارة عن حيوانات سمندل عمياء، ويبلغ طولها حوالي 25 سنتيمترًا.
وأطلق السكان المحليون على هذه الكائنات لقب صغار التنانين لأنها جُرفت من الكهف أثناء الفيضانات، وبما أن الكهوف هي موطن التنانين، فمن المؤكد أن هذه المخلوقات كانت صغارها.
والآن، يمكن للزوار رؤيتها وهي تسبح بين الصخور في حوض مبني لها في أعماق الكهف.
ورغم أنها عمياء، إلا أنها تستطيع سماع اقتراب الزوار كونها حساسة للاهتزازات، وقد تلصق نفسها في الحوض الزجاجي بالقرب من وجهك عند التحديق إليها.
ولكن، هل هذه الكائنات فضولية؟ أو ودّية؟ ليس كثيراً، وفقاً لعالم الأحياء الشاب المتحمس الذي درس هذه المخلوقات لعدة سنوات، بريمو جنيزدا.
وقال جنيزدا خلال جولة حول "Vivarium"، وهي مساحة عرض بجوار الكهف تعرض المزيد من هذه الكائنات، ومخلوقات أخرى من الكهف: "تسمعك كائنات الأولم في أحواض الكهف، وتشعر بالخوف، وتتخذ وضعيات آمنة".
آداب المائدة
ويمكن أن يعيش هذا الكائن حتّى 100 عام، ويمكنه العيش لفترات طويلة دون تناول الطعام، بحسب ما أشارت إليه واحدة من أكبر المعجبين بهذا الكائن، والتي تعمل كمديرة للتسويق والعلاقات العامة في "Postojna"، ماتيجا روزا.
وأوضحت روزا: "خلال أول عامين، أو ثلاثة أعوام، لا توجد مشكلة. وبعد ذلك، تبدأ هذه الكائنات بفقدان وزنها، وتتوقف عن الحركة، وتنتظر مرور فريسة. وعند مرور مدّة أطول من 7 أعوام، قد ينفق بعضها، وقد يعيش بعضها، ويعتمد ذلك على عملية الأيض لديها".
وقال جنيزدا: "نحن نطعمها الديدان".
وتشكّل الديدان كرة صغيرة في الماء، وتأتي الأولم لتشفطها بالكامل مثل مكنسة كهربائية.
وأوضح جنيزدا: "أحيانًا، تأكل بعنف شديد لدرجة أنه يمكنك رؤية الديدان وهي تخرج من خياشيمها مع الماء".
ويقود "Vivarium" إلى مختبر حيث يمتلك العلماء ترخيصاً للاحتفاظ بـ10 من هذه الكائنات من أجل الأبحاث، إذ أوضح جنيزدا أن "قوتها التجديدية مذهلة. وإذا فقدت إحدى أطرافها، فإنها تنمو من جديد. وفكرة البحث هي معرفة الآلية الكامنة وراء ذلك".
رقصة تزاوج
وتتمتع كائنات الأولم برقصة تزاوج.
وقال جنيزدا: "عندما تكون الأنثى جاهزة، ستأتي إلى الذكر. وعندما يشمها، سيبدأ في السباحة أمامها، وستتبعه (الأنثى) للسباحة على شكل عدة دوائر معاً. وفي مرحلةٍ ما، سيترك الذكر كيساً من السائل المنوي على الأرض. وستلتقطه (الأنثى)، وتخزنه في جيب بداخلها. وعندما تخرج البويضة، سيتم تخصيبها من تلقاء نفسها".
وليست صغار التنانين من السكان الوحيدين غير الاعتياديين في كهف "Postojna".
وتتواجد في الموقع جنادب تأكل أطرافها إذا لم تجد أي طعام، وديدان كهفية سامة، وخنافس، وروبيان كهفي، وعناكب مرعبة.
ونظراً لعدم وجود حشرات طائرة داخل الكهف، تستخدم العناكب خيوطها لنسج الشرانق بدلاً من الشبكات.
وحتى ثمانينيات القرن الماضي، قالت روزا إنه كان من الممكن العثور على كائنات الأولم، وهي تبُاع في أسواق الأسماك في ترييستي.
وعندما يأتي الأمر لطعمها، قالت روزا: "طعمها مثل الحبّار عديم النكهة، أو هذا ما قيل لي".