دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- يُعد صباح السبت حافلًا بالنسبة للراهبة البوذية من كوريا الجنوبية، جونغ كوان.
وبعد ممارستها التأمل في الصباح الباكر، وتناول وجبة الفطور، تعتني جونغ كوان بحديقتها داخل معبد "بيكيانغسا" داخل حديقة "نيجانغسان" الوطنية، جنوب العاصمة سيؤول.
وتملأ رائحة أزهار الكزبرة المُتفتحة المكان، ويتناول أيل برّي الأوراق في الحديقة.
وينمو الباذنجان، والفلفل الأخضر، وبات الكرنب الذي زرعته الراهبة في الشتاء جاهزًأ للحصاد.
وقالت جونغ كوان لـCNN: "إنه (الكرنب) جميل لأنه يحتوي على الكثير من الطاقة، ونما خلال الشتاء البارد".
نجمة طهي بالصدفة
وليست جونغ كوان، وهذا هو اسمها البوذي، راهبة عادية، إذ حاز طهيها في المعبد على إعجاب الشيف الشهير إريك ريبير من مطعم "Le Bernardin" في ملف تعريف، كتبه الصحفي جيف غوردينيير الضليع بالكتابة عن الطعام، في صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، عام 2015.
كما خُصصت لها حلقة كاملة ضمن سلسلة "طاولة الشيف" (Chef's Table) الشهيرة التي عُرضت على "نتفليكس".
وحصلت جونغ كوان في الآونة الأخيرة على جائزة "آيكون" لأفضل 50 مطعمًا في آسيا لعام 2022، التي تحتفي بشخصيات في مجال الطهي أثّرت وألهمت الآخرين على نحو إيجابي.
ومع ذلك، لم يتغير إلا القليل في عالمها.
وأوضحت جونج كوان: "يشرّفني للغاية أن أحصل على جائزة آيكون.. كما تعلمون، حقيقة الأمر أنا راهبة، ولست بطاهية مُدرّبة. ومن الرائع أن أسمع أن الأشخاص في العالم لديهم اهتمام بالمطبخ الكوري"، مضيفةً أنه "حتى مع مثل هذه الجوائز، أحتاج إلى أن أبقى متواضعة، وألا أسمح لنفسي بالتفاخر".
وكرّست الطاهية نفسها للمذهب البوذي، عام 1974.
وتُوفيت والدة جونج كوان عندما كانت في الـ17 عامًا. وروت: "كنت مفجوعة، وقصدت المعبد بعد 50 يومًا. التقيت هناك برهبان آخرين أصبحوا عائلتي الجديدة. ووجدت التنوير والمتعة من خلال ممارسة البوذية، ثم قرّرت أنّ هذا هو المكان الذي أريد أن أمضي فيه حياتي".
وانتقلت الطاهية إلى منزلها الحالي، أي معبد "بيكيانغسا"، بعد ثلاثة أعوام من ممارستها للبوذية، وكان ذلك قبل 45 عامًا.
ما هو طعام المعبد؟
وفي عام 2013، قرّرت جونغ كوان فتح أبواب المعبد للزوار كي تتمكن من التواصل مع الأشخاص الذين يرغبون بالتعرف على البوذية، خصوصًا من خلال الطعام.
وقالت جونغ كوان: "طعام المعبد هو الرابط الذي يجمع بين الطاقة الجسدية والعقلية معًا. وهو يتعلّق بالاستفادة لأقصى حد من مذاق وغذاء المكوّنات النباتية، مع التوابل، والبهارات المُضافة والمحدودة".
ويتكوّن طعامها من المكونات العضوية الطازجة، والصلصات، والأطباق المخمّرة، مثل معجون الفول، والكيمتشي، الذي يُزرع، أو يُصنع في المعبد.
وليس هناك من قائمة طعام محدّدة، إذ تحضر الراهبة الطعام بحسب توافر أي منتج طازج في ذلك اليوم، لذلك تتميّز الأطباق بتنوّعها الواسع.
وتعتقد جونغ كوان أن الطعام يمكن أن يساهم بموازنة العناصر في أجسامنا عبر ترطيبه مجدّدا، أو خفض درجة حرارة الجسم، للوصول إلى حالة متناغمة.
"لا يتمحور الطبخ حول الفخامة"
وتشعر جونغ كوان أن فلسفتها مهمّة بشكلٍ خاص في عالمنا الحالي المليء بتحديات مثل الجائحة، والصراعات الدوليّة، وتغيّر المناخ.
وقالت الراهبة: "عانينا من الجوائح، والأوبئة من قبل. وأعتقد أن هذا كله مرتبط بأفعالنا التي تتعارض مع الطبيعة".
وتعتقد أن على المجتمع التركيز على معالجة تغيّر المناخ، واحترام جميع أشكال الحياة.
وتساعدنا هذه الأشياء على "إعادتنا إلى المسار الصحيح"، بحسب ما ذكرته.
وسيمكننا تناول الطعام، والطهي بانتباه من "القيام بكل ما نحتاجه روحيًا، وجسديًا"، حتّى في أوقات الشدائد.
وتأمل جونغ كوان أن تتمكن من استخدام نفوذها الجديد لنشر هذه الرسائل المهمة إلى العالم، كما أنها أكّدت: "بالنسبة لي، لا يتمحور الطبخ حول الفخامة، أو التباهي بالمهارات الصعبة، بل يتعلق الأمر بأن تنصهر مع المكونات".
وتأمل الراهبة برؤية الآخرين يتبنّون أسلوب حياة يكرّم، ويحترم الطبيعة، والبيئة، ويعزّز أسلوب حياة مستدام، له أثر إيجابي على تغيّر المناخ، وإنقاذ الأرواح.