شيلا نات تروي تجربتها كأولى المضيفات على خطوط بان أمريكان.. من ذوي البشرة الداكنة

سياحة
نشر
6 دقائق قراءة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- في صيف عام 1969، كانت شيلا نات إحدى سيدتين من ذوي البشرة السوداء، تنتظر دورها داخل فندق مزدحم بفيلادلفيا، لإجراء مقابلة بغية الحصول على وظيفة كمضيفة طيران لخطوط بان أمريكان العالمية..

كانت نات طالبة جامعية تبلغ من العمر 20 عامًا، وتعيش في فيلادلفيا الأمريكية.

وقبل عامين، حلّت الوصيفة الأولى في مقاطعة فيلادلفيا ضمن مسابقة ملكة جمال أمريكا.

وقالت نات لـ CNN: "كنت أول أمريكية من أصل أفريقي يتم اختيارها كي تكون وصيفة أولى.. رغم عدم اختياري كفائزة، إلا أنني سررت جدًا بالنتيجة التي حققتها".

وأضافت: "شعرت أنني رائدة".

وبين جولات مسابقة ملكة الجمال، تحدثت نات مع المشاركات حول أهداف حياتها، معربة عن أحلامها بأن تصبح عارضة أزياء أو ممثلة. وذكرت إحداهنّ أمامها أن شركات الطيران كانت تبحث عن مضيفات.

تزامنت تلك الحقبة مع إطلاق المحرّك النفاث الذي أدى إلى فتح السفر الدولي، وكان قطاع شركات الطيران مزدهرًا.

انبهرت نات بفكرة العمل كمضيفة طيران.. وكانت بمثابة تذكرة للخروج من فيلادلفيا وتحقيق أحلامها المستقبلية.

وقالت: "كان ثمة احتمال بأنني في حال أصبحت مضيفة طيران، فيمكن أن تكتشف موهبتي على متن الطائرة".

وبعد انتهاء المسابقة، عثرت نات مع صديقتها ساندي على إعلان وظيفة شاغرة، نشرتها خطوط بان أمريكان العالمية.

لم تكن الوظيفة مفتوحة لجميع الأشخاص، حيث كان على المتقدمين أن يكونوا حائزين على تعليم جامعي، ويتحدثون لغة ثانية، ويتمتعون بطول ووزن محددين، كما تم حظر ارتداء النظارات.

وبينما كانت جالسة في انتظار إجراء مقابلة معها، كانت تتصفح نات كتيبات خطوط بان أمريكان العالمية.

وشاهدت صورًا متنوعة لروما، وباريس، واسطنبول، وغيرها.

ولم تعد تنظر نات للعمل كمضيفة طيران على أنّه وسيلة لتحقيق حلم أكبر في مجالي التمثيل أو عرض الأزياء، وإنما بدى الطيران كأنه وظيفة الأحلام بحد ذاته.

وبعد مرور أسبوعين من المقابلة، التي سارت على نحو جيد، تلقت نات خبر قبولها.

أمريكا
صورة برقية قبولها للعمل مع خطوط بان أمريكان العالمية. Credit: Philip Keith for CNN

بعد انهائها الفصل الدراسي الأخير في الكلية، سافرت نات إلى ميامي للتدرّب في شهر يناير/ كانون الأول 1970.

استمر التدريب في ميامي مدة شهر، وتستذكر نات أنها كانت المرأة الوحيدة من ذوي البشرة الداكنة في الفصل.

وأثناء نشأتها، وجدت نات نفسها مرارًا وتكرارًا في أماكن كانت فيها الشخص الملون الوحيد.

وقالت: "طورت قدرتي على احتضان التنوع، والإنصاف، والإدماج، والعدالة، في وقت مبكر من الحياة.. تعلمت كيفية التكيف والتغلب على التمييز، والعنصرية، والتنمر، والسلوك غير المحترم، الذي حاول بعض الناس إقناعي به".

وكانت نات قريبة من العديد من زملائها في الفصل، الذين ما برحت على اتصال ببعضهم حتى اليوم.

وأوضحت: "بعد أكثر من 50 عامًا، نتواصل ونشارك قصصنا.. أنا سعيدة جدًا لمقابلة هؤلاء النساء.. كانت تجربة تعليمية قيّمة جدًا لنا جميعًا، لأنّ العديد من زملائي في الفصل لم يروا شخصًا أمريكيًا من أصل أفريقي".

وتصف نات منهج التدريب بأنه "مكثف للغاية"، حيث تعلمت عن الطعام، واللغة، والعناية الشخصية، والنبيذ.

وقالت: "أصبحنا خبراء في أي نوع من أنواع النبيذ من أي منطقة، وأي نبيذ يتم استخدامه مع قوائم طعام محددة".

ولم يركز التدريب على راحة المسافرين فحسب، وإنما أيضًا على سلامتهم.

وأوضحت: "كان تركيزنا الأساسي على سلامة ركابنا".

أمريكا
صورة تظهر لباس وحقيبة نات، أثناء عملها مع خطوط بان أمريكان العالمية. Credit: Philip Keith for CNN

السفر في السبعينيات

تخرجت نات من فصول التدريب بدرجة متفوقة، وبدأت الطيران من ميامي.

وقالت: "كنت بين أول من طاروا على متن طائرة بوينغ-747، لذلك كانت تلك طائرتي المفضلة، ربما تعلم أنها كانت تحمل أكثر من 400 شخص في وقت واحد، وكانت في طليعة تاريخ الطيران بالسبعينيات".

استمتعت نات بالتحدث إلى المسافرين وتقول إنها فخورة بكونها سفيرة من ذوي البشرة الداكنة على متن خطوط بان أمريكان العالمية، والولايات المتحدة على نطاق أوسع.

أمريكا
كانت نات طالبة متفوقة في فصلها التدريبي في خطوط بان أمريكان العالمية. Credit: Philip Keith for CNN

وخلال فترات الاستراحة على متن الطائرة، كانت نات وزملاؤها يتحدثون عن وظائفهم وحياتهم.

وتصف علاقتها بمضيفات الطيران بأنها "صداقة خاصة".

وقالت نات: "تشاركنا القصص والخبرات والتشجيع".

لم تقتصر قيود الطول والوزن الخاصة بخطوط بان أمريكان العالمية على التوظيف فحسب، فقد طُلب من المضيفات الحفاظ على مظهر معين وكانوا يخضعون أحيانًا لاختبارات عشوائية للوزن.

وقالت نات: "كنا نعرف القيود، وكنا على استعداد لتحمل هذه القيود، لأننا شعرنا أن الأمر يستحق ذلك".

غادرت نات خطوط بان أمريكان العالمية في الثمانينيات.

وقبل مغادرتها، التحقت ببرنامج Pan Am الذي سمح للمضيفات بالدراسة خلال الأسبوع والسفر في عطلات نهاية الأسبوع.

وحصلت بدورها على درجة الدكتوراه من جامعة بوسطن، وكتبت أطروحة عن المضيفات والضغط المهني، ثم درست لاحقًا للحصول على درجة الماجستير في الدراسات اللاهوتية من مدرسة اللاهوت بجامعة هارفارد.

وعندما غادرت نات مجال الطيران، بدأت العمل في مجال التعليم، وعملت أخيرًا لمدة 14 عامًا كمديرة برامج التوعية التعليمية في مكتب شمول التنوع والشراكة المجتمعية بكلية الطب بجامعة هارفارد، قبل أن تتقاعد عام 2020.

وقالت: "أحببت أن أكون مضيفة، لقد تعلمت الكثير عن العالم وأنا أسافر إلى دول أجنبية".

وتابعت: "لقد ساهم احترامي وتقديري للثقافات المختلفة بنجاح زواجي".

ولاحظت نات أيضًا أن السنوات التي قضتها تستكشف العالم كان لها أبعد الأثر على أطفالها أيضًا.

وقالت: "إنهم ثنائيو الثقافة ويحبون السفر حول العالم".