دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- بين ألقابها العديدة، تُوصف العاصمة المصرية القاهرة بأنها مدينة الألف مئذنة، ولا عجب في ذلك، إذ عُرفت على مرّ العصور المختلفة بكثرة مساجدها ومآذنها.
ومن الأعلى، يمكن للمرء رؤية امتداد شاسع للمآذن في مختلف أنحاء المدينة بأشكال وأحجام مختلفة، ما يعكس الطابع العمراني العريق للقاهرة.
وتوثق هذه السلسلة من الصور، عبر منصة تُدعى "Blue Cairo"، مشاهد آسرة لمآذن مساجد القاهرة التاريخية، بهدف التعريف بالتطور الذي شهدته عمارة المساجد في العاصمة المصرية، على مرً الزمان.
ويستكشف مؤسسا المنصة، الزوجان عمر شعيرة وبيبوركا آنا كيش، التواريخ، والأساطير، والعادات والتقاليد الخاصة بالمدن المختلفة، ويسردانها من خلال قصص مرئية تتميّز بالألوان والمشاعر.
وفي حديثه لموقع CNN بالعربية، يوضح المصري شعيرة، أنّ القاهرة لطالما عُرفت باسم "مدينة الألف مئذنة"، إذ تضم أغنى تنوّع للمساجد في منطقة الشرق الأوسط بأكملها، واستُوحيت المساجد من أنماط معمارية متعددة، نتيجة الأثر الذي خلّفته الإمبراطوريات الحاكمة على مرً العصور، بما في ذلك العباسية، والفاطمية، والعثمانية، وغيرها.
ويشير شعيرة إلى أنّ الهدف من هذه السلسلة يتمثّل من خلال"تسليط الضوء على هذا التنوّع الجميل في القاهرة، والذي غالبًا ما يُنسى، رغم أنه جزءٌ لا يتجزأ من روح المدينة"، على حد تعبيره.
وبالنسبة للثنائي، لطالما كان تخليد جمال أي من مآذن القاهرة التاريخية في صورة، تجربة مثيرة للبهجة، وفقًا لما ذكرته كيش.
وتشير كيش، وهي من المجر، إلى أن العديد من المآذن تبرز بطريقتها الخاصة.
على سبيل المثال، يرى الثنائي أن أكثر المآذن تميّزًا، مئذنة جامع أحمد بن طولون، التي تعكس الهيكل الحلزوني لمئذنة الجامع الكبير في سامراء بالعراق.
ويُعد تاريخ بناء مئذنة الجامع، الذي اكتمل بناؤه عام 879 ميلادي، محل خلاف، إذ يشير البعض أنها أضيفت إلى البناء فى وقت لاحق، وفقًا لموقع وزارة السياحة والآثار المصرية.
ومن وجهة نظر الثنائي، يتميز أفق القاهرة ببحر من المآذن على الطراز المملوكي، ما يضفي على المدينة طابع حكايات ألف ليلة وليلة.
ويشير شعيرة إلى أنه، على مدار أربعة أعوام، واجه وكيش نوعين من التحديات الرئيسية خلال توثيق هذه السلسلة، الأول تمثل في حقيقة أن جميع المآذن بنيت قبل مئات السنين، وهكذا، عندما تدهورت مع مرور الزمن وخضعت لعمليات ترميم في العصور اللاحقة، بدا بعضها مختلفًا.
ويضيف:"يجب أن نضع في الاعتبار أنّ المآذن الأصلية بدت مختلفة نوعًا ما عن تلك التي نراها اليوم".
أما التحدي الآخر الذي واجهه الثنائي، فيتمثل بكيفية توثيق المآذن من مسافة بعيدة، بحيث يمكن رؤية أبعادها بوضوح.
ويشرح شعيرة: "القاهرة مدينة ذات كثافة بناء شديدة، لذا كان من الصعب في بعض الأحيان تحقيق ذلك".
وغالبًا ما حجبت المباني الأخرى أو الحواجز المرئية، مشاهد المآذن. ورغم ذلك سعى الزوجان دومًا للبحث عن زوايا جديدة للحصول على أفضل اللقطات، وفقًا لما ذكرته كيش.
وعبر منصتهما على "انستغرام"، "Blue Cairo"، غالبًا ما يعيد الثنائي تخيل المشاهد لإحياء الماضي، عبر إتاحة الفرصة لعيش تلك اللحظات بشكل أكثر حيوية.
ولاقت سلسلة توثيق مآذن القاهرة ردود فعل إيجابية كبيرة من قبل متابعي منصة "Blue Cairo" عبر "انستغرام"، حيث تداول المستخدمون على نطاق واسع صورهم المفضلة من السلسلة.
سلسلة توثيق مآذن القاهرة ليست الوحيدة التي عمل عليها الثنائي عن مصر، إذ سافرا هذا العام إلى صعيد مصر، ما سمح لهما باصطحاب متابعيهم والعودة معهم 5 آلاف عام إلى الوراء، كي يعيشوا عبر التاريخ القديم ويتعرفوا إلى ألغاز الإمبراطورية المصرية.