دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- بينما قامت شركة "فيرجن أوربت" بأحدث مهمة فضائية لها الأسبوع الماضي- وهي السادسة لشركة استكشاف الفضاء - كانت الظروف مختلفة قليلاً عن وضعها المعتاد.
وأقلعت طائرة 747 جامبو "كوزميك غيرل"، بشكل فعال كقاذفة صواريخ، من مدرج مطار نيوكواي بمقاطعة كورنوال، باتجاه أقصى نقطة جنوب غرب المملكة المتحدة، ثم توجهت الطائرة إلى المحيط الأطلسي جنوبي أيرلندا، قبل أن تطلق الصاروخ المسمى "LauncherOne" من تحت جناحها الأيسر.
ومع ذلك، أعلنت الشركة عن فشل الإطلاق، إذ فشل الصاروخ في الوصول إلى المدار.
وألقت الشركة بالّلوم على "حالة شاذة أنهت المهمة قبل الأوان"، لكنّها لم تحدّد بعد نوع المشكلة بالتحديد.
ورغم ذلك، برز أمر مهم في تلك الليلة، أي نجاح تحوّل هذا المطار الإنجليزي الريفي إلى موقع لإطلاق المركبات الفضائية، أو ما يُعرف بالميناء الفضائي.
ويحتل مطار نيوكواي المرتبة الـ29 من حيث الازدحام في المملكة المتحدة، ويُعد من بين أكبر 40 مطارًا في البلاد، وفقًا لإحصاءات هيئة الطيران المدني لعام 2021.
واشتهر المطار بجمال مناظره، إذ تحلّق الطائرات من مدرّجه فوق الحقول الخضراء المليئة بالأغنام، وعبر ساحل مقاطعة كورنوال الرائع على المحيط الأطلسي.
وفي نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2020، أوقف المطار عملياته مؤقتًا بعد تأثّره بشدة بسبب جائحة كورونا.
وحاليًا، خلال فصل الشتاء لعام 2023، يقوم المطار بتشغيل رحلات إلى خمس وجهات فقط هي لندن، وجاتويك وهيثرو، ومانشستر، ودبلن، وأليكانتي.
وكان المطار، الذي يعود تاريخه إلى عام 1934، مطارًا عسكريًا لعقود من الزمن، وقد أصبح مدنيًّا في عام 1962.
وتولى مجلس مقاطعة كورنوال - الذي يدير المنطقة الواقعة في أقصى جنوب غرب المملكة المتحدة - عمليات تشغيل المطار في عام 2007.
ومع خط ساحلي يبلغ طوله 422 ميلاً، تُعد كورنوال واحدة من أكثر الوجهات شعبية لقضاء العطلات في المملكة المتحدة - لكن شبكة القطارات البطيئة وعدم وجود طريق سريع تعني أنّها بعيدة نسبيًا.
وبالطبع، ما يجعلها مكانًا صعبًا للعيش يجعلها كذلك الموقع المثالي لإطلاق صاروخ في المدار.
وفي عام 2014، عندما أعلنت حكومة المملكة المتحدة أنها تبحث عن مواقع موانئ فضائية مقترحة، وجد القيمون على المطار فرصة للتألق.
وتقول سام أودوير، وهي العضو المنتدب للمطار: "يتمتع الموقع بمزايا فريدة: كثافة سكانية منخفضة، ومجال جوي غير مزدحم، ومدرج طويل للغاية يمكنه تحمّل إقلاع طائرة 747".
ويُعد مدرّج مطار نيوكواي من بين أطول المدرجات في المملكة المتحدة، وبفضل موقعه على قمة جرف، فإنه ينتهي عند المحيط الأطلسي، ما يعني أن الطائرات تقلع من دون وجود أي مساكن تحتها.
ومع وجود أزمة المناخ في أذهان الجميع، تلعب إعادة استخدام البنية التحتية دورًا مهمًا في تقليل الانبعاثات في صناعة البناء والتشييد.
ومع وجود مطار بأكمله في متناول اليد، استغرق الأمر القليل من الجهد لتحويله إلى ميناء فضائي.
وفي الواقع، وصفت ميليسا ثورب، رئيسة ميناء كورنوال الفضائي، ما فعلوه بـ "التدقيق المستقبلي" بدلاً من البناء.
وكان على مطار نيوكواي إجراء بعض عمليات التحديث لاستضافة مؤتمر مجموعة السبعة الكبار G7 في كورنوال، والذي عقد بالقرب من المطار في عام 2021.
وأوضحت أودوير أنّ المدرج خضع لعملية "توسيع وإعادة تأهيل"، في حين رُممت الممرات لجعلها مناسبة لتحمّل توقّف العديد من الطائرات من طراز "جامبو" التي وصلت وعلى متنها وفود المبتعثين.
وأضافت: "المدرج كان يمكنه بالفعل تحمّل وزن طائرة 747، إلا أنّه لم يتمتع بقدرة تحمّل أوزان 32 طائرة مخصصة للمسافات الطويلة متوقّفة في وقت واحد".
وهذا يعني أن تجديد الموقع لإطلاق القمر الصناعي في عام 2022 لم يتطلب سوى القليل من الجهد.
ولفتت ثروب إلى أنّهم قاموا بتمديد بعض الممرات الخاصة بسيارات الأجرة بالموقع حتى تتمكن طائرة 747 من القيام "بمناورة حول نهاية المدرج".
وتمثّل العمل الرئيسي في بناء مرفق متكامل للأنظمة الفضائية، وهو في الأساس عبارة عن حظيرة للطائرات بمساحة تتسع لصاروخين، وتحميلهما على طائرة 747.
وكان البدء من مطار متكامل يعني أيضًا إمكانية الاستفادة من أصوله، وليس فقط البنية التحتية، بل موظفيه أيضًا.
والمطار مجهّز بالفعل بخدمات مراقبة الحركة الجوية والاستجابة للطوارئ، وكان هناك حاجة إلى 12 رجل إطفاء خلال تزويد صاروخ "Launcher One" بالوقود.
أما ما تبقى من العمل، فكان يتعلّق بالحصول على رخصة تشغيل.
وهناك تسعة مستويات من نظام ترخيص المطارات التابع لسلطة الطيران المدني، ويقع الميناء الفضائي ضمن الفئة التاسعة، في حين أنّ مطار نيوكواي كان ضمن الفئة السابعة.
وللحصول على الترخيص، احتاج الفريق إلى ابتكار بروتوكولات أمان وتشغيل جديدة.
ورغم أنّهم بدأوا من نقطة جيدة، نظرًا لموقع المطار بجوار البحر مباشرةً، مع كثافة سكانية منخفضة من حوله، إلا أنه كان هناك الكثير من العمل للقيام به.
وأوضحت أودوير أنّه توجّب عليهم ضمان منطقة آمنة، نظرًا لخطورة عملية تزويد الصاروخ بالوقود، لذلك كان عليهم التأكد من عدم تواجد أي شخص في تلك المنطقة.
ولفتت إلى أنّ القدرة على الإقلاع مباشرة عبر المحيط الأطلسي، كان بمثابة ميزة.
زبالطبع، هناك جوانب سلبية لإطلاق الصواريخ من المطار، إذ ألغيت رحلتين من أصل 16 رحلة يوم الإطلاق، من أجل الحصول على "منطقة أمان آمنة أكثر"، حسبما ذكرته أودوير، التي أوضحت أن السبب كونه أول إطلاق فضائي، ولا ينبغي أن يكون إلغاء الرحلات ضروريًا في المستقبل.
وأضافت أن "المطار التجاري يمكنه تشغيل عمليته إلى جانب ميناء الفضاء التجاري".