دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- قد يكون العرق من بين أكثر المشروبات الروحية إثارة للاهتمام، ويشهد المشروب الشرق الأوسطي تناميًا عبر العالم.
ويُعد هذا المشروب المنكّه باليانسون واحدا من أقدم المشروبات الروحية في العالم.
ومع ذلك، يأمل جيل جديد من مصانع التقطير الصغيرة أن يتم تقديم هذا المشروب اللبناني التقليدي لجمهور جديد، ويُحتفل بتراث مشروب العرق في "يوم العرق العالمي"، الذي احتُفل به بتاريخ 27 يونيو/ حزيران الماضي، لأول مرة على الإطلاق.
وتم تحديد هذا اليوم خلال محادثة بين جيسون باجاليا، مالك ومؤسس شركة "Terra Sancta Trading"، التي تستورد العرق وغيره من المشروبات الكحولية الشرق أوسطية إلى الولايات المتحدة، وعدد من منتجي العرق.
وجاء في منشور عبر صفحة "Terra Sancta" على "فيسبوك" أنه "يوم يحتفي بالتاريخ الغني للعرق، وكذلك التراث المشترك في الطهي وثقافة الشرب في سوريا، ولبنان، وفلسطين، والأردن، ويعكس هوية بلاد الشام".
وقال باجاليا في مقابلة مع CNN، إن الهدف الرئيسي للفعالية يتمثل بـ"زيادة الوعي بالعرق".
ويُعد العرق مشروبا رئيسيا على موائد الطعام في منطقة بلاد الشام، ولكن حجم انتشاره خارج هذه المنطقة أصغر بكثير، على حد وصف باجاليا.
أما الهدف الثانوي، فيتمثل بتعزيز المزيد من دمج مشروب العرق في مشهد المطاعم.
وأشار باجاليا إلى أن استهلاك النبيذ الأوروبي لا يزال منتشرًا بدلاً من المشروبات التقليدية مثل العرق في المطاعم الشرق أوسطية.
وأضاف باجاليا أنه بدأ في استيراد مشروب العرق من الأراضي الفلسطينية، بعد أن أدت الحرب الأهلية إلى "نضوب" الإمدادات من سوريا، التي كانت تُعتبر منتِجا رئيسيا في السابق.
ولفت إلى أن مشروع إحياء مشروب العرق يقوده عمال التقطير الشباب، الذين يعملون لاستعادة جزء من تراثهم.
ويعود تتبع تطور تقنية تقطير الكحول إلى عدة فترات وأماكن مختلفة وفقًا لما ذكره المؤرخون. وفي الشرق الأوسط، يُنسب غالبًا اختراع مشروب العرق إلى جابر بن حيّان، الذي وُصف بأنه أب الكيمياء العربية.
ويُعتبر العالم العربي في القرن الثامن مسؤولًا عن اختراع الإنْبِيْق، أي الجهاز الذي سمح بتقطير الكحول من النبيذ والجعة.
ولكن بن حيّان لم يكن يحاول صنع الكحول، بل كان يقوم بتجارب لتحسين إنتاج الكحل، وهو نوع تقليدي من أقلام العيون، وفقًا لما أوضحه معمل معدي للتقطير الفلسطيني.
وكان بن حيًان يقوم بتقطير النبيذ عندما أدى به ذلك إلى إنتاج سائل شفاف قوي.
ويُصنع العرق من مزيج من العنب وبذور اليانسون التي تمنحه رائحة فريدة قليلًا تشبه رائحة العرقسوس ونكهة تشبه مشروب الأفسنتين.
وأوضح نادر معدي، وهو مؤسس معمل معدي للتقطير، أن إنتاج العرق يبدأ من صنع النبيذ.
ويقوم التقطير الأول بتركيز المشروب الروحي، ما ينتج عنه محتوى كحولي أعلى بكثير، بينما يعمل التقطير الثاني على تنقية المشروب، والتخلص من المركبات المتطايرة التي تنتج عن عملية التخمير. وتُضاف بذور اليانسون خلال التقطير النهائي.
وقال معدي، وهو أحد المنتجين الشباب البارزين في نهضة مشروب العرق لـCNN إنه بدأ في تقطير المشروب الروحي باستخدام الأساليب التقليدية في عام 2010، إذ فشل في العثور على مشروب العرق عالي الجودة بعد انتقاله إلى الأراضي الفلسطينية للعمل الإنساني.
وتابع معدي أن الشرق الأوسط يتمتع بـ "تاريخ غني جدًا في صناعة النبيذ والمشروبات الروحية، وقد حان الوقت لمشاركته مع العالم".
ويُعد إنتاج العرق في الأراضي الفلسطينية أمرا مؤثرا بشكل خاص بالنسبة لمعادي، وهو أمريكي فلسطيني نشأ في ولاية بنسلفانيا الأمريكية، مشيرا إلى أنه يستمد مكوناته من مزارعين محليين "جميعهم يتعرضون لخطر التهجير القسري".
ويُعتبر مشروب العرق رمزًا ثقافيًا مهمًا للكثير من العرب الذين يعيشون في الخارج، إذ أوضح معدي أن جيل الشباب المهتم بالأصالة ساعد في زيادة الاهتمام بمشروب العرق التقليدي.
وتابع: "هذا الجيل الجديد مهووس حقًا بالتقاليد والأصالة. لقد تمكنت من تنمية جيل جديد من شاربي الكحول الذين يفخرون به حقًا، ويحتفلون بالعرق، ويفهمون كيف يتناسب مع مطبخنا".
وفي نهاية المطاف، يأمل معدي أن يساعد الاحتفال بيوم العرق العالمي على "وضع مشروب العرق على الخريطة"، بحسب ما ذكره، مؤكدًا: "أريد فقط أن يتم الاعتراف به واحترامه".