دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- أنهت مضيفة الطيران سينثيا هيك إعلان إجراءات السلامة على متن الطائرة، وسارت عبر المقصورة للتأكد من أن الركّاب لديهم جهوزية للإقلاع.
وأخذت لحظة لتبتسم وتحيي كل مسافر على حدة، بينما تابعت زميلتها المضيفة هانا هيك المشهد بإعجاب، ثم قالت هانا بشكل عفوي عبر مكبر الصوت: "هل يرى الجميع هذه السيدة الجميلة التي ترتدي سترة النجاة؟ هذه جدتي، لذا آمل أن يتصرّف الجميع بلطف معها".
وضحك بعض الركاب، بينما صفق البعض الأخر، ونظر البعض إلى سينثيا غير مصدقين أن لديها حفيدة بالغة.
وبعد بضع دقائق، كانت هانا تجري فحوصات الامتثال للسلامة، واغتنمت سينثيا الفرصة لتمسك مكبر الصوت وتردّ على حفيدتها، وقالت: "اسألوا هانا من قام بغسل ملابسها الليلة الماضية".
ولاقى هذا الإعلان تفاعلاً أكبر من قبل ركاب الطائرة.
العمل سويا
عملت سينثيا، البالغة من العمر 72 عامًا، كمضيفة طيران لدى خطوط "ساوث ويست" الجوية منذ نحو 20 عامًا. وقررت حفيدتها هانا، البالغة من العمر 24 عامًا، أن تسير على خطاها بعد عام من الشعور بعدم الرضا في الكلية.
تتذكر سينثيا دائمًا اللحظة التي تواصلت معها حفيدتها البالغة من العمر 19 عامًا آنذك لتقول لها إنها ستترك الكلية، وأنها مهتمة بقطاع الطيران. ولطالما كانت الجدة وحفيدتها لديهما قرب من بعضهما البعض. وشعرت هانا بأن جدتها تدعمها في هذا القرار، كما تفعل دائمًا.
وبعد فترة وجيزة، بدأت هانا العمل لدى شركة طيران إقليمية أمريكية تدعى "ميسا". وبعد بضع سنوات، تقدمت بطلب إلى خطوط "ساوث ويست" الجوية
وعندما تلقت هانا خبر القبول، شعرت بسعادة غامرة، وكانت سينثيا سعيدة بالقدر ذاته، إذ لا أحد آخر من عائلة هيك يعمل في مجال الطيران، وقد كان بقية أفراد عائلة هانا سعداء لأنها ستسير على خطى جدتها.
في هذا الوقت تقريبًا، انتقلت هانا للعيش مع جديها. وهذا يعني أن سينثيا وهانا سيعملان بالمطار ذاته، أي مطار "هاري ريد الدولي" في مدينة لاس فيغاس الأمريكية.
وتتذكر هانا قائلة: "لقد كنت متحمسة للغاية. وآمل أن نتمكن من الطيران معًا".
وقد كانت سينثيا حاضرة خلال حفل تخرج هانا كمضيفة طيران في عام 2022، وقامت بنفسها بوضع شارة مضيفة الطيران، اي دبوس الجناحين، لحفيدتها.
وكانت سينثيا تخطط أيضًا للتأكد من أنها سترافق حفيدتها على متن أول رحلة جوية لها كمضيفة طيران.
وتقول هانا: "لقد غمرتني السعادة، لأنها كانت معي".
وكان العمل معًا لأول مرة أمرًا خياليا ومثيرًا لهانا وسينثيا معًا.
وتابعت: "لم أستطع التصديق، ونظرت إلى الخلف فإذا هي واقفة هناك تصدر الإعلانات للركاب، ثم قدمنا خدمة المشروبات معًا".
تتذكر هانا أنه كان أمرًا لا يصدق أن تتمكن من العمل مع جدتها.
وتضيف: "لقد قضينا وقتا رائعا...كان أمرًا مميزًا أن تكون معي خلال رحلتي الأولى".
وقد كانت رحلة طويلة ومتعددة المراحل، أي نوع من الرحلات الذي تتجنبه سينثيا عادة، نظراً لأقدميتها لدى شركة الطيران، إلا أنها خاضتها كاستثناء من أجل هانا.
التعلم من بعضهما البعض
بدأت سينثيا الطيران في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، بعد أن انتقلت هي وزوجها من الغرب الأوسط إلى لاس فيغاس. وقد رصدت إعلان توظيف لدى خطوط "ساوث ويست" الجوية في الصحيفة، وأمضت ثلاث سنوات في العمل كموظفة أرضية قبل أن تصبح مضيفة طيران.
وبينما عملت سينثيا في وظائف أخرى في الماضي وأمضت سنوات في تربية أطفالها، لم تعرف هانا جدتها إلا كمضيفة طيران تسافر حول العالم.
ولطالما أحبت هانا سماع قصص جدتها عن وظيفتها، ولديها ذكريات جميلة عن الطيران معها خلال إجازتها الصيفية.
وتقول هانا: "لطالما أحببت السفر معها وزيارتها في فيغاس. لقد تأثرت بها كثيرًا، وشعرت بالانبهار لكونها تسافر في جميع أنحاء العام كجزء من عملها".
ولكن، بينما اعتقدت هانا أن وظيفة جدتها كانت مثيرة، فقد رأت أيضًا الجوانب الأكثر صرامة في حياة مضيفة الطيران، حيث تضطر جدتها إلى العمل خلال أيام العطلات، وتفوّت التجمعات العائلية خلال أعياد الميلاد.
كانت هانا ممتنة للعمل الجاد والتفاني الذي جسدته جدتها ما دفعها للسير على خطاها، وفي المقابل، كانت سينثيا حريصة على نقل خبرتها إلى حفيدتها.
تقول سينثيا إنها كانت تشرح لحفيدتها أن بعض الركاب يسافرون ربما للمرة الأولى في حياتهم، لذا يتوجب مساعدتهم والإجابة عن أسئلتهم مع إظهار التعاطف.
وتؤكد هانا أن سينثيا تجلب هذا التعاطف إلى كل جانب من جوانب حياتها، وهو ما يُعد مصدر إلهامها.
وعملت سينثيا وهانا معًا عدة مرات خلال عام 2022. وفي رحلتهما الثانية معًا، أصدرتا إعلانات ساخرة على متن الطائرة عن بعضهما البعض - وسرعان ما اكتشفتا أن المسافرين يتأثرون بمدى ارتباطهما.
انتقلت هانا الآن إلى مدينة هيوستن بولاية تكساس الأمريكية، لذا من المرجح أن تسافر مع سينثيا هذه الأيام، وتزور جدتها في لاس فيغاس بشكل متكرّر، وعندما تحدث الثنائي مع CNN في مكالمة فيديو عبر "زووم"، كانتا تجلسان معًا في غرفة معيشة سينثيا، وتخططان لخوض رحلة معًا في اليوم التالي.
وإلى جانب السفر والطيران، تشترك الجدة والحفيدة في حبهما للخياطة والطهي.
وتنسب هانا الفضل إلى سينثيا ليس فقط في إلهامها لممارسة مهنة الطيران، ولكن أيضًا في دعمها طوال فترة طفولتها، حيث انفصل والداها عن بعضهما البعض عندما كانت صغيرة، وتقول هانا: "لقد جعلتني (سينثيا) أشعر أن كل شيء سيكون على ما يرام، إنها بجواري، لولاها لما كنت حيث أنا اليوم. لقد دعمتني منذ الصغر".