دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- تنضم كوريا الجنوبية إلى قائمة الدول التي تكافح بق الفراش، عقب تعرّضها لموجة تفشي هذه الآفة. ووُضِعت الحمامات، والمساكن الجامعية، ومحطات القطارات في جميع أنحاء البلاد، بحالة التأهب القصوى.
وتم الإبلاغ عن ثلاثين إصابة مؤكدة أو مشتبه بها منذ نهاية أكتوبر/تشرين الأول، الأمر الذي دفع بالحكومة للإعلان عن حملة تمتد لأربعة أسابيع، تهدف إلى القضاء على هذه الحشرات الماصّة للدماء.
في السابق، كانت البلاد خالية عمليًا من بقّ الفراش، ومردّ ذلك إلى الحملات السابقة للقضاء عليها. ومنذ عام 2014، بُلّغت هيئة مكافحة الأمراض والوقاية منها في كوريا (KDCA) عن تسع حالات إصابة فقط.
إنّ الانتشار المفاجئ لهذه الآفة، عقب تقارير مماثلة عن تفشيها في فرنسا والمملكة المتحدة، وازدياد الحالات في الولايات المتحدة، تثير القلق بين الناس، حيث امتلأت وسائل التواصل الاجتماعي بالصور والروايات عن معاناة الناس من هذه الحشرات ومواجهتها.
وأبلغت شركات مكافحة الآفات عن ازدياد طلبات المساعدة، فيما أنشأت بعض المواقع الإلكترونية أقسامًا خاصة بهذه المشكلة، توفّر للمستخدمين مكانًا لمشاركة النصائح حول كيفية التعامل مع الآفات، إلى اقتراحات تتراوح بين تجنّب التردّد على السينما، والوقوف في وسائل النقل العام.
وعكست بعض التعليقات الخوف والارتباك لدى الجمهور الذي لم يتعامل مع هذه الحشرات منذ سنوات.
الخوف من وصمة العار
يرجّح الخبراء تفاقم تفشي البق راهنًا قبل أن يتحسّن الوضع، ويعتقدون أن ما يثير بعض القلق خوف الناس من وصمة العار في حال تعرّضوا للعض.
فرغم أن بقّ الفراش لا ينشر الأمراض، إلا أنّ الحكة الناتجة عن لدغاته قد تسبّب قلة نوم، والتهابات جلدية ثانوية إذا خدشها الأشخاص بشدة. يمكن اعتبار التعرّض لعضة إحدى الحشرات، التي يقل قطرها عن سنتمتر (0.3 بوصة)، أمرًا محرجًا اجتماعيًا أيضًا.
وقال مسؤول حكومي طلب عدم ذكر اسمه: "من غير الواضح راهنًا ما إذا كان عدد حالات بق الفراش سيزداد، لكنّ بعض الأفراد قد يتردّدون بإبلاغ الحكومة عنها، بسبب مخاوف من وصمهم لأسباب تتعلّق بالنظافة". وطلب منهم عدم ذكر اسمهم والتحدث إلى وسائل الإعلام، وذلك عقب اجتماع الأزمة الذي عُقد الثلاثاء، وضمّ 17 مدينة حضرية وحكومات إقليمية ووزارات ذات صلة.
وذكر المسؤول أنّ الحكومة تتعاون حاليًا مع شركات مكافحة الآفات الخاصة للحصول على فهم أكثر شمولاً للوضع. إذ قد يتردّد بعض الأفراد في الإبلاغ عن الحالات مباشرة إلى السلطات، خوفًا من الآثار السلبية على أعمالهم أو سمعتهم.
وتسرّع حكومة كوريا الجنوبية عملية استيراد أنواع جديدة من المبيدات الحشرية في حال لم تكن تلك المتوفرة فعالة بما يكفي للقيام بهذه المهمة.
وفي الوقت عينه، تعاني شركات مكافحة الآفات من ارتفاع طلبات المساعدة التي تردها عبر الهاتف.
وقال إيوم هاي وون، الرئيس التنفيذي لشركة تشوا كلين لمكافحة الآفات، ومقرها إنتشون: "كنا نتلقى أقل من خمس مكالمات سنويًا متّصلة ببقّ الفراش سابقًا، لكن في الوقت الحاضر، نتلقى مكالمتين أو ثلاث مكالمات يوميًا".
ولفت إلى أنّ الشركات المحلية لا تتمتّع بالخبرة الكافية للقضاء على الآفات، كما أنّ المبيدات المتاحة ليست فعالة.
وأضاف: "لذلك، نقوم بجمع بقّ الفراش لأغراض البحث والتجريب".
سيؤول تبحث عن البق
وفي العاصمة سيؤول، أطلقت حكومة المدينة "نظامًا جديدًا للإبلاغ عن بقّ الفراش وإدارته"، ومبادرة "مدينة خالية من بقّ الفراش، سيؤول"، التي بموجبها ستقوم بتفتيش 3175 منشأة سكنيّة، وحمّامات، وجيمجيلبانغ (حمّامات ساونا كورية تحوي غرفًا بدرجات حرارة متفاوتة).
وأفادت حكومة المدينة في بيان صحفي: "ستستمر عمليات التفتيش الخاصة هذه خلال موسم العطل في نهاية العام، خصوصًا في المناطق التي تسجّل كثافة عالية من أماكن الإقامة والحمامات، وتحظى بشعبية كبيرة بين المقيمين الأجانب".
وأشارت المدينة إلى أنها ستوفر أيضًا دعمًا لمكافحة الآفات للوحدات السكنية الصغيرة المعروفة باسم jjokbang أو gosiwon التي تبلغ مساحتها عادةً حوالي 3-6 أمتار مربعة (30-60 قدمًا مربعًا)، وتضمّ بعضًا من أفقر سكان سيؤول.
وتشمل المناطق الأخرى التي تعتبر عالية المخاطر مترو الأنفاق، ودور السينما. وتقول الحكومة إن حملتها ستشمل التنظيف الدوري لمقاعد مترو الأنفاق بالبخار.
وقال لي سي هيوك، أستاذ التكنولوجيا الحيوية الزراعية بجامعة سيول الوطنية، إنّ "بقّ الفراش يكتسب مقاومة للمبيدات الحشرية التي نستخدمها عادة، لذا فإن الحل الأكثر فعالية اللجوء إلى الحرارة المرتفعة". وأضاف: "تبيّن أنّ درجة حرارة تبلغ حوالي 45 درجة مئوية قد تقتل الحشرات والبيض".
وأشار إلى أنّ استخدام المجفّف أو المكواة قد يكونان وسيلة فعالة للقضاء على بق الفراش وبيضه من القماش.
وأوضح أنه معلوم "أنّ القضاء على بقّ الفراش كليًا مهمة صعبة، لذا فإنّ أفضل طريقة تتمثّل بمنعهم من دخول منزلك. فالاستجابات المبكرة والاستباقية أمر بالغ الأهمية".