يرمونهنّ بأعقاب السجائر.. سلوكيات السياح المشاغبة تجاه فتيات "الغيشا" في اليابان تدفع السلطات لاتخاذ التدابير

سياحة
نشر
6 دقائق قراءة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- هل سمعت عن فتيات"الغيشا" من قبل؟  هنّ نساء يؤدين الفنون التقليدية اليابانية مثل الغناء، والرقص، والعزف على الآلات للترفيه عن الضيوف أثناء تناول الطعام والشراب.

وتقوم العديد منهن بالعمل والإقامة في جيون، وهو الحي التاريخي والأنيق في مدينة كيوتو، إحدى المدن السياحية الأكثر شعبية في اليابان.

وعندما تتنقل هؤلاء النساء بين مكان العمل والمنزل، يجب عليهن السير في الشوارع وهن يتزين بملابس الكيمونو التقليدية ، ومساحيق التجميل في مشهدٍ جميل.

وتُعد حركة فتيات "الغيشا" عامل جذب سياحي أيضًا، وتحاول حشود من الزوار التقاط صور لهن خلال عبورهن الشوارع الخلابة. 

ونتيجةً لذلك، أُطلق على هؤلاء السياح لقب مؤسف، وهو "باباراتزي الغيشا"، أي مطاردو الغيشا من المصورين.

ويواجه السياح الأجانب أحيانًا صعوبةً في فهم العادات والآداب اليابانية.

وفي عام 2015، صممت مدينة كيوتو منشورات ورقية تستخدم الصور التوضيحية لشرح "الأنشطة المزعجة" أثناء السفر، مثل رمي النفايات، واستخدام عصا الـ"سيلفي"، والتدخين في المناطق المحظورة، بالإضافة إلى التقاط الصور لفتيات "الغيشا".

ولكن شكل التصوير الفوتوغرافي، و"بابارازي الغيشا" على وجه الخصوص، أكبر مشكلة.

وبلغت المشكلة ذروتها في عام 2019 عندما وردت تقارير عن زوار مشاغبين قاموا بسحب أقمشة الكيمونو التي ترتديه فتيات "الغيشا"، ومطاردتهن بالكاميرات، والهواتف الذكية، ونزع زينة شعرهن، وحتّى رمي أعقاب السجائر عليهن.

وفي ذلك العام، نشر حي جيون لافتات وإشعارات تحظر التصوير الفوتوغرافي، محذّرًا من أنّ المخالفين سيواجهون غرامة مالية.

مع ذلك أشار السكرتير التمثيلي لمجلس منطقة الجانب الجنوبي لبلدة جيون، إيسوكازو أوتا، إلى أنّ "الباباراتزي" أصبحوا أكثر وقاحة منذ عودة السياحة الجماعية إلى اليابان بعد الجائحة.

الكثير من القواعد، والقليل من التنفيذ

فتيات الغيشا
تصطف المقاهي والمطاعم على طول زقاق بونتوتشو الشهير في حي جيون.Credit: Kike Calvo/Universal Images Group/Getty Images

واليوم، توضح لافتات بثلاث لغات أيضًا أن التصوير الفوتوغرافي لفتيات "الغيشا" غير مسموح به دون تصريح، وأنّه يمكن فرض رسوم على المخالفين تصل إلى 10 آلاف ين (67 دولارًا).

ولكن أوتا أشار إلى أنّ هذه الغرامة غير قابلة للتنفيذ.

ويخطط المجلس المحلي في جيون لإغلاق الأزقة الجانبية تمامًا أمام السياح بحلول أبريل/ نيسان المقبل.

ولكن لا يمكن للطريق الرئيسي في جيون، الخضوع لحظر التصوير الفوتوغرافي نظرًا لكونه شارعًا عامًا.

وتستخدم معظم فتيات "الغيشا" هذا الطريق، ما يجعله المكان الرئيسي لتجمّع "الباباراتزي".

ولفت أوتا إلى أنّ "الأشخاص الذين يلتقطون صورًا لشوارع جيون في الشارع الرئيسي والسياح الذين يلتقطون صورًا للمايكو (متدربات الغيشا) من بعيد ربما لا يعرفون القاعدة التي تحظر التصوير الفوتوغرافي".

مع ذلك، يعتقد أوتا أنّ السياح الأجانب الذين ينتظرون خروج "المايكو" في أزقة المناطق التي يُحظر فيها التصوير الفوتوغرافي بجيون يعرفون القواعد، ولكنهم يتجاهلونها.

وتابع: "حتى لو قمنا بتحذير السياح، فمن الصعب إقناعهم في هذه المرحلة".

ونتيجةً لذلك، أشار أوتا إلى أنّ بعض السكان المحليين أخذوا على عاتقهم مسؤولية تأديب السياح الذين يتصرفون بشكل سيء.

ومع ذلك، يبحث أوتا وغيره من سكان جيون عن طرق للحد من مشاكل "باباراتزي الغيشا"، واقترح مطالبة جميع السياح القادمين إلى الحي بمرافقة مرشد سياحي ياباني يمكنه تثقيفهم حول آداب السلوك.

ويعتقد أيضًا أنّ المزيد من التعليم سيساعد الأشخاص على إيجاد طرق للقاء "المايكو" و"الغيشا" والتفاعل معهن بدون مضايقتهن في الشارع.

وعلى سبيل المثال، يستضيف مسرح جيون المحلي عروضًا لـ"المايكو" بشكلٍ دوري،  وبعد ذلك يسمح لأفراد الجمهور بالتقاط الصور مع الفتيات.

كيف تعاملت المجتمعات الأخرى مع مشاكل مماثلة؟

رُغم أنّ فتيات "الغيشا" يتواجدن في اليابان فقط، إلا أنّ المشاكل المتعلقة بآداب التصوير الفوتوغرافي نمت بشكلٍ كبير في عصر منصات التواصل الاجتماعي.

وحقق "شارع القطار" الشهير في هانوي، حيث تقع المنازل على بعد بضع بوصات فقط من مسار القطار الذي يعود إلى الحقبة الاستعمارية، نجاحًا هائلا على منصة التواصل الاجتماعي "إنستغرام" خلال السنوات الأخيرة.

ولكن مع الاستمرار في استخدام المسارات إلى حدٍ كبير، وتحول الإصابات الوشيكة إلى مشكلة أكبر تتعلق بالسلامة، أمرت حكومة هانوي المحلية بإغلاق جميع المقاهي على طول "شارع القطار" في عام 2022، وسحبت تراخيصها التجارية.

وأُقيمت حواجز كبيرة لإبعاد الناس عن المسارات.

وعلى الجانب الآخر من العالم، ظهرت صيحة يلتقط فيها الزوار صورًا لجعل الأمر يبدو وكأنهم "يعبثون بأنوف" تماثيل "مواي" الشهيرة على جزيرة القيامة.

وأدّى الجمع بين السياحة المفرطة وسلوكيات التصوير السيئة  إلى سلسلة من الضوابط على الجزيرة، ومنها خفض مدة التأشيرات السياحية من 90 يومًا إلى 30 يومًا، والسماح للزوار بالمشي فقط على المسارات المخصصة، بدلاً من الاقتراب من تماثيل "مواي".