دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- في 24 يناير/ كانون الثاني، انطلقت منشئة المحتوى بيلومي نوبي التي ترعرعت في لندن، برحلة منفردة في سيارتها الأرجوانية المحبوبة بيجو 107، من عاصمة المملكة المتحدة إلى لاغوس بنيجيريا.
استغرقت مغامرتها شهرين تعرّضت خلالهما لحادث سيارة مروع. واستقبلت الشابة البالغة من العمر 29 عامًا، استقبال الأبطال لدى وصولها الأحد إلى لاغوس، أكبر مدينة في الدولة الواقعة غرب إفريقيا، بعدما عبر بسيارتها حوالي 17 دولة، ضمنًا فرنسا والمغرب والسنغال وسيراليون.
وأفادت في بيان قبل وقت قصير من استكمال رحلتها الملحمية: "لقد كانت مغامرة مذهلة، مليئة بالمفاجآت الجميلة".
توضح نوبي التي ولدت في لاغوس، أنّ هدفها كان منذ فترة طويلة "تبيان أنّ السفر يمكن أن يكون سهلاً وآمنًا وقابلاً للتنفيذ"، خصوصًا بالنسبة للمسافرات المنفردات من النساء من ذوي البشرة الداكنة مثلها.
مغامرة رائعة
بعد اطّلاعها على قصة كونلي أديانجو، رجل نيجيري سافر من لندن إلى لاغوس على الدراجة، بدأت تبحث عمّا إذا كانت امرأة من ذوي البشرة الداكنة غامرت منفردة بسيارتها.. لكنها لم تعثر على سجل لذلك.
ولهذا المسار معنى شخصي جدًا بالنسبة لنوبي، حيث كانت حريصة على ربط المدينتين اللتين تعتبرهما موطنًا لها.
وقالت لـCNN: "في كل مرة أعود فيها إلى المنزل، كنت أحلّق فوق هذه الأماكن"، موضحة أنه رغم سفرها إلى حوالي 80 دولة، إلا أنها لم "تقم بالكثير من الاستكشاف" في أجزاء أخرى من غرب أفريقيا وأفريقيا، وأنها كانت فضولية لرؤية المزيد.
وسبق أن قامت نوبي برحلة برية حول ناميبيا بسيارة رباعية الدفع، وسافرت من غانا إلى لاغوس، ثم عادت بوسائل النقل العام، إلا أنّ تجربتها في السفر البري كانت محدودة نسبيًا. وفي عام 2023، سافرت إلى بحيرة كومو في إيطاليا بالسيارة "كاختبار".
وتضيف: "إنه مسار أكبر بكثير من حيث السفر عبر القارة".
رغم أن سيارات الدفع الرباعي هي الأفضل للرحلات البرية، أوضحت نوبي أنه نظرًا لأنها تعلم أنّ الرحلة إلى لاغوس ستكون مٌكلفة جدُا، فلم يكن منطقيا بالنسبة إليها إنفاق المزيد من المال على سيارة جديدة.
وقرّرت في نهاية المطاف استخدام السيارة الموثوقة التي تملكها منذ خمس سنوات.
ومن أجل التأكد من أنّ سيارتها ستكون مناسبة لرحلة الـ10 آلاف كيلومتر، قامت نوبي بتعديلها خصيصًا لذلك، من خلال إضافة سرير ومرفق مطبخ بداخلها.
وقالت لـCNN: "استغرق هذا الأمر شهرًا تقريبًا، سعيًا منها كي يتناسب كل شيء مع سيارة بيجو 107".
وبعدما أمضت نحو عام في التحضير للرحلة، انطلقت من لندن في أواخر يناير/ كانون الثاني، متجهة إلى فرنسا وإسبانيا، ثم المغرب.
وأشارت نوبي إلى أنها: "عندما عبرت إلى المغرب، بكت ولم يكن بكاؤها بكاء حزن".
وأضافت "غمرني شعور قوي ناتج عن إدراكي للنجاح الباهر الذي حقّقْته، لقد أفرطت في تعقيد هذه العملية برأسي. اعتقدت حقًا أنّ الأمر سيكون أصعب ممّا كان عليه. وهذا جعلني أتساءل ما الذي كنت أفكّر فيه أكثر من اللازم بحياتي".
حادث مخيف
من المغرب، قادت نوبي سيارتها عبر الصحراء الكبرى التي تعتبر أكبر صحراء حارة في العالم، ومنها إلى موريتانيا. لم تكن التجربة كما اعتقدت.
وأوضحت: "اعتقدت أن الصحراء ستكون مليئة بالكثبان الرملية، لكنها كانت مدينة بأكملها. لقد كان في الواقع أحد أفضل الطرق التي قدت سيارتي عبرها".
بمجرد وصولها إلى موريتانيا، تابعت نوبي طريقها إلى السنغال، ثم غامبيا، فغينيا بيساو، وغينيا، وسيراليون، وليبيريا، وغانا.
ومع ذلك، لم تكن الرحلة خالية من التحديات، بعضها كان أكثر خطورة من غيرها.
وبعد تأخيرها على الحدود عند دخول ساحل العاج، اصطدمت نوبي بشاحنة متوقفة أثناء القيادة ليلاً.
وقالت: "لقد كان الأمر مرعباً بالتأكيد. كانت متوقفة في منتصف الطريق. لا يوجد ضوء الخطر، فاصطدمت بها. لم أتعرّض لحادث في حياتي، لذلك كان الأمر مثل، ’ما الذي حدث للتو؟‘".
ولحسن الحظ أنّها لم تصب بأذى أثناء الاصطدام، لكن تعرضت سيارتها لأضرار بالغة.
وفيما كانت تفكر بإنهاء الرحلة في سيارة أخرى، عدلت نوبي عن الأمر وانتظرت إصلاح سيارتها البيجو، التي أطلقت عليها اسم "لومي"، ثم أكملت مسارها.
وتقول: "شهدت على أصعب أيامي. لقد بكيت فيها. لقد صرخت من الفرح فيها".
أدى الحادث إلى تأخير وصول نوبي إلى لاغوس، وكذلك التأخيرات المختلفة على الحدود، التي شملت الانتظار لمدة 48 ساعة لدخول ليبيريا.
ولفتت إلى أن "الحدود كانت أصعب من الحادث. الحمد لله أنني لم أصب في الحادث، لكن الحدود كانت مروعة جدًا لجهة انعدام حرية الحركة داخل القارة الأفريقية".
وبعد مغادرة ساحل العاج، توجّهت نوبي إلى توغو ثم بنين، قبل أن تصل إلى وجهتها النهائية في لاغوس، نيجيريا، في 7 أبريل/ نيسان.
وبينما استمتعت بالرحلة "الجريئة" كثيرًا، تعترف نوبي بأنها كانت تشعر بالوحدة في بعض الأحيان.
قالت: "نعم، تقابل أشخاصًا جددًا، لكنك تفتقد طبخ والدتك وسريرك".
الصورة الأكبر
نوبي، التي كانت تؤرخ رحلتها عبر حساباتها على موقعي انستغرام ويوتيوب، شعرت بالذهول من الدعم الذي تلقته على طول مسارها، وتقول إنّ مجتمعها عبر الإنترنت ساعدها على الاستمرار خلال بعض أصعب الأوقات.
وروت أنها "كانت رحلة منفردة، لكنها كانت أكبر مني حقًا. وبعد وقوع الحادث، شعرت أن الأمر لا يمكن أن ينتهي عند هذا الحد. كان هناك الكثير من الأشخاص الذين يكملون رحلتهم حتى النهاية".
وتواصلت معلمة بنوبي لتخبرها أن طلابها يتابعون رحلتها عن كثب وأنّ الأهل يبعثون لها برسائل داعمة من أطفالهم.
ولفتت نوبي التي وقّعت على عقد شراكة مع شركة Osprey الأمريكية في وقت مبكر من الرحلة، "إلى أنّ التفاعل مع المجتمع والأشخاص الذين شجعوني كان مذهلاً. ذكريات مذهلة لا تقدر بثمن".
ومن خلال تسليط الضوء على غرب أفريقيا، تأمل نوبي بأن نتمكن من المساعدة على "تغيير السردية" في ما يتعلق بالطريقة التي يُنظر بها إلى المنطقة في جميع أنحاء العالم، وكانت سعيدة للغاية لأنها تمكنت من عرض مواقع مثل كنيسة سيدة السلام ياموسوكرو في ساحل العاج، التي يُعتقد أنها أكبر كنيسة في العالم.
أما بالنسبة لخططها المستقبلية، فهي تفكر بالقيام برحلة برية من لاغوس إلى جنوب أفريقيا. غير أنها تخطّط نوبي لترك سيارتها المحبوبة خلفها هذه المرة.
وقالت: "ستعيش أفضل حياتها في نيجيريا"، مضيفة أنها ستحب لو وضعت لومي في "متحف صغير" إذ يُحتمل أن تلهم الأجيال التالية.
وفي ما تعتقد أنها الآن أول مسافرة من ذوي البشرة الداكنة تقود سيارتها بمفردها من لندن إلى لاغوس، إلا أن نوبي ليست مهتمة بمثل هذه الألقاب وتقول إن هذا لم يكن هدفها أبدًا.
وأوضحت: "لقد كان الأمر يتعلق بإلهام الناس، والإجابة على سؤال ’هل تعتقد أن الذهاب من لندن إلى لاغوس أمر مستحيل؟‘ لقد فعلت ذلك".
وخلصت إلى أن الأمر "كان يتعلق بالصورة الأكبر. الجوائز جميلة لكنها لا تلامس ما كنت أحاول تحقيقه".