دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- هل سبق أن مُنعت من الصعود على متن طائرة بسبب ما ترتديه؟ تعرّضت العديد من المسافرات لهذا الموقف، ومن بينهم عارضة أزياء، وطبيبة، وغيرهنّ.
وشكلت الخطوة الأولى النموذجية لهؤلاء الركاب بنشر شكواهن عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وهذا ما فعلته أورورا كولبو عندما اضطرت شقيقتها أوليفيا كولبو، وهي عارضة أزياء، وفائزة سابقة في مسابقة ملكة جمال الكون، إلى تغطية حمالة صدرها الرياضية السوداء، وسروالها القصير الخاص لركوب الدراجات بسترة قبل الركوب على متن رحلة طيران تابعة للخطوط الجوية الأمريكية متجهة إلى كابو سان لوكاس في عام 2022.
وقامت أورورا، التي كانت برفقة شقيقتها، بانتقاد شركة الطيران عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
من جهتها، انتقدت تيشا رو، وهي طبيبة مقيمة في هيوستن، شركة الطيران علنًا خلال حادثة وقعت في يوليو/تموز من عام 2019، إذ طُلِب منها تغطية ملابسها "الكاشفة للغاية" ببطانية على متن رحلة جوية من جامايكا إلى ميامي.
وفي موقف أحدث، وظّفت إحدى الراكبات غضبها، وقامت بخطوة إضافية إلى الأمام من خلال تعيين محامية الحقوق المدنية البارزة، غلوريا ألريد، بعد حادثة وقعت لها على متن طائرة تابعة لخطوط "دلتا" الجوية خلال يناير/كانون الثاني عام 2024.
وأفادت الراكبة ليزا آرشبولد أنّها "عُومِلت كمجرمة" لأنّها لم ترتدي حمالة صدر تحت قميصها خلال رحلة جوية من سولت ليك سيتي إلى سان فرانسيسكو.
وقالت إنّ وكيل البوابة اصطحبها لخارج الطائرة ولم يُسمح لها بالسفر إلا بعد أن ارتدت قميصًا فوق ملابسها "الكاشفة".
الراحة أصبحت أولوية
قبل سن قانون تحرير شركات الطيران (Airline Deregulation Act) في عام 1978، دفع المسافرون في الولايات المتحدة مبالغ كبيرة مقابل تذاكر الطيران، وارتدوا ملابس عكست ذلك، مع ظهورهم ببدلات من ثلاث قطع، وفساتين، وأحذية الكعب العالي.
وفي الوقت الحاضر، تحولت الراحة إلى أولوية، فأصبحت غالبية المقصورات الاقتصادية الحديثة مأهولة بركاب يرتدون سراويل "الجينز"، وقمصان، وسترات ذات قلنسوة، وصنادل، وملابس النوم أحيانًا.
ولكن حتّى عند أخذ المعيار الجديد الأكثر بساطة بعين الاعتبار، يمكن أن تُعزى الخلافات بشأن الملابس، والتي قد تحدث بين الركاب وموظفي شركات الطيران، بشكلٍ جزئي إلى حالة الغموض العام التي تكتنف سياسات شركات الطيران.
وعندما يشتري شخص ما تذكرة طيران، فإنّه يوافق أيضًا على الالتزام بعقد النقل، وهي وثيقة قانونية تحدد سياسات شركة الطيران.
ولكن لا تتمتع بعض شركات الطيران بقواعد رسمية بشأن الملابس، وبدلاً من ذلك، يشمل العقد سطر أو سطرين حول ما هو محظور.
وبالنسبة للعديد من شركات الطيران، يحظر بشكلٍ واضح السفر بلا انتعال الأحذية.
وقد تحدد شركات الطيران أيضًا معايير أخرى حول مظهر الركاب.
وتنص الخطوط الجوية الأمريكية وببساطة على ضرورة ارتداء ركابها "ملابس مناسبة، مع عدم السماح بعدم انتعال الأحذية، أو الملابس المسيئة".
وتحظر شركة "سبيريت" الجوية أيضًا الركاب الذين لا ينتعلون الأحذية، والملابس "البذيئة، أو الفاضحة، أو ذات الطابع المسيء".
مشكلة قائمة على الجنس
أما الجانب الأكثر تعقيدًا في غالبية السياسات، فيتمثل بالغموض المتأصل حول ما تعنيه مصطلحات مثل "مناسب"، و"بذيء"، و"مسيء"، ما يمنح موظفي شركات الطيران الكثير من الحرية في تحديد ما يمكن السماح به.
وأشار خبير آداب السلوك المقيم في مانهاتن، والمؤسس المشارك لبودكاست "Were You Raised by Wolves"، نيك لايتون، أيضًا إلى أنّ ما يُعتبر مقبولًا أو مناسبًا يختلف بشكلٍ كبير بين المناطق الجغرافية التي تخدمها شركات الطيران.
ويمكن أن تؤدي هذه الفروقات، ناهيك عن الاختلافات الثقافية، والخلفيات الثقافية المتنوعة بين موظفي شركات الطيران والركاب، إلى استهداف بعض الركاب أكثر من غيرهم.
وتتمحور غالبية هذه الأحداث الأكثر تداولاً حول النساء على سبيل المثال.
وتعترف كاتبة السفر المقيمة في سياتل، والتي عملت كمضيفة لشركة طيران أمريكية لمدة 33 عامًا، ماري جو مانزاناريس، بوجود "قدر لا بأس به من الاستخفاف الجسد" في العديد من الحوادث التي نشاهدها عبر وسائل الإعلام.
وشرحت مانزاناريس: "يتعلق الأمر بالملابس الكاشفة، ويركز ذلك بشكلٍ عام على النساء. ولكن حتّى أكون منصفة، من المحتمل أن يُثير رجل يركب على متن طائرة مرتديًا سروالاً للسباحة ردود الفعل ذاتها".
ولكنها أكّدت:"ليس هناك شك في الأمر، إنّها مشكلة أزياء قائمة على الجنس".
"شرطة الموضة"
وتواصلت CNN مع الأقسام الإعلامية لحوالي 12 شركة طيران أمريكية ودولية كبرى للتعليق على سياسات الملابس خاصتها، وكيفية استجابتها للشكاوى، بما في ذلك تلك المتورطة في حوادث حظيت بتغطية إعلامية كبيرة.
وقال متحدث باسم خطوط "ساوث ويست" لـ CNN إنّ شركة النقل لا تتمتع بقواعد رسمية بشأن الملابس.
وبدلاً من ذلك، أوضح المتحدث أنّ "موظفي ساوث ويست مسؤولون عن استخدام حكمهم الخاص لضمان الراحة والسلامة للجميع أثناء اتباع عقد النقل الخاص بنا". وعندما يتعلق الأمر بالمظهر الشخصي، والنظافة، ينص العقد فقط على أنّه يجوز رفض نقل الركاب الذين لا ينتعلون الأحذية والأشخاص من ذوي الرائحة الكريهة.
وليس من المُستغرب أنّ تكون مهمة مراقبة ملابس الركاب، ومطالبتهم بتغطية أنفسهم إذا لزم الأمر، غير ممتعة تمامًا بالنسبة لمضيفي الطيران أيضًا.
وأكّدت مانزاناريس: "آخر شيء نرغب بالقيام به هو أن نتحول إلى شرطة للموضة".
ولكن كما تشير إليه العناوين الأخيرة، لا يقوم الركاب الذين يتجاوزون حدود ما يمكن ارتدائه (أو عدم ارتدائه)، بوضع أنفسهم فقط في موقف غير مريح فحسب، بل قد يتسببون أيضًا في إزعاج المئات من الركاب الآخرين عبر تأخير الرحلات.