دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- لا تشبه مدينة دبي التي نعرفها اليوم ما كانت عليه في عام 1993، إذ كانت المباني والصناعات الممولة قيد التنفيذ، في تلك الحقبة.
وتوجّب على الإمارة أن ترسّخ مكانتها كوجهة تجذب المستثمرين والسيّاح، فكان مركز التجارة العالمي الذي يبلغ ارتفاعه 149 متراً، المبنى الأطول في المدينة الخليجية.
في ذلك العام، تواصل مكتب حاكم دبي مع شركة "Atkins Global" البريطانية للهندسة المعمارية، بهدف تصميم مبنى من شأنه "إنشاء رابط معروف بين الناس من جميع أنحاء العالم ودولة الإمارات العربية المتحدة"، أي بعبارة أخرى وضع البلاد على الخريطة (العالمية).
ويتذكر المدير الإداري لشركة "Atkins" في الشرق الأوسط، سايمون كريسبي، أنه قد كُلّف "بتزويد الإمارات برمز مرئي قوي يوازي أهمية دار أوبرا سيدني في أستراليا، أو برج إيفل في باريس".
بعد ذلك، أمضى فريق دولي من المهندسين المعماريين السنوات السبع التالية، تحت ستار سري لإنشاء جزيرة اصطناعية ومبنى يبلغ ارتفاعه 321 متراً.
وفي عام 1999، افتتح فندق "برج العرب" أبوابه للمرة الأولى، وعلى مدى عقدين متتاليين، أصبح معلم جذب للنخبة العالمية. ويعد الفندق الآن بمثابة أيقونة من حيث رفاهية الإقامة داخل الأجنحة الفاخرة ومشاهدة أسماك القرش النادرة.
لكن مع كل تلك الميزات، يمكن القول إن ثمة ميزة واحدة أعطت "برج العرب" شهرته، وتتمثّل بمهبط طائرات الهليكوبتر على سطح الفندق.
اتخاذ المسار الجوي
ويقع مهبط طائرات الهليكوبتر على ارتفاع 212 متراً فوق مستوى سطح البحر، حيث يبرز خارج هيكل البرج الشراعي المميز.
وكان المدير الإداري لـ"برج العرب"، أنتوني كوستا، قال لـCNN في عام 2019، إنّ "التحدي الرئيسي كان يتمثّل بضمان صلاحية مهبط طائرات الهليكوبتر من الناحية الهيكلية، ودعم الهندسة الخارجية العامة للفندق"، مضيفاً: أنّ مهبط الطائرات الذي يبلغ عرضه 24 متراً، يستطيع استيعاب 7.5 طن من الوزن كحدٍ أقصى.
ويُوضح كريسبي أن "مهبط طائرات الهليكوبتر كان عليه تلبية معايير الهبوط الهيكلية الآمنة"، مشيراً إلى أنه "كان من الضروري أن يبدو وكأنه يطفو، وأردنا استخدام أقل نسبة من الدعم الصلب".
وتكمن الوظيفة الأساسية لمهبط طائرات الهليكوبتر في خدمة الكونسيرج بالفندق. حيث يُتاح للضيوف اختيار الانتقال من المطار بواسطة سيارة "رولز رويس"، أو الاستفادة من خدمة التنقل بواسطة مروحية الهليكوبتر.
فعاليات أسطورية
إلى جانب وظيفته الأساسية، يشتهر مهبط الطائرات المروحية أيضاً بأنه موقع لتنظيم فعاليات مثيرة. حيث أُقيم على سطحه في عام 2005، مباراة استعراضية لكرة المضرب بين روجر فيدرير وأندريه أغاسي على ملعب جُهز لهذه المناسبة، وصُوّر بواسطة طائرة هليكوبتر.
وتحوّل مهبط الطائرات إلى ملعب للغولف حين سمح للاعب الغولف الأمريكي تايغر وودز ولاعب الغولف الإيرلندي الشمالي روري ماكلروي باللعب فوق الخليج.
وفي عام 2017، جُهزت حلبة ملاكمة على سطح مهبط طائرات الهليكوبتر للبريطاني أنتوني جوشوا، حتى يستعرض موهبته في الملاكمة.
وأشار كوستا إلى أن أكثر التحديات صعوبة حتى الآن، كانت في عام 2013، عندما نُقلت سيارة سباق "فورمولا 1" جواً إلى مهبط طائرات الهليكوبتر للسماح لديفيد كولتارد القيام بحركة دائرية سريعة بالسيارة تُسمى بـ"دائرة الدوناتس"، على سطح صُمم خصيصاً لذلك.
وأصبح الموقع منذ ذلك الحين مساحة جذب للمغامرين، ومنصة للقفز بالطائرات الشراعية، وقفز "BMX" من طائرة هليكوبتر ، بالإضافة إلى القفز بالمظلات.
ومع ذلك، لا تُقبل كل المشاريع المثيرة، إذ بحسب كوستا: "يقيّم كل مشروع مطروح استنادًا إلى أسس لوجستية، وصحية، ومعايير السلامة، قبل المضي في التنفيذ".
ورغم أن مهبط الهليكوبتر قد حصد شهرة عالمية بسبب تبنيه مشاريع جريئة، إلا أنّ الفندق يقدم طرقًا أكثر أماناً للاستمتاع بمهبط الطائرات.
ومنذ عام 2014، أصبح مهبط طائرات الهليكوبتر متاحاً لإقامة حفلات الزفاف، المصممة من قبل "مهندس زفاف" مختص، بسعر يبدأ من 55 ألف دولار، إلا أن هناك بعض الحفلات التي تخطت ذلك السعر بملايين الدولارات.
كما جُهز الموقع أيضاً للحفلات الخاصة. وبالنسبة لكوستا، فإن اللحظة الأفضل لمهبط طائرات الهليكوبتر العام الماضي، تمثلت في حفلة عيد ميلاد ضيفةٍ تحتفل ببلوغها الـ50 من العمر.
وتذكر كوستا تلك اللحظة قائلاً: "لقد قمنا بطلاء أرضية مهبط طائرات الهليكوبتر بعبارة عيد ميلاد سعيد، ما سمح لها بقراءتها أثناء هبوط المروحية التي كانت تقلّها".
ويرى كوستا أن مهبط الطائرات العمودي "يرفع من مستوى دبي وسمعتها في تقديم تجارب لا مثيل لها".
وغالباً ما تتعاون الوزارات الحكومية مع الفندق لتقديم أفكار لتنظيم فعاليات على سطح مهبط طائرات الهليكوبتر، وتستخدمه بشكل كبير في الحملات الترويجية.
ويُذكر، أن "برج العرب" شُيّد في المقام الأول، بهدف ترسيخ مدينة دبي والإمارات على الخريطة العالمية. وبعد مضي 25 عاماً على افتتاحه، تحقق هذا الهدف، بمساهمة كبيرة من مهبط الطائرات الأكثر شهرة في العالم.