مقال للدكتور سريدار بوتارازو، طبيب عيون ورجل أعمال، وهو مؤسس والرئيس التنفيذي لشركة "فايتال سبرينغ تكنولوجيز،" شركة البرمجيات التي تركز على توفير أرباب العمل بتطبيقات للمساعدة في شراء الرعاية الصحية، والمقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا يعكس بالضرورة رأي شبكة CNN.
نيودلهي، الهند (CNN)-- سياسة الخطوط الجوية الهندية الجديدة بشأن أفراد الطاقم الذين يعانون من السمنة المفرطة تثير بعض القضايا اللافتة بالنسبة لبلد يتعامل مع هذا الوباء المتنامي، فبعد اختبار شركة الطيران لأكثر من ثلاثة آلاف موظف، وجدت أن ما يقرب من 20 بالمائة منهم يعانون من السمنة، وقد أوصى الأطباء لهؤلاء الموظفين بالحمية والتمارين الرياضية قبل أن يتم إعادة النظر بتوظيفهم.
في الولايات المتحدة، يمكنك أن تتخيل فقط كم عدد الدعاوى القضائية المتعلقة بالتمييز والتي يمكن أن يواجهها أي صاحب عمل هدد بفصل موظفيه لأنهم يعانون من السمنة.
وهذا لا يعني أن السمنة ليست أزمة رعاية صحية وطنية في الهند أو الولايات المتحدة أو الصين أو دول أخرى، ولكن عدد المضيفات السمينات في خطوط الطيران الهندية قد يكون مؤشرا لوجود مشكلة أكبر.
1- زيادة استهلاك الوجبات السريعة
قد تعتقد أنه في بلد يسود فيه الفقر وسوء التغذية لا يمكن للسمنة أن تكون مشكلة تعاني منها الدولة، ولكن الوضع على العكس من ذلك، فالهند الآن وضعها بالسوء الذي كانت عليه الولايات المتحدة في السبعينيات والثمانينيات، فهناك طفرة في استهلاك الوجبات السريعة والكحول والتبغ.
وفي الواقع، ووفقا لدراسة نشرت في مجلة "لانسيت" في 2013، تمثل الهند والصين 15 بالمائة من السكان الذين يعانون من السمنة المفرطة في العالم.
2- عدم وجود تأمين صحي مناسب
لطالما اختلفت الآراء حول ما إذا كان أسلوب الجزرة و العصا هو أفضل حافز لتنمية السلوكيات الصحية، والتحدي الذي يواجه الهنود مع ارتفاع معدلات البدانة وأمراض القلب ومرض السكر، هو صعوبة الحصول على نظام الرعاية الصحية، فتلك الضرورة الأساسية، مثل التأمين الصحي، لم تتوفر فعليا سوى في السنوات القليلة الماضية.
ورغم ارتفاع أعداد الناس الذين يشترون التأمين الصحي الآن، فسياساتهم تغطي فقط تكاليف المستشفيات، دون رسوم زيارات الأطباء، ولذلك على المرء أن يتساءل كيف يتوقع الشعب الهندي الحصول على الرعاية المناسبة دون إتاحة تلك الفرص لهم؟ فمعظم الناس يدفعون من دخلهم للحصول على الرعاية الصحية، وهذا ما يجعل الرعاية الجيدة فقط متوفرة لمن يستطيع تحمل تكاليفها.
3- أين كل الأطباء؟
في بلد يحتوي على أكثر من مليار شخص، هناك ما يقرب من 800 ألف طبيب، وهو ما يعادل طبيبا واحدا لكل ألف ومائتي شخص. ومن الواضح أن هذا العدد غير كافٍ لتقديم الرعاية لكل من يحتاجها.
4- تأثير بوليوود
في الهند، أكثر من أي بلد آخر، المظاهر والغرور هما أساس التسويق والترفيه، وفي بلد لا يصل فيه البدناء إلى شاشات العرض، موضوع السمنة يكاد يعتبر من المحرمات، ورغم أن الناس ليس لديهم تأمين وعليهم تحمل تكاليف العلاج وحدهم، هناك عدد متزايد من الناس الذين يختارون الخضوع لجراحات إنقاص الوزن، فكان هناك أكثر من 18 ألف عملية جراحية لإنقاص الوزن أجريت في الهند العام الماضي فقط، مقارنة مع 800 عملية فقط أجريت منذ خمس سنوات مضت.
فحتى وزير المالية الهندي، ارون جيتلي، خضع لجراحة لإنقاص الوزن في الآونة الأخيرة باعتبارها وسيلة للسيطرة على مرض السكر، وبدأت طبقة الشعب الهندي المتوسطة باقتناء المواد الغذائية المصنعة غير الصحية، ثم اختيار أحدث حل سريع من الجراحات لعلاج البدانة.
والأكثر غرابة من ذلك، أنه في بلد لا يزال فيه التأمين الصحي غير منتشر على نطاق واسع، تغطي الحكومة الهندية جراحة علاج البدانة لموظفيها الذين يبلغ عددهم ثلاثة ملايين شخص، وربما يجب على الخطوط الجوية الهندية دراسة نفس النظام.
5- كثرة الخمول وقلة الحركة
تعد الزيادة في السمنة بين المراهقين من أكثر الأمور إثارة للقلق، فهم أقل نشاطا بدنيا ممن سبقوهم ويقضون معظم وقتهم في الدراسة وراء أجهزة الكمبيوتر أو أجهزة أخرى، في حين يزداد عدد الصالات الرياضية في جميع أنحاء الهند.
وأفضل مثال لتأثير أنماط الخمول على صحة الشعب هو عمل الشباب في مراكز الاتصالات لدعم الشركات العالمية، فهؤلاء الموظفين غالبا ما يعملون بورديات الليل ويتبنون عادات غير صحية في تناول الطعام والتدخين وأنماط الحياة الخاملة التي تؤدي الى ارتفاع السمنة.
ما قامت به الخطوط الجوية الهندية ضد موظفيها البدناء قد لا يكون النهج الأكثر واقعية لحل القضية، ولكن ينبغي أن يكون دعوة لتوعية جميع الهنود بأن شعبهم على وشك أزمة سمنة هائلة.