أتلانتا، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN)-- لماذا يغسل الناس أموالهم في بنما؟ سؤال طُرح بعد الكشف عن وثائق بنما، التسريب الهائل للوثائق السرية التي يبلغ عددها أكثر من 11 مليون وثيقة يُزعم اتصالها بشركة المحاماة في بنما "موساك فونسيكا"، ويقول الاتحاد الدولي للمحققين الصحفيين إن الشركة ساعدت في إنشاء شركات وهمية سرية وحسابات خارجي لعدد من ذوي النفوذ وقادة الدول والسياسيين البارزين.
فلماذا قد يريد أي شخص أن يأخذ أمواله إلى بنما؟ هذه أربعة أسباب رئيسية:
التاريخ
في حين ليست بنما الدولة الوحيدة التي يُخبئ فيها الناس أموالهم لتجنب الضرائب، إلا أن سمعتها كـ"ملاذ ضريبي" تعود إلى أكثر من مائة عام مضى، وفقا لدراسة نشرها المعهد النرويجي للبحوث في الاقتصاد وإدارة الأعمال.
وفي أواخر العشرينيات من القرن الماضي، ساعد المدراء التنفيذيين في "وول ستريت" بنما على تأسيس تشريعات تسمح لأي شخص بإنشاء شركة مجهولة معفاة من الضرائب.
وبعد نحو 60 عاما، جاءت أموال المخدرات، إذ صعد الديكتاتور البنمي، مانويل نورييغا، إلى السلطة في عام 1983، عندما كان يجني مهربي المخدرات في كولومبيا المليارات. وساعد نورييغا عصابة المخدرات الكولومبية "ميدلين كارتل" على إخفاء أموال المخدرات الخيالية، إذ وفقا لصحيفة "وول ستريت جورنال" كانت تلك العصابة تجني أربعة مليارات سنويا.
ورغم إطاحة أمريكا بنورييغا في نهاية المطاف، إلا أن علاقاته مع عصابات المخدرات الكولومبية عززت سمعة بنما كملاذ لغسيل الأموال.
قوانين الشركات الملائمة
تم تعديل القوانين التي أنشئت في العشرينيات من هذا القرن لتسهيل غسيل الأموال في بنما. إذ يُمكن للشركات أن تتشكل بسهولة، ولا تحتاج لتقديم الإقرارات الضريبية أو بتدقيق حساباتها، وفي بعض الحالات يمكن أن تقدم لمُلّاكها السرية التامة، وفقا لمؤسسو "إنسايت كرايم"، التي تدرس الجريمة المنظمة في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي.
كما تُقدم بنما مجموعة كبيرة من الحوافز الضريبية، على سبيل المثال، لا تضطر العديد من الشركات لدفع الضرائب عند التعامل مع الشركات الأجنبية الأخرى. كما هناك تراخٍ في متطلبات التقارير التنظيمية، مقارنة مع أغلب الدول الأخرى.
ولا تزال بنما على القائمة السوداء للمفوضية الأوروبية للملاذات الضريبية والنطاقات القضائية غير المتعاونة، وأعلنت فرنسا هذا الأسبوع أنها وضعتها مرة أخرى على قائمتها السوداء.
الاقتصاد
يتمحور الاقتصاد في بنما حول الدولار، الذي تستخدمه الحكومات في المعاملات الدولية، ويعتبر أحد أبرز عملات الملاذ الآمن. كما أن الخدمات المالية لها أهمية بالغة بالنسبة لاقتصاد الدولة.
وتُعتبر بنما مركزا للتجارة الدولية العملاقة بفضل قناة بنما، إذ يُمثل دخل القناة 6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للدولة.
الجغرافيا
تقع بنما على الحدود مع الدول ذات أعلى المستويات العالمية للإنتاج غير المشروع للمخدرات والاتجار بها. وتُعرّض تلك العوامل بنما لمخاطر عالية لاستخدامها كملاذ لغسيل الأموال، وفقا لدراسة أجراها صندوق النقد الدولي في 2014.
وقال الأمين العام لمنظمة التعاون والتنمية، أنخيل غوريا، في بيان، الاثنين: "سلطت وثائق بنما الضوء على ثقافة وممارسات بنما السرية،" وأضاف: "بنما هي المعقل الرئيسي الأخير الذي لا يزال يسمح بإخفاء الأموال في الخارج من السلطات الضريبية والمكلفين بإنفاذ القانون."