البرلمان التونسي يتجه نحو إغلاق بيوت الدعارة المنظمة في تونس

العالم
نشر
5 دقائق قراءة
تقرير منية غانمي
البرلمان التونسي يتجه نحو إغلاق بيوت الدعارة المنظمة في تونس
Credit: FETHI BELAID/AFP/Getty Images

تونس  CNN -- يتجه البرلمان التونسي نحو إمكانية المصادقة على قانون لتجريم تجارة البغاء وهو ما سينتج عنه غلق بيوت الدعارة العلنية المرخصة من قبل الدولة لتنظيم عملية الممارسة مع عاملات الجنس، خطوة قد تفتح جدلا واسعا داخل أروقة البرلمان و في المجتمع حول هذه القضيّة.

ويأتي ذلك في إطار مشروع القانون الخاص بمنع الاتجار بالأشخاص ومكافحته، وبموجب هذا القانون لا يجوز للدولة أن ترعى عملية اتجار بأجساد أشخاص مهما كانت جنسياتهم حسب ما أكده النائب في البرلمان ومقرر لجنة الحقوق والحريات عماد الدايمي في تصريح إذاعي، وهو ما يعطي إشارة إلى إمكانية غلق المواخير إذا تم تمرير القانون. 

ويهدف مشروع قانون منع الإتجار بالأشخاص ومكافحته خاصة إلى منع كل أشكال الاستغلال التي يمكن أن يتعرض لها الاشخاص وخاصة النساء والأطفال ومكافحتها بالوقاية من الإتجار بهم وزجر مرتكبيه وحماية ضحاياه ومساعدتهم.

وينصّ في فصله السابع الخاص بالاستغلال الجنسي على أنه يمنع الحصول على منافع أي كانت طبيعتها من خلال توريط شخص في أعمال دعارة أو بغاء أو تقديم أي أنواع أخرى من الخدمات الجنسية بما في ذلك استغلاله في المشاهد الاباحية.

وتعد تونس الدولة العربية الوحيدة التي شرّعت مهنة عاملات الجنس، حيث يجيز القانون  فتح مواخير خاضعة لإشراف وزارتي الداخلية والصحة، ويلزم ممتهنات الدعارة المنظمة بالحصول على ترخيص في الغرض من وزارة الداخلية وبالخضوع للمراقبة الطبية بشكل دوري تحسبا من الإصابة بالأمراض المنقولة جنسيا، كما يحظرّ على النساء المتزوجات العمل في هذا المجال.

وبموجب هذا القانون تم فتح عشرات المواخير في تونس موزعة على عدد من المدن خاصة الكبرى منها، أشهرها ماخور عبدالله القش بالمدينة العتيقة وتتكفل عاملات الجنس هناك بتسديد إيجار هذه المحلات كما يلزمهن القانون بدفع الضرائب عن عملهن للدولة.

وعادة ما يكون حرفاء مثل هذه المواخير من الطبقات الفقيرة أوالمتوسطة، نظرا لانخفاض الأسعار مقارنة بعاملات الجنس في النزل والكازينوهات اللواتي يشتغلن في الدعارة السرية دون ترخيص من الدولة.

تمرير هذا القانون الذي يجيز غلق بيوت الدعارة ليس بالقرار الصائب حسب الصحفية بوكالة روسيا اليوم فادية السنداسني، لأنه قد يؤدي إلى تصاعد الجريمة الجنسية على غرار التحرش أو الاغتصاب، كما من شأنه أن يفاقم ظاهرة الدعارة السرية والتي سيترتب عنها مخاطر صحية ومشاكل اجتماعية عديدة.

من جهته اعتبر طارق بلحاج محمد أستاذ في علم الإجتماع أن البغاء السري والعلني يعدّ "مهنة" قديمة قدم البشرية ولا يكاد يخلو منه أي مجتمع وبالتالي فهو ظاهرة إجتماعية وبشرية عالمية وكونية بامتياز وقد تعرضت له النصوص الدينية والقوانين الوضعية منذ القديم إما لمنعه أو تنظيمه.

وأوضح بلحاج محمد أنه نظرا لأنه كان موجودا وسيظل موجودا، فإن المقاربات الأخلاقية والإدانة ليس هي الحل السليم لفهمه ومقاربته لأن النشاط الجنسي نشاط حيوي عند البشر ولسبب أو لآخر لا يستطيع الجميع الزواج لإشباع هذه الرغبة وبالتالي يلبي البغاء الحاجة الجنسية لشرائح اجتماعية منذ القدم وما فتئت تتوسع مع العزوف عن الزواج أو عدم القدرة عليه.

وأضاف لـCNN بالعربية أنه إذا وقع منع هذا النشاط المنظم لأسباب سياسية أو أخلاقية أو شعبوية سيظل موجودا وبطرق سرية وربما سيزيد الإقبال عليه لأن كل ممنوع مرغوب.

وخلّص قائلا " حالات التحرش والإغتصاب والزواج بقاصرات وتعدد الزوجات والأمراض المنقولة جنسيا تتفشى أكثر في المجتمعات التي تدعي أنها محافظة وليس في المجتمعات التي تنظم هذا القطاع وتخضعه لشروط صحية وقانونية".

ويذكر أنه منذ أحداث الثورة عام 2011 تعرضت بيوت الدعارة المنظمة إلى عدة هجمات من المتشددين الإسلاميين للمطالبة بغلقها، معتبرين أن هذه الأماكن "تروّج للرذيلة والفساد في المجتمع ولا تتماشى مع الدين الأسلامي الذي يحرّم مثل هذه الممارسات".