الجزائر (CNN)-- تُفضل العائلات الجزائرية تختين أطفالها في شهر رمضان خصوصا ليلة منتصف الشهر أو ليلة الـ 27 المعروفة بليلة القدر، نظرا لدلالة الدينية التي يحملها هذا الشهر وكذا قدسيته عند أفراد المجتمع، وترسخ هذا التقليد في المخيلة الشعبية حتى بات على الأسر التي تعكف على تختين أطفالها انتظار حلول الشهر الفضيل لما له من حظوة في التراث الشعبي وخاصية في العمق الاجتماعي.
وتعد عملية ختان الأطفال "عادة توارثها الجزائريون منذ سنوات وعقود بالنظر إلى بركة الشهر الفضيل وهناك من يختار يوم 15 رمضان نصف رمضان و هناك من يختار ال27 رمضان ليلة القدر المباركة ، احتفاء بالشهر المقدس وجعلها مناسبة كبيرة"، تقول فتيحة زماموش التي تقطن بالعاصمة.
وتروي زماموش لـ CNN بالعربية، عادات العاصمين في الاحتفال بهذه المناسبة، إذ توضح أن "الاحتفال يتم عبر سهرة تعد لها العدة من خلال حفلة تحضر فيها والدة الطفل "صينية الحناء" ولباس تقليدي خاص بالطفل فضلا عن إعداد الحلويات، وفي صبيحة يوم الغد يؤخذ الطفل في موكب خاص إلى الجراح، بعدها تقدم للطفل دراهم كهدايا توضع له في وعاء مصنوع من الفخار".
وفي العموم، تتشابه عادات العائلات في الجزائر احتفاء بهذه المناسبة، ففي الجنوب الغربي، ولاية النعامة تحديدا، "عادة ما ينظر إلى هذه المناسبة كعرس صغير يكون فيه الطفل محل اهتمام كافة الأهل"، على حد تعبير رشيد حماد، ومن أهم ميزات هذه المناسبة، يضيف حماد في تصريح لـ CNN بالعربية، "إقامة وليمة تقام عشية عملية الختان يدعى لها كافة أقارب الطفل وجيرانه".
و لعل ربط عملية الختان بشهر رمضان لا تخرج عن الإطار الديني الروحي الخالص لكونها من السنن النبوية، وفي هذا الصدد يرى الباحث في مجال مقارنة الأديان حديبي يونس انه "ليس هنالك مانع يمنع من الناحية الشّرعية" إقدام العائلات على تختين أطفالهم في هذا الشهر الفضيل، بل "الأمر ماض على أصل حكمه وهو الاستحباب لقول النبي صلى الله عليه وسلم : "الفطرة خمس: الختان..".
كما برر حديبي في تصريح لـ CNN بالعربية، هذا الإقبال على أن هذا الشهر له خصوصيته، تتمثل في نية "تلمس الفضل فيه أوَّلا حتى تكون مزية ترجع لفضل هذا الشهر وبركة الأعمال فيه، ففضل العمل فيه لا كما هو في باقي الشهور كذا لما فيه من السعة والخير المبذول من الناس".
ودأب المجتمع الجزائري على جعل هذا الشهر فرصة للمناسبات الدينية حتى تجتمع العائلة الواحدة وتلتئم تحت سقف واحد في دلالة على التكافل والترابط ومحاولة للحفاظ على النسق العائلي بتعزيز روابط صلة الرحم من خلال هذه المناسبات التي عادة ما يكون فيها الختان الجماعي لأبناء أفراد العائلة الواحدة.
ويصنف أستاذ علم الاجتماع الديني عبد الحفيظ غرس الله في حديثه لـCNN بالعربية، ختان الأطفال من بين "الطقوس السوسيو دينية-اجتماعية"، التي تعتزم الكثير من العائلات وحتى الجمعيات والهيئات الدينية تنظيمه بشكل جماعي وفردي في هذه ليالي شهر رمضان، لما للختان من "دلالة تتعلق باكتمال الذكورة دينيا واجتماعيا"، ولا يتحقق هذا الكمال، حسب محدثنا، "إلا في المناسبات الدينية القوية".