وظهر في الفيديو رجل وسط جمع من الناس قبالة نيابة مقاطعة أنفا، وهو يتحدث بنبرة احتجاجية عن اكتظاظ خطير داخل الفصول الدراسية وصل حد وضع أربعة تلاميذ في طاولة واحدة، لافتًا إلى أن أصحاب رؤوس الأموال يريدون دفع المغاربة نحو تسجيل أبنائهم بالتعليم الخصوصي، مع ما يتسبّب فيه ذلك من أتعاب إضافية تفاقم معاناة الأسر الفقيرة والمتوسطة.
وتساءل المواطن الذي يظهر أنه أب أحد التلاميذ: "كيف يمكن للأستاذ أن يدرّس في قسم بخمسين تلميذًا؟ ومن أصدر قرارات جمع التلاميذ في الأقسام بهذه الطريقة؟"، وقد تعالت خلفه الكثير من الأصوات المنددة بالوضع، إذ نظمت أسر وقفة احتجاجية أمام النيابة بعد تنقيل تلاميذ من مدارس لأخرى، ما فاقم من وضعية الاكتظاظ، وسبّب مشاكل في التنقل لعشرات التلاميذ.
ويرى مصطفى تاج، رئيس الشبيبة المدرسية، وهي منظمة تابعة لحزب الاستقلال أن ظاهرة الاكتظاظ تتكرّر منذ سنوات لتصريف الإقبال على المدارس الحكومية، لافتًا إلى أن صمت المجتمع المدني شجع الإدارة على خلق مزيد من الازدحام في المدارس وتصريف الإقبال الطبيعي على المدارس العمومية.
وحمّل تاج في تصريحات لـCNN بالعرية المسؤولية إلى وزارة التربية الوطنية عن سوء تدبيرها لهذا القطاع، فرغم أنه يستنزف 26 في المئة من الميزانية العامة، إلّا أن استجابته لحاجات المجتمع تظل بطيئة جدًا، في وقت يلج فيه 87 في المئة من المغاربة للتعليم العمومي، ويشهد السكان تكاثرًا ملحوظًا.
إلّا أن حتى التعليم الخصوصي، الذي نما حجمه خلال السنوات الأخيرة، يعيش بدوره جملة من الاختلالات، يضيف تاج، ومنها "حالة من التخبط والعشوائية في التسيير والتدبير، ووجود لوبيات تنتعش على حساب أزمة التعليم العمومي، وتعدّد مدارس خصوصية تفتح أبوابها بدون تراخيص، وأخرى لا تتوفر على الشروط المطلوبة قانونا".
وسبق لوزير التربية الوطنية والتكوين المهني، رشيد بلمختار، أن اعترف في ندوة صحفية بوصول التلاميذ في بعض الأقسام إلى 70 تلميذًا، غير أنه أرجع ذلك إلى عوامل تخصّ الفيضانات التي تسبّبت بإقفال بعض المؤسسات التعليمية، وكذا عوامل أخرى تخصّ عدم توفير الموارد البشرية وكذا التقصير في توفير الحجرات الدراسية، مستدركًا القول إن هذا الوضع غير قابل للتعميم.