الجزائر (CNN)— عاد الوزير الأول الجزائري، عبد المالك سلال، من زيارة رسمية قادته إلى السعودية، حيث التقى بمسؤولين كبار، منهم الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ومحمد بن نايف بن عبد العزيز، ولي العهد، وزير الداخلية، مؤكدًا أن زيارته كانت ناجحة وسمحت بتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين.
وصرّح سلال أنه لقي تجاوبا كبيرا لدى المسؤولين السعوديين، معتبرا ذلك "مؤشرًا إيجابيًا وقويًا" لإعطاء دفع جديد للعلاقات الجزائرية-السعودية، لاسيما في المجال الاقتصادي، مضيفَا فيما نقلته عنه وكالة الأنباء الجزائرية أن بلاده ماضية مع السعودية لـ"بناء علاقات استراتيجية تسمح بصيانة الحقوق المشتركة وكذا الدفاع عن الدين الإسلامي".
وأشرف سلال على أشغال منتدى المتعاملين الجزائريين والسعوديين، حيث دعا إلى إقامة شراكة قوية ودائمة، معلنًا استعداد حكومته لتشجيعها عبر برنامجها الخاص بـ"تحقيق النمو وتنويع الاقتصاد وخلق الثروة"، والتوجه إلى قطاعات جديدة مثل الصناعة والفلاحة والسياحة وتكنولوجيات الاعلام والاتصال. وقد التقى سلال كذلك بوزير التجارة والاستثمار ماجد القصبي ومدير صندوق الاستثمارت العامة السعودي، ياسر الرميان، وشخصيات أخرى.
كما عرّف سلال خلال الجولة بما يراها مجهودات جزائرية لتحسين مناخ الأعمال في الجزائر، واستعداد حكومته لتسهيل ولوج رجال الأعمال السعوديين إلى السوق الجزائرية.
وتعيد تصريحات سلال ما سبق أن كشف عنه رئيس مجلس الأعمال السعودي-الجزائري، رائد بن أحمد المزروعي الذي قال إن رجال أعمال سعوديين وقعوا مع الجزائر تفاهمًا بشأن أربعة مشاريع استثمارية ، تبلغ قيمتها على حد أقصى مليار دولار، في أفق الوصول إلى ما بين 50 و100 مليار دولار قيمة إجمالية للستثمارات السعودية بالجزائر في السنوات العشر القادمة، حسب توقعاته.
ووفق تصريحات المرزوعي، فالاستثمار السعودي بالجزائر لا يزال ضعيفًا، مؤكدًا أن إلزام المستثمرين السعوديين بشريك جزائري في الاستثمار هو ما يعيق تطور الحضور الاقتصادي السعودي بالجزائر، متحدثًا عن أن المشاريع الأربعة القادمة في مجال الطاقة الشمسية وصناعة الورق والمنتجات الطبية والخدمات المعلوماتية قد تساعد في الدفع بالاستثمار السعودي بالجزائر إلى الأمام.
وتضرّرت الجزائر بشكل كبير من تهاوي أسعار النفط على الصعيد العالمي، بما أنها تركز بشكل أساسي على المحروقات في صادراتها بينما تستورد الكثير من الحاجيات الأساسية، ممّا دفع وزارة المالية إلى وضع مشروع مالية للعام القادم، يرفع من قيمة الضرائب ويخفض كتلة أجور الموظفين.
ويرى أحمد طرطار، وهو خبير اقتصادي جزائري، أن زيارة سلال تسير في منحى تقارب جزائري-سعودي، بعد حضور وزير النفط السعودي، خالد الفالح بالجزائر، خلال آخر اجتماع تشاوري لأوبك قبل أسابيع، وما نتج عنه من اتفاق مبدئي "نجحت الديبلوماسية الجزائرية في إقراره تم بمقتضاه تطويع الموقفين الإيراني من خلال تسقيف الإنتاج لكلا الدولتين" في أفق عقد اجتماع فيينا نهاية شهر نوفمبر/تشرين الثاني الجاري،.
ويتابع طرطار لـCNN بالعربية أن ما أعلنته الحكومة الجزائرية من إعادة النظر في قانون الاستثمار، خاصة الحديث عن إمكانية إلغاء قاعدة 51-49 التي كثيرا ما حجبت الاستثمار الأجنبي في الجزائر، من شأنه أن يشجع المستثمر السعودي على التوجه نحو الجزائر، لما لديه من خبرة دولية واحتكاك بالتكنولوجيا العالمية..
غير أن الاستثمار السعودي بالجزائر لا تزال تواجهه بعض العراقيل، يستدرك طرطار، ومن ذلك "الجانب البيروقراطي الذي يثقل كاهل النشاط الاستثماري في الجزائر، وإذا كان قانون الاستثمار الجديد قد انتبه إلى بعض هذه العراقيل، وحاول الحد منها من خلال فكرة الشباك الوحيد، وكذلك التسعير الرمزي للأراضي التي تقام عليها المشروعات، إلّا أن الذهنية الجزائرية تبقى على نوع من البيروقراطية المكبلة لأي مبادرة خاصة من الأشقاء العرب".