رأي: تلقت دعماً مالياً روسياً ومدحها رئيس أمريكا.. لماذا يفضل ترامب وبوتين لوبان لرئاسة فرنسا؟

العالم
نشر
6 دقائق قراءة
رأي: تلقت دعماً مالياً روسياً ومدحها رئيس أمريكا.. لماذا يفضل ترامب وبوتين لوبان لرئاسة فرنسا؟
Credit: VASILY MAXIMOV/AFP/Getty Images

مقال رأي لدين عبيد الله، محام سابق وإعلامي معروف في أمريكا وكاتب سياسي. المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة رأي شبكة CNN.

(CNN)-- من جهة، لم يكن من المفاجئ أن يمدح الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، المرشحة الرئاسية الفرنسية التي تمثل اليمين المتطرف، مارين لوبان، والتي حصلت على ما يكفي من الأصوات في الجولة الانتخابية الأولى للتأهل للجولة الثانية المقرر انعقادها في مايو/ أيار المقبل. تمحورت حملة لوبان، مثل ترامب، حول مناهضة المهاجرين والمسلمين، ولعبت على أوتار معتقدات "سيادة البيض". (ليس من قبيل المصادفة أن الزعيم السابق لمنظمة كو كلوكس كلان [KKK] العنصرية، ديفيد ديوك، أشاد علناً ​​بلوبان وترامب).

من ناحية أخرى، تعتقد أن ترامب سيتردد في الإشادة علناً ​بمرشحة مثل لوبان، التي هي مؤيدة قوية للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، خاصة وأن وزير الخارجية الأمريكي، ريكس تيلرسون، قال قبل أسبوعين فقط إن العلاقات الأمريكية الروسية وصلت إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق.

ورغم أن الأسابيع القليلة الماضية شكلت تحديات لتحالف محتمل بين ترامب وبوتين، إلا أنها على الأرجح لا تعكس الدعم الكبير الذي يقدمه الزعيمان لبعضهما. أخذاً في الاعتبار أنه طوال حملته الانتخابية، أشاد ترامب ببوتين، وحتى دفاع عن بوتين ضد مزاعم أنه قتل صحفيين. وبعد فترة قصيرة من انتخابه، واصل ترامب الدفاع عن بوتين علناً، وعلى الأخص خلال مقابلة مع صديقه، بيل أوريلي.

بالنسبة للبعض، العداء بين ترامب بوتين هو مجرد مسرحية سياسية لخلق وهم بأن هناك خلاف، بعدما ساعدت وكالات المخابرات الروسية ترامب في الفوز بالانتخابات، وهو ادعاء تدعمه وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA).

ولهذا السبب فإن دعم ترامب لمرشحة تؤيد بوتين في فرنسا منطقي للغاية.

ولكي نكون واضحين، لم يدعم ترامب لوبان رسمياً. ولكن قبل أيام قليلة من إجراء الانتخابات الرئاسية في فرنسا، قال ترامب إن لوبان "هي المرشح الأقوى للتعامل مع ما يجري في فرنسا"، مضيفاً أنها "الأقوى فيما يتعلق بقضايا الحدود."

وفي 21 إبريل/ نيسان، بعد هجوم إرهابي في باريس، قُتل إثره ضابط شرطة، نشر ترامب تغريدة قال فيها: "هجوم إرهابي آخر في باريس. لن يتحمل الشعب الفرنسي المزيد من هذا. سيكون له تأثير كبير على الانتخابات الرئاسية." ونظرا لثنائه الأخير على لوبان، يعتبر الكثيرون هذه التغريدة تأييداً غير مباشر لمرشحة اليمين المتطرف، التي تعهدت بالحزم في التعامل مع قضايا الإرهاب.

ولوبان معجبة بترامب أيضاً. إذ أشادت به علناً، والتقت ببعض من كبار مستشاريه، مثل عضو الكونغرس الجمهوري، ستيف كينغ، الذي يُحسب على اليمين المتطرف. وحتى أعلنت أنه لو كان في وسعها، لانتخبت ترامب.

وفي حين تدعم ترامب، ليس هناك شك في أنها أيضا تكن أكبر احترام وتقدير لبوتين - والمصارف الروسية.

إذ تصدرت لوبان عناوين الصحف العالمية، عندما التقت بوتين في موسكو قبل بضعة أسابيع، وهي المرشحة الوحيدة من أًصل 11 مرشحاً التي قامت بذلك.

كما دعت لوبان إلى وجهات النظر تساعد روسيا على حساب أوروبا. وتعهدت بانسحاب فرنسا من حلف شمال الأطلسي (الناتو)، التحالف العسكري الذي أُنشأ في المقام الأول لكبح أي تحركات للقوات العسكرية الروسية. كما دعت لوبان لرفع العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على روسيا لضمها شبه جزيرة القرم، ووصفت العقوبات بأنها "غير عادلة وسخيفة."

وعلاقات لوبان مع روسيا تتجاوز الخطابات والمظاهر. إذ دعمت بنوك روسية جزئياً حزبها السياسي. لماذا لم تطلب الأموال من البنوك الفرنسية أولاً؟ لأن البنوك الفرنسية رفضت إقراضها المال، نظراً إلى "علاقاتها التاريخية" مع "سيادة البيض" ومعاداة السامية. وقد أدين والد لوبان، جان ماري لوبان، بموجب القانون الفرنسي لتحريضه على كراهية اليهود، ومن أجل إنكاره المحرقة النازية. (هذا وحده يجب أن يكون سبباً كافياً لترامب لكيلا يمدح لوبان.)

في عام 2014، حصل والد لوبان على قرابة مليوني يورو لتمويل حملته للانتخابات في ذلك العام بمساعدات روسية. ثم حصلت لوبن نفسها على قرض بقيمة 9 ملايين يورو بعد بضعة أشهر من البنك الروسي التشيكي الأول، لتمويل حملتها الانتخابية.

ويبدو الآن أن وكالات المخابرات الروسية تحاول التأثير على الانتخابات الفرنسية بنفس الطريقة التي يُزعم أنها قد فعلت في الانتخابات الأمريكية. وكما ذكر السيناتور الجمهوري، ريتشارد بور، رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأمريكي: "أعتقد أنه بتقدير الجميع، من الآمن القول إن الروس يشاركون بنشاط في الانتخابات الفرنسية."

ورغم أوجه التشابه الواضحة بين الانتخابات الأمريكية والفرنسية، فإنه من غير المحتمل أن ينتقد ترامب لوبان في وقت قريب - خاصة الآن بعدما برزت كرئيسة محتملة لبلدها.

وكما قالت لوبن: "ظهر عالم جديد خلال هذه السنوات الماضية، إنه عالم فلاديمير بوتين، إنه عالم دونالد ترامب في الولايات المتحدة.. وأعتقد أنني الشخص الذي يشارك هذه الدول العظيمة رؤية التعاون وليس رؤية الرضوخ."