هذا المقال بقلم کاملیا انتخابی فرد، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتبة، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.
لقد كانت الدبلوماسية التي استخدمها الرئيس روحاني وفريقه في وزارة الخارجية منذ أربع سنوات ناجحة واستطاعت أن تحقق التهدئة لاحدى أكبر المشاكل بين إيران والغرب. وفي رأي معظم الناس في منطقة الشرق الأوسط، فان الاتفاقية النووية مع إيران أتاحت اشراك الإيرانيين بشكل كبير في الحوار الإقليمي الذي يهدف للمساعدة في انهاء الحرب في سوريا.
ان محادثات حول الخلافات بين إيران والسعودية والقضايا الإقليمية الساخنة مثل الأزمات في اليمن وسوريا يمكن أن تؤدي الى الأمن والاستقرار الذي يتطلع إليه الجميع. لكن سنيتن ونصف مرت دون أن تتحقق أي من هذه الآمال على الأرض.
لقد ضيعت إيران الفرصة عندما كان الرئيس باراك أوباما يرغب في تطبيع العلاقات مع إيران، اما الآن فان الرئيس ترامب يهدف ويتطلع الى وضع نهاية للاتفاق النووي الإيراني وذلك بسبب السلوك الإيراني الإقليمي المخيب للآمال. وهذا السلوك المخيب للآمال من الممكن جداً أن يتطور ويصبح أكثر عدوانية في حال انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقية النووية مع إيران.
الآن ومع التطور الجديد في المنطقة، والذي هو الاستفتاء على استقلال كردستان، فان للمنطقة لديها قلق كبير آخر يجب أن تتعامل معه حول ما سيحدث، حتى قبل استئصال داعش بشكل كامل وبداية محادثات السلام حول سوريا.
في هذه الأزمة الجديدة حول كردستان، تقف إيران والعراق وتركيا على رؤوس زوايا المثلث، وهي مستعدة لإشعال نار جديدة في المنطقة فيما لو حاول الاكراد الانتقال إلى الخطوة القادمة، وهي إعلان الاستقلال والانفصال عن العراق.
وحيث أن الاكراد يعتبرون أنفسهم إيرانيين تاريخيا لكنهم مقسمون في أربع دول هي سوريا والعراق وتركيا وإيران، فان التفاوض معهم قد يكون بالنسبة للإيرانيين أسهل منه بالنسبة للأطراف الأخرى.
منذ سقوط نظام صدام حسين وجد الاكراد العراقيون لأنفسهم بعض الحرية والاستقلال على أراضيهم، وأقام الاكراد العراقيون علاقات جيدة جداً مع النظام الإيراني.
كثير من الأكراد ولدوا وترعرعوا في إيران، وهم يتحدثون الفارسية بطلاقة ويعتبرون أنفسهم حلفاء طبيعيين مع طهران. هذه الصداقة خدمت مصالح الطرفين خلال العقود الماضية. أما الآن فقد فوجئ أكراد العراق بأن إيران تقف مع الحكومة المركزية العراقية والاضطهاد التركي ضدهم رغم أنهم يعتبرون حلفاء إيران الطبيعيين.
المشكلة هي أن العلاقات الكردية – الإيرانية التي كانت تؤهل إيران للعب دور دبلوماسي جيد ونشط بين أربيل وبغداد قبل الاستفتاء بهدف تسوية الخلافات بين الطرفين تحولت هي الأخرى الى علاقات متوترة يمكن أن تضرم النيران حتى في إيران أيضا.
والمفاجأة الأخرى هي مشاركة إيران في المناورة العسكرية مع نظرائها العراقيين على الحدود الكردستانية وذلك لتوجيه تحذير حقيقي للأكراد. لم يعترف أحد بالاستفتاء بما في ذلك الولايات المتحدة، وقال الجميع (باستثناء إسرائيل) إن هذا الاستفتاء غير شرعي، ولكن بما ان المفاوضات مع إقليم كردستان هي الشيء الوحيد الذي يطالب به بارزاني، فلماذا تريد إيران ان تورط نفسها بنوع آخر من المواجهات، هذه المرة مع الأكراد العراقيين؟
إن هذه المشكلة التي لا تبدو كبيرة ربما تكون السبب في اندلاع مواجهات جديدة في المنطقة، ومرة أخرى فان إيران جزء من هذه المشكلة.
من المفترض أن يقوم وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بزيارة إلى كل من عمان وقطر في الثاني من أكتوبر لمناقشة القضايا الإقليمية، لكنني أعتقد انهم سيبحثون قضية كردستان وإمكانية حل الأزمة بشكل دبلوماسي قبل مناقشة المشاكل الخليجية حتى لا يحدث ما لا تحمد عقباه. ظريف قال في منتدى جمعية آسيا الذي أقيم في نيويورك مؤخرا "إن العالم العربي هو شأننا. نحن نعيش في المنطقة وأمنها مهم."
كذلك الأمر بالنسبة للشؤون الكردية.