موسكو، روسيا (CNN) -- كانت روسيا واحدة من أكثر الدول تضررًا من فيروس كورونا، حيث احتلت المرتبة الثالثة في عدد الحالات بعد الولايات المتحدة والبرازيل، فيما تلقت طريقة تعامل الحكومة انتقادات شديدة في الداخل والخارج.
وتحدث أطباء روس عن النقص الحاد في المعدات، وهو ما ينفيه مديرو المستشفيات والحكومات المحلية. وتساءل المراقبون عما إذا كانت روسيا لا تبلغ عن أرقام الوفيات بسبب المرض الفتاك، لكن المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، الذي عاد إلى العمل بعد دخوله المستشفى جراء إصابته بكورونا في مايو أيار، دافع عن تعامل بلاده مع الوباء.
وفي مقابلة حصرية مع CNN قال بيسكوف إن الفيروس لم يشكل أزمة سياسية داخلية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وأن نظام الرعاية الصحية الروسي أنقذ الأرواح رُغم تعرضه لضغوط كبيرة.
وأشار مركز استطلاعات الرأي المستقل Levada-Center إلى أن تقييمات الرئيس الروسي انخفضت إلى أقل من 60 ٪ في أبريل نيسان ومايو أيار، وهي مستويات لم يشهدها منذ توليه منصبه قبل عقدين، وهو الانخفاض الذي رفضه بيسكوف.
وقال بيسكوف يوم الثلاثاء: "نحن قلقون بشأن هذا الوباء وتأثيره على اقتصاد البلاد، لكن الرئيس بوتين ذكر عدة مرات أنه لا يهتم بتصنيفاته الشخصية، وأنه في السياسة إذا كنت رجل دولة حقيقيًا يجب ألا تفكر في تقييماتك، لأنه إذا فكرت في تقييماتك، فلن تكون قادرًا على اتخاذ قرارات مسؤولة".
ومع ذلك، وجه الوباء ضربة لمشروع سياسي مهم للكرملين، الذي اضطر إلى تأجيل استفتاء مُخطط له بشأن التعديلات الدستورية كان من شأنه أن يمهد الطريق لبوتين للبقاء في منصبه حتى 2036.
وفي مارس أذار الماضي، قال بوتين إن انتشار الفيروس عبر روسيا "تحت السيطرة". ولكن في غضون أسابيع قليلة، كان لدى روسيا ثاني أكبر عدد من الإصابات بفيروس كورونا في العالم - واضطرت الحكومة إلى تأجيل الاستفتاء.
وردًا على سؤال حول الخطأ الذي حدث في محاولات روسيا لاحتواء الفيروس، قال بيسكوف: "لم يحدث أي خطأ باستثناء الفيروس نفسه. أولا، لدينا عدد من المدن ذات الكثافة العالية. وهذه المدن في العالم هي الأكثر إصابة. كان هذا هو الحال مع موسكو".
واقترح بيسكوف أيضًا أن العدد الكبير من الحالات في البلاد يعكس مستويات عالية من الاختبارات. وقال: "إن بلدنا يستخدم أكبر قدر ممكن من الاختبارات لفيروس كورونا. وكلما اختبرت، كلما اكتشفت أكثر".
وكان انخفاض عدد الوفيات المعترف بها رسميًا بسبب فيروس كورونا في روسيا مثيرًا للجدل إلى حد كبير، مما أثار مخاوف من أن المسؤولين المحليين قد تلاعبوا بالأرقام.
وفي مايو أيار، وسط ارتفاع عدد الوفيات في المدينة، قالت إدارة الصحة في موسكو إنها تحسب فقط الوفيات التي تم العثور عليها من خلال تشريح الجثة بعد الوفاة، التي نتجت مباشرة عن مضاعفات كورونا، وبلغت أقل من 40٪ من الحالات المشتبه فيها.
وأرجع بيسكوف انخفاض عدد الوفيات إلى ما سمَاه الرعاية الصحية "الفعالة"، متسائلا: "هل فكرت يومًا في إمكانية أن يكون نظام الرعاية الصحية في روسيا أكثر فعالية؟" وقال إن النظام الصحي "يمنح فرصة للمزيد من الناس للبقاء على قيد الحياة".
ومع ذلك، شكا الأطباء الروس من سوء الأوضاع ونقص معدات الحماية الشخصية والأجور غير المدفوعة، على الرغم من أن تقديراتهم قد اعترض عليها المسؤولون.
ووفقاً للأرقام الرسمية، فإن أكثر من 100 من العاملين في المجال الطبي قد توفوا حتى الآن. وقام العاملون في مجال الرعاية الصحية، المشككون في الأرقام الحكومية، بتجميع إحصاءاتهم غير الرسمية من الزملاء الذين ماتوا وهم يحاربون الوباء: أكثر من 300.
وحتى التقارير الرسمية في وسائل الإعلام الحكومية تعترف بأن الآلاف من العاملين في المجال الطبي مصابون الآن.
في هذه الأثناء، يستهدف خصوم بوتين السياسيون تصريحات الرئيس الروسي السابقة لأوانها في مكافحة الوباء.
كما انتقدوا قرار الحكومة المثير للجدل بإرسال أجهزة تهوية ومعدات أخرى إلى الولايات المتحدة، في وقت ينتشر الفيروس في أرجاء روسيا.
وأعرب بيسكوف عن أمله في أن تقدم الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2020 فرصة لتحسين العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا، وأن يدفع الوباء إلى مناقشة عالمية حول التعامل مع الأزمات الصحية المستقبلية. وقال: "علينا جميعا أن نجلس ونفكر في دروس هذا الوباء لكل بلد ... [و] للعالم أجمع".
وتحدث بيسكوف إلى CNN في اليوم الذي رفعت فيه موسكو رسميًا الإغلاق العام، مما سمح لسكانها بالسير دون قيود خارج منازلهم والسفر حولها.