ويلينغتون، نيوزيلندا (CNN)—دفعت مذبحة المسجدين في "كرايست تشرش" العام الماضي الحكومة النيوزيلاندية لتبني مجموعة من الإجراءات في محاولة لمحاربة العنصرية والعنف، ولكن ما زال مسلمو نيوزيلاندا يريدون المزيد من التغيير للشعور بالأمان من جرائم الكراهية.
وبعد نحو 18 شهرا من الهجوم على المسجدين الذي وقع في مارس/ آذار عام 2018 وراح ضحيته 51 شخصا، حكمت محكمة نيوزيلندية، الخميس، على منفذ الهجوم برنتون تارانت، بالسجن المؤبد من دون الحق بالحصول على إفراج مشروط، في عقوبة غير مسبوقة في تاريخ القضاء النيوزيلندي.
ورأى مجلس المرأة الإسلامية في نيوزيلندا أن هناك العديد من الإجراءات التي كانت ستحول دون وقوع الهجمات ولكن لم يتم اتخاذها. وقال المجلس غير الحكومي إن "هناك العديد من الإجراءات التي وجب اتخاذها في السنوات التي سبقت الهجوم. وأضاف: "لو تم اتخاذها، لربما فشل المسلح في الوصول لباب المسجد".
وتطرق المجلس لقضية العنف الجسدي واللفظي تجاه المسلمين وخاصة النساء اللاتي يرتدين الحجاب، خلال عدة جلسات نظمها على مدار 5 سنوات قبل وقوع الهجوم.
وأعرب المجلس عن قلقه البالغ تجاه تزايد الإسلاموفوبيا والتطرف اليميني، بحسب تقرير قدمه للمفوضية الملكية تحقق في معلومات الحكومة عن الإسلاموفوبيا قبل وقوع الهجوم والإجراءات التي كان من الممكن اتخاذها.
وقال المجلس في التقرير: "لم تسلم أي امرأة ترتدي الحجاب في نيوزيلندا من العنف".
ويشير زين على، زميل الأبحاث الفخري في جامعة أوكلاند، إلى عدم وجود توثيق كاف لجرائم الكراهية في نيوزيلندا.
كان شراء الأسلحة العسكرية شبه الآلية في نيوزيلندا حتى تاريخ الهجوم قانونياً. ولطالما كانت هناك تحركات في نيوزيلندا منذ التسعينيات لتشديد القوانين ولكن لم تلق تلك التحركات الزخم المطلوب لتحقيقها قبل 2019.
وعلى الرغم من ذلك لم يكن تراخي قوانين السلاح في البلاد ملحوظاً مع انخفاض جرائم القتل نسبياً. فبين عامي 2007 و2017 بلغ معدل حوادث القتل 74 حادثا سنويا منهم 11% فقط باستخدام طلق ناري.
ويقول جو بورتون، محاضر أول في معهد نيوزيلندا للأمن والجريمة بجامعة وايكوتو، إنه لولا شراء تارانت السلاح شبه الآلي، لكان عدد القتلى أقل بكثير.
وأقر البرلمان بعد 26 يوما من الهجوم قانونا يمنع استخدام السلاح العسكري شبه الآلي. وخلال 6 أشهر تم تجميع حوالي 56 ألف سلاح.
تعتبر تلك التغيرات في قوانين السلاح مهمة رمزياً وعملياً. ويقول بورتون إنها ستصعب من امتلاك الإرهابيين الأسلحة شبه الآلية. كما أنها أعطت المسلمين شعورا بالأمان، بحسب علية دانزيسين التي تقود الشراكات الحكومية في مجلس المرأة الإسلامية.
ولكن مازال المسلمون في نيوزيلاندا، الذين يشكلون 1.3% من تعداد السكان، لا يشعرون بالأمان الكامل مع تلك التغييرات.
قبل اصطحابها مجموعة من الشباب المسلمين في رحلة تزلج على الجليد، أبلغت دانزيسين الشرطة بالرحلة، بعدما كانت قد أبلغت عن تلقيها رسالة تهديد بأنها "تحت المراقبة".
ويرجح بول سبونلي، عالم الاجتماع في جامعة ماسي، أن هناك العشرات من المجموعات المتطرفة النشطة في نيوزيلندا، بناء على مراقبته للمتطرفين إلكترونيا. ويحذر من أن التداعيات الاقتصادية لانتشار فيروس كورونا قد تزيد من القلق والفكر المتطرف.
وأضاف سبونلي: "لن يكون هجوم كرايست تشرش الأخير من نوعه. وما زال هناك فجوات كبيرة في تشغيل الخدمات العامة".
وتقول دانزيسين إن الوكالات تنتظر التقرير النهائي من المفوضية الملكية الذي تم تأجيله حتى نوفمبر/ تشرين الثاني قبل المطالبة بالمزيد من التغيرات. وتأمل دانزيسين أن تأخذ الحكومة خطر الإرهاب بنفس جدية انتشار فيروس كورونا المستجد، فهي تعتقد أنه لا يوجد نظام لتحديد المخاطر وأن السلطات لا تتعاون مع بعضها بشكل كاف في مشاركة المعلومات.
وتقول دانزيسين: "الكراهية فيروس لا يقل شراسة عن كورونا ويجب معاملته بالمثل بمنهج قوي لضمان عدم انتشاره وجلب الخراب والموت".