سراييفو، البوسنة والهرسك (CNN) -- في التلال فوق سراييفو، تصطف الآلاف من شواهد القبور البيضاء الموحدة على المنحدرات، مما يشير إلى قبور بعض ضحايا الحرب البوسنية.
إنها تذكير دائم بالصراع الدموي في أوائل التسعينيات الذي أودى بحياة حوالي 100 ألف شخص.
كانت هذه المدينة، عاصمة البوسنة والهرسك، محاصرة لما يقرب من أربع سنوات وتوفي 11 ألف شخص في سراييفو وحدها.
الآن المدينة تخوض حربًا من نوع مختلف تمامًا.
في الأشهر الأخيرة، حصدت جائحة كورونا هنا الأرواح بوتيرة لم نشهدها منذ الحصار منذ ما يقرب من ثلاثة عقود. بين 1 مارس أذار و28 أبريل/ نيسان، توفي 698 شخصًا بسبب فيروس كورونا في المدينة، وفقًا لحكومة كانتون سراييفو - بمتوسط حصيلة يومية 13 و10 في هذين الشهرين.
وشهد حصار سراييفو في المتوسط سبعة قتلى يوميًا، بمن فيهم المقاتلون، على الرغم من أنه شهد أيضًا حوادث مروعة للخسائر الجماعية، مثل قصف سوق في عام 1994 أودى بحياة 68 شخصًا.
ويتذكر الدكتور عصمت جافرانكابتانوفيتش، رئيس مستشفى سراييفو العام، علاج العديد من الضحايا الذين يأتون من أبوابه كل يوم مصابين بطلقات نارية وشظايا خلال حصار التسعينيات.
وبينما تمر البوسنة بأشد فترة دموية للوباء حتى الآن - يقول غافرانكابتانوفيتش البالغ من العمر 59 عامًا، إن هناك شعورًا مألوفًا الآن داخل غرفة الطوارئ.
وقال لشبكة CNN: "لا يمكنك رؤية عدوك والكثير من الناس يموتون بسبب هذا الفيروس. إنها حرب بالفعل".
"(أثناء الحصار) في سراييفو كنا محاصرين تمامًا - الكثير من الإصابات والكثير من المشاكل، ولكن أيضًا في الأشهر الثلاثة الماضية كان هذا أيضًا مشابهًا جدًا، لذا (إنه) وضع صعب".
يقول زوران بلاغوجيفيتش، مستشار العلاقات العامة لرئيس وزراء اتحاد البوسنة والهرسك، إحدى منطقتين تتمتعان بالحكم الذاتي في البلاد، إن كيانه ليس لديه حتى وزير صحة على المستوى الوطني. وقال لشبكة CNN إن الحكومة الوطنية - التي لها رئاسة تتناوب بين المجموعات العرقية الرئيسية الثلاث - يجب أن تقود وتنسق الحكومتان الإقليميتان الرئيسيتين.
بالنسبة إلى بلاجوجيفيتش والعديد من المراقبين، تبدأ المشاكل في انهيار الحكم الفعال مع القانون الدستوري للبلاد، الذي يستند إلى اتفاقية سلام، تم التوصل إليها بوساطة في دايتون، أوهايو في 1995، وليس على دستور تقليدي. منذ ذلك الحين "لم يتغير شيء لتحسين وظائف البلاد".
وأُعيد بناء سراييفو إلى حد كبير منذ أن تدميرها بسبب الحرب لكن الانقسامات العرقية لا تزال مترسخة على الأرض - بما في ذلك في نظام الحكم الذي يتطلب إلى حد كبير من الصرب الأرثوذكس الشرقيين والمسلمين البوسنيين والكروات الكاثوليك تقاسم السلطة.
تم تكريس هذا الترتيب المعقد في دستور البوسنة والهرسك بعد الحرب وصمم لمنع النزاعات في المستقبل. ومع ذلك ، يقول بعض المراقبين إن ذلك جعل من الصعب على الحكومة معالجة الوباء بشكل فعال.
في حين أن بقية العالم الغربي يسرع من عمليات التطعيم لمنع موجة أخرى من الإصابات، لم تتلق البوسنة والهرسك حتى أواخر أبريل / نيسان سوى 22,680 جرعة لقاح - تم التبرع بالعديد منها من تركيا وصربيا والصين - وفقًا للحكومة المركزية.
ويبلغ عدد سكان البوسنة والهرسك 3.3 مليون نسمة.
وأثار فشل الحكومة في شراء لقاحات كافية احتجاجات في سراييفو في أوائل أبريل/ نيسان.
وحقق طرح صربيا نجاحًا كبيرًا لدرجة أنها سمحت لمواطنيها باختيار أي من ماركات اللقاحات الخمس التي يرغبون في حقنها.
في الشهر الماضي، فتحت جارة البوسنة البلقانية برنامج التطعيم للأجانب. وتدفق البوسنيون عبر الحدود للحصول على جرعات. وتم حتى الآن تلقيح حوالي 40 ألف أجنبي في صربيا، أكبر مجموعة من بينهم البوسنيون، وفقًا للأرقام الصادرة عن مكتب رئيس الوزراء الصربي.
وقالت رئيسة الوزراء الصربية آنا برنابيتش لشبكة CNN في ذلك الوقت: "نحن منطقة صغيرة، وإذا لم تكن آمنًا، حتى عندما نحصل على المناعة الجماعية، فلن نكون آمنين".
واستجابة لارتفاع معدلات الإصابة، فرضت سراييفو حظر التجول والقيود في مارس/أذار - ولكن ، كما هو الحال في العديد من الأماكن حول العالم، لا يستطيع اقتصادها الهش البقاء مغلقًا لفترة طويلة.