متى تنتهي الحرب الروسية على أوكرانيا؟

العالم
نشر
10 دقائق قراءة
فلاديمير بوتين
Credit: GettyImages

واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN)-- سلط يوم آخر من سفك دماء المدنيين في أوكرانيا الضوء على الحاجة الماسة لوقف إطلاق النار، وأظهر لماذا قد لا يزال إنهاء الحرب الروسية على أوكرانيا بعيد المنال.

صعدت القوات الروسية، الأربعاء، هجومها على أهداف سهلة، مما دفع الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى وصف نظيره الروسي فلاديمير بوتين بمجرم حرب. بينما أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بعد إلقاء خطاب عبر "الفيديوكونفرانس" أمام الكونغرس الأمريكي، أن 103 أطفال على الأقل لقوا حتفهم حتى الآن إثر الغزو الروسي. وانتقدت منظمة الصحة العالمية ما قالت إنها هجمات متعمدة على البنية التحتية للرعاية الصحية في أوكرانيا. فيما أفادت الأمم المتحدة أن أكثر من 3 ملايين أوكراني فروا من بلدهم في نزوح جماعي، فيما وصفت بأكبر أزمة لاجئين في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.

هذه ليست مجرد حكايات عن المدنيين الأبرياء الذين وقعوا وسط مرمى النيران أو في صراع أكبر. هناك الكثير من الهجمات التي لا يمكن اعتبارها سوى استراتيجية روسية متعمدة لإخضاع المدنيين عبر القصف. من المرجح أن يؤدي هذا الهجوم المصمم لإحداث أقصى قدر من الألم والدمار إلى تعميق الانقسام بين البلدين ويجعل من الصعب العثور على تسوية لإنهاء القتل.

على نطاق واسع، جرى مناقشة الخطوط العريضة المحتملة لوقف إطلاق النار أو اتفاق طويل الأجل لإنهاء القتال. ويمكن أن تشمل تعهد أوكرانيا بأنها لن تنضم إلى حلف الناتو. وقد تطلب روسيا شكلًا من أشكال الحياد لجارتها أوكرانيا وقدرًا من نزع السلاح. قد تحتاج كييف إلى ضمانات أمنية من القوى الغربية للدخول في صفقة. لكن طموحاتها في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي سيكون من الصعب للغاية على بوتين قبولها.

قال الكرملين، الأربعاء، إن "نزع السلاح" من أوكرانيا يمكن أن يكون تسوية، مقترحًا نموذجًا سويديًا أو نمساويًا للدولة، لكن هذه الفكرة قوبلت بالرفض من قبل الجانب الأوكراني.

كما أظهر الصراع بين الإسرائيليين والفلسطينيين، فإن معرفة كيف يجب أن ينتهي الصراع لا يجعل من السهل الوصول إلى هذه النقطة. من المرجح أن تكون أي خطة دبلوماسية لإنهاء الحرب في أوكرانيا محاطة بالشكوك، بما في ذلك القدرة السياسية لكل من الروس والأوكرانيين على تقديم تنازلات بعد هذا القتال المرير والخسائر الكبيرة من كلا الجانبين. بالإضافة إلى ذلك، فإن أي حديث حقيقي عن الضمانات الأمنية الغربية سيتطلب مستوى من التدخل من الدول الخارجية وقد يبدو وكأنه توسع، ويعتمد أيضًا على قبول بوتين لدور أجنبي في أوكرانيا.

أثارت تعليقات بايدن، الأربعاء، سؤالاً أكثر جوهرية عندما قال للصحفيين في البيت الأبيض في إشارة إلى بوتين: "أعتقد أنه مجرم حرب". من المنطقي التساؤل عما إذا كان الغرب، وخاصة أوكرانيا، سيكون قادرًا على التعامل مع زعيم روسي يعتبره "مجرم حرب".

ومع ذلك، فإن الكارثة الإنسانية المروعة التي تتكشف في أوكرانيا، وإمكانية إنقاذ حياة الآلاف من الأبرياء، تجعل من الضروري لكييف والدول الغربية محاولة الوصول إلى بعض التسوية مع بوتين، على الرغم من مرارة ذلك. لكن حتى ذلك الحين: هل سيقبل الزعيم الروسي التسوية يومًا ما؟

مقاومة بوتين للسلام

هناك العديد من الأسباب المنطقية التي قد تجعل بوتين مستعدًا للسعي إلى السلام. كانت الحرب كارثة استراتيجية واقتصادية لروسيا. في غضون أسابيع قليلة، جعلت العقوبات الغربية من روسيا دولة منبوذة دبلوماسيًا وماليًا وثقافيًا. وقال مسؤول أمريكي، الأربعاء، إن القوات الروسية أصبحت "متوقفة بشكل عام" بالقرب من كييف مع توقعات بحرب خاطفة على العاصمة. قد يؤدي التدفق الجديد للأسلحة الأمريكية والغربية الأخرى إلى زيادة ما تعتقد وكالات الاستخبارات الأمريكية بالفعل أنه خسائر فادحة في صفوف الروس في مواجهة المقاومة الأوكرانية الشديدة.

ومع ذلك، في كل مرحلة من مراحل الصراع، قبل الغزو وبعده، اختار بوتين التصعيد ليصبح أكثر وحشية. المدن الأوكرانية تحت الحصار، وفي بعض المناطق، ينفد الطعام والماء. ليس هناك ما يشير إلى أن الرئيس الروسي لديه أي مخاوف من الخسائر البشرية التي تسببها أفعاله. ويشير تاريخه السابق إلى أنه إذا تطلب الأمر حملة طاحنة وطويلة لتدمير أوكرانيا بأسلحة حادة مثل المدفعية والصواريخ، فإنه على استعداد لتنفيذها. في غضون ذلك، لا يوجد ما يشير إلى أن العقوبات الاستثنائية التي عزلت روسيا فعليًا عن العالم تضعف موقفه السياسي المحلي في نظام الكرملين الذي طالما هيمن عليه.

يبدو أن إعلان زيلينسكي، الثلاثاء، بأن بلاده سيتعين عليها قبول عدم انضمامها إلى الناتو هو تنازل لبوتين. لكن من الصعب أن نرى كيف يمكن للزعيم الروسي قبول ذلك كشرط كافٍ لسحب قواته نظرًا لتحذيراته في بداية الحرب من أن أوكرانيا ليس لها الحق في الوجود وأن شعبها روسي بالأصل.

لذلك، على الرغم من التكلفة الفادحة للأوكرانيين والروس، وعلى الرغم من التساؤلات الغربية حول ما إذا كان يتصرف بعقلانية، فربما ما زال بوتين يرى سببًا منطقيًا لمواصلة الصراع. لا يمكن لدولة مدمرة أن تنضم إلى الغرب. عُرض على بوتين "مسارات مختلفة" متعددة في الفترة التي سبقت الغزو، في محادثات هاتفية متعددة مع القادة الغربيين، بما في ذلك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لكن الرئيس الروسي رفضها جميعًا، وسيكون من غير الحكمة أن نتوقع منه أن يغير رأيه الآن.

ومع ذلك، نظرًا لنجاح الزعيم الروسي في القضاء على وسائل الإعلام الناقدة والمعارضة في روسيا، فمن الممكن نظريًا أن يحفظ ماء وجهه بتبرير إعلان أي اتفاق نهائي. لكن القصف الأخير لا يشير إلى أن الرئيس الروسي في حالة مزاجية لتقديم تنازلات.

أوكرانيا قد تواجه تنازلات مؤلمة

يبدو أن الرحلة التي يتعين على أوكرانيا القيام بها نحو وقف إطلاق النار مع بوتين تطول. إن الألم غير العادي الذي تحمله أوكرانيا بالفعل، والتحدي الذي أظهره زيلينسكي وهو يقود دولة مقاومة، قد يزيد من مخاطر أي خطة سلام نهائية.

مدى القتل والحرمان والمآسي الإنسانية التي يمكن أن تتحملها البلاد، قد يشكل موقف الحكومة الأوكرانية من مفاوضات وقف إطلاق النار. من غير الواضح ما إذا كان التدفق القادم للأسلحة الغربية ونجاح المقاومة الأوكرانية سيشجع الحكومة في كييف على مواصلة القتال. على سبيل المثال، قال ميخايلو بودولياك، مستشار زيلينسكي، الأربعاء، إن الجيش الأوكراني بدأ في شن ضربات مضادة أقوى لقوات روسية في عدد من الاتجاهات.

وبينما كان هناك بعض الإشارات المتفائلة من الجانب الأوكراني بشأن المحادثات مع المسؤولين الروس، فقد تكون شروط التسوية النهائية صعبة. وبعد أن قاد بلاده في معركة من أجل الاستقلال والسيادة، قد يكره زيلينسكي السماح لروسيا بالاحتفاظ بمناطق في شبه جزيرة القرم وشرق أوكرانيا التي استولت عليها، وربما يطالب باستعادتها.

أي مطلب لنزع السلاح من أوكرانيا لتلبية الدعوات الروسية للحياد يمكن أن يتركها عرضة لغزو آخر. وقد مرت أوكرانيا بتجربة مريرة مع الضمانات الأمنية الأجنبية. تضمنت اتفاقية ما بعد الحرب الباردة، التي أدت إلى تفكيك الأسلحة النووية في أوكرانيا التي تعود إلى الحقبة السوفيتية، تأكيدات بأن سيادتها واستقلالها معترف بهما من قبل بريطانيا والولايات المتحدة وروسيا. لم يوقف ذلك غزو بوتين. أضف إلى ذلك تصريحات روسيا المتعددة بأنها لا تخطط للزحف إلى أوكرانيا، مما يعني عدم وجود ثقة في كييف بالنسبة لموسكو.

وأي تعهد بأن أوكرانيا لن تسعى إلى عضوية الاتحاد الأوروبي سيكون قرارا مريرا لزيلنسكي. قد يطلب بوتين مثل هذا التعهد، لأن الحرب وأكثر من عقد من التدخل في شؤون أوكرانيا كانا إلى حد كبير بسبب غضبه من فكرة تحرك الأمة الأوكرانية الأقرب عرقيا وثقافيا وتاريخيا لروسيا نحو الغرب.

ومع ذلك، فقد أدى الغزو الروسي إلى نتائج عكسية في هذا الصدد على الأقل. أصبحت أوكرانيا فعليًا جزءًا من أوروبا الكبرى في كل شيء ما عدا الاسم. وفر الملايين من سكانها إلى ملاذات في الاتحاد الأوروبي وسيكون لهم علاقات طويلة الأمد مع الكتلة الأوروبية. وقد أعادت القوى الرئيسية الأوروبية، بما في ذلك ألمانيا، تشكيل عقود من السياسة الخارجية لدعم أوكرانيا، وهي إحدى الطرق التي لن تكون القارة من خلالها أبدًا كما كانت، متى انتهت الحرب، حتى لو استغرقت وقتًا أطول.