نيويورك، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN)—وجه عدد من المدونين العسكريين الروس مؤخرا انتقادات لاذعة لأداء بلادهم العسكري في أوكرانيا، خاصة بعد كارثة فشل عبور نهر "دونيتس"، الاسبوع الماضي، الذي أسفر عن تدمير ما لا يقل عن 70 عربة مدرعة ودبابة روسية بالإضافة الى قتل العشرات من الجنود الروس.
وفي نقد علني نادر للعملية العسكرية في أوكرانيا، أعرب ضابط سابق بارز يظهر بانتظام على شاشة التلفزيون الحكومي عن عدم الرضى عن الأداء الحربي وعن الآفاق العسكرية القاتمة لروسيا في أوكرانيا.
حملة الانتقادات اللاذعة هذه انتقلت من المدونين والضباط إلى الصحفيين، ففي مساء يوم 12 مايو/ أيار، أعاد المراسل العسكري الروسي البارز يوري كوتينوك نشر روايات وصور بعضها من مصادر أوكرانية عن فشل عبور النهر، منتقداً الضابط المسؤول وملقياً اللوم عليه في ازدحام العديد من المركبات في منطقة صغيرة بجانب النهر.
دعوات على تلغرام
في سلسلة من المنشورات على تطبيق تلغرام، جميعها اجمعت على سوء تنفيذ خطة عبور النهر من قبل الجنرال المسؤول عن العملية، إذ كتب المدون فلادلين تاتارسكي: "إلى أن نكتشف اسم هذا ’العبقري العسكري‘ الذي أهدر BTG (مجموعة تكتيكية) بالقرب من النهر ويتحمل المسؤولية علنًا عن ذلك، فلن تكون هناك إصلاحات في الجيش".
وأضاف أن الهجوم في دونباس يتعرض للعراقيل، "ليس فقط بسبب الافتقار إلى المعلومات الاستخباراتية الفعالة من الطائرات بدون طيار، ولكن أيضًا بسبب مثل هؤلاء الجنرالات".
وتابع تاتارسكي لشبكة CNN أنه لم ينتقد مجمل ما يسميه الكرملين "العملية العسكرية الخاصة" لروسيا، ولكن "الحلقات الفردية"، ولا يزال يعتقد أن روسيا ستحقق أهدافها في أوكرانيا، لافتا بالقول: "سأبذل قصارى جهدي شخصيًا لتحقيق ذلك".
ومع ذلك، دعا أيضًا إلى تغيير واسع وأن "كل المجالات بحاجة إلى التحسين" موضحا: "كل حرب تكشف عن بعض العيوب أو النواقص أو التجارب الخاطئة، التجارب التي يجب تعديلها لتلائم الحقائق الحديثة، لذا، فإن كل المجالات تحتاج إلى الإصلاح".
المهدئات المعلوماتية
ظهرت شكوك حول مسار العملية الروسية حتى في أحد أبرز البرامج التلفزيونية الحكومية. ففي برنامج "60 دقيقة" على قناة Russia - 1، حذر العقيد المتقاعد ميخائيل خودارينوك من أن "الوضع بالنسبة لنا سيزداد سوءًا بشكل واضح".
ورفض خودارينوك الادعاء بأن القوات المسلحة الأوكرانية في أزمة وعلى وشك "الانهيار الأخلاقي" ووصف هذه الدعاية بأنها "مهدئات إعلامية".
وعن قدرة أوكرانيا على تسليح مليون شخص، قال خودارينوك إنه مع بدء برنامج الدعم العسكري الأمريكي قريبًا، إلى جانب المساعدة الأوروبية "نحتاج حقًا إلى التعامل مع هذا المليون جندي أوكراني على أنه حقيقة واقعة في المستقبل القريب".
وأصر على أن الروح المعنوية للجنود الأوكرانيين أكثر أهمية من تدريبهم، وقال إن "الرغبة في الدفاع عن وطنهم الأم كما يعبرون في أوكرانيا موجودة بشكل كبير"، لافتا إلى أنه وفي نهاية المطاف يعتمد النصر في ساحة المعركة على الروح المعنوية العالية للقوات، في إشارة من خودارينوك إلى استمرار ورود تقارير عن انخفاض الروح المعنوية لبعض الوحدات الروسية في أوكرانيا.
ومن الناحية السياسية قال خودارينوك: "نحن في عزلة جيوسياسية تامة والعالم كله ضدنا لكننا لا نريد الاعتراف بذلك.. وفيما يتعلق بالصين والهند، فإن دعمهما لنا ليس بلا شروط".
وفي مقالة مطولة كتب ايغور ستريلكون القائد السابق في ميلشيا جمهورية دونيتسك الشعبية الانفصالية: "العملية التي تم الإعلان عنها على نطاق واسع في أواخر أبريل وأوائل مايو لهزيمة مجموعة دونيتسك للعدو قد فشلت".
وأضاف بأنه "تم تحقيق نجاحات تكتيكية فقط، لم يتم تحرير منطقة واحدة كبيرة... من الواضح الآن أنه بحلول أوائل الصيف لن يتم تحرير دونباس بالكامل".
من شبه المؤكد أن أصوات النقد النادرة هذه في روسيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية لا تنذر بأي تغيير في الاستراتيجية من جانب الكرملين، لكن بثها بينما تدفع أوكرانيا بهجوم مضاد في الشمال الشرقي يتناقض بشكل صارخ مع احتكار الدولة للتغطية الإعلامية عن الغزو.