ثاني أكبر اقتصاد بالعالم وأكبر مصدّر للطاقة.. فريد زكريا يحلل اجتماع بوتين وشي جينبينغ

العالم
نشر
6 دقائق قراءة

نيويورك، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN)-- يشرح فريد زكريا، محلل الشؤون السياسية ومقدم برنامج GPS على شبكة CNN، التأثير المحتمل على الدولار الأمريكي، بعد أن أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنه يفضل استخدام اليوان الصيني للتسويات المالية مع الدول الأخرى.

النتيجة الأكثر إثارة للاهتمام للقمة التي استمرت 3 أيام بين فلاديمير بوتين وشي جينبينغ حظيت باهتمام إعلامي محدود.

لوصف محادثاتهما، قال بوتين "إننا نؤيد استخدام اليوان الصيني للتسويات بين روسيا ودول آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية."

لذا، فإن ثاني أكبر اقتصاد في العالم وأكبر مصدّر للطاقة يحاولان سويًا التأثير على هيمنة الدولار كمرتكز للنظام المالي الدولي، فهل سينجحان؟

الدولار يُعتبر القوة العظمى الأخيرة الباقية لأمريكا. إنه يمنح واشنطن قوة اقتصادية وسياسية لا مثيل لها.

يمكنها أن تفرض عقوبات على البلدان من جانب واحد حيث تجمد ذلك البلد خارج أجزاء كبيرة من الاقتصاد العالمي.

ويمكن لواشنطن أن تنفق بحرية وعلى يقين من أن ديونها سوف يتحملها بقية العالم.

أدت الحرب ضد أوكرانيا، إلى جانب نهج المواجهة المتزايد لواشنطن تجاه الصين، إلى خلق عاصفة كاملة تعمل فيها كل من روسيا والصين على تسريع جهودهما للتنويع بعيدًا عن الدولار.

تحتفظ البنوك المركزية بقدر أقل من احتياطاتها بالدولار ويتم تسوية معظم التجارة بينهما باليوان.

كما أنهما يبذلان جهودًا لحمل الدول الأخرى على أن تحذو حذوهما.

تعاملت إدارة بايدن مع الحرب الاقتصادية ضد روسيا بشكل فعال للغاية من خلال بناء تحالف مع جميع الاقتصادات المتقدمة في العالم تقريبًا، مما يجعل من الصعب الهروب من الدولار إلى عملات أخرى مستقرة ذات قيمة عالية مثل اليورو أو الجنيه الاسترليني أو الدولار الكندي، لأن هذه الدول أيضا في حرب مع روسيا.

ما كان يمكن أن يكون نقطة تحول أكثر حدة لدور الدولار، هو قرار دونالد ترامب في مايو 2018 بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني.

عارض الاتحاد الأوروبي بشدة هذه الخطوة، لكنه راقب أن هيمنة الدولار تعني استبعاد إيران على الفور من الاقتصاد العالمي.

اقترح جان كلود يونكر، رئيس المفوضية الأوروبية آنذاك، تعزيز دور اليورو عالميًا لحماية القارة مما أسماه الأحادية الأنانية.

حددت اللجنة النهج لتحقيق هذا الأمر، لكن ذلك لم يحدث.

لا يزال هناك الكثير من الشكوك الأساسية حول مستقبل اليورو نفسه.

إن هيمنة الدولار مترسخة بقوة لأسباب عديدة وجيهة.

يحتاج الاقتصاد المعولم إلى عملة واحدة من أجل السهولة والكفاءة.

الدولار مستقر، يمكنك شراءه وبيعه في أي وقت وهو محكوم إلى حد كبير بالسوق وليس بأهواء الحكومة. لهذا السبب لم تنجح جهود الصين لتوسيع دور اليوان دوليًا.

ومن المفارقات، إذا أراد شي جينبينغ إحداث أكبر قدر من الألم لأمريكا، فسوف يحرر قطاعه المالي ويجعل اليوان منافسًا حقيقيًا للدولار.

لكن ذلك سيأخذه في اتجاه الأسواق والانفتاح، وهذا على عكس أهدافه المحلية الحالية.

بعد كل ذلك، فإن "تسليح" واشنطن للدولار على مدى العقد الماضي دفع العديد من الدول المهمة إلى البحث عن طرق للتأكد من أنها لن تصبح روسيا القادمة.

تكشف الأرقام أن حصة الدولار في احتياطي البنوك المركزية العالمية قد انخفضت من حوالي 70٪ قبل 20 عامًا إلى أقل من 60٪ اليوم، كما أنها تنخفض بشكل مطرد.

يحاول الأوروبيون والصينيون بناء أنظمة دفع دولية خارج نطاق SWIFT الذي يهيمن عليه الدولار، السعودية درست فكرة تسعير نفطها باليوان.

تقوم الهند بتسوية معظم مشترياتها من النفط من روسيا بعملات غير الدولار.

قد تكون العملات الرقمية بديلاً آخر. وفي الواقع، أنشأ البنك المركزي الصيني واحدة.

تضيف كل هذه البدائل تكاليف، لكن كان ينبغي أن تعلمنا السنوات القليلة الماضية أن الدول مستعدة لدفع الثمن على نحو متزايد عندما تريد أن تتفوق الأهداف السياسية على الأهداف الاقتصادية.

نستمر في البحث عن بديل واحد للدولار، ولن يكون هناك واحد. ولكن هل يمكن أن تعاني العملة من ضعف جراء "ألف جرح؟" يبدو أن هذا سيناريو أكثر احتمالًا.

يقول المؤلف والمستثمر روتشير شارما: "الآن لأول مرة حسبما أتذكر، لدينا أزمة مالية دولية يضعف فيها الدولار بدلاً من أن يقوى. أتساءل ما إذا كانت هذه علامة على الأشياء القادمة."

إذا كان يجب على الأمريكيين أن يقلقوا، تحدثت الأسبوع الماضي عن العادات الجيوسياسية السيئة التي طورتها واشنطن بسبب وضعها الأحادي القطب الذي لا مثيل له. بل إن ذلك صحيح أكثر من الناحية الاقتصادية.

اعتاد السياسيون الأمريكيون على الإنفاق على ما يبدو دون أي قلق بشأن العجز.

ارتفع الدين العام في أمريكا بنحو خمس أضعاف من 6.5 تريليون دولار تقريبًا قبل 20 عامًا إلى 31.5 تريليون دولار اليوم.

قام بنك الاحتياطي الفيدرالي بحل سلسلة من الأزمات المالية من خلال توسيع ميزانيته العمومية بشكل كبير، تقريبًا بحوالي 12 ضعفًا من حوالي 730 مليار دولار قبل 20 عامًا إلى حوالي 8.7 تريليون دولار اليوم.

كل هذا ينجح فقط بسبب الوضع الفريد للدولار، وإذا تضاءل ذلك، فستواجه أمريكا حسابًا لم يسبق له مثيل.