(CNN)-- كشفت مصادر، لشبكة CNN، عن جهود دبلوماسية قامت بها الإدارة الأمريكية لشهور لجعل تركيا تعلن موافقتها على انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو).
ووفقا للمصادر فإن جزء كبير من هذه الجهود الدبلوماسية يتعلق بإحراز تقدم بشأن البيع المحتمل لمقاتلات F-16 لأنقرة، التي كانت تطلبها، وذلك على الرغم من ادعاءات كبار المسؤولين الأمريكيين، أصبح بيع المقاتلات مرتبطا بمسألة عضوية السويد في الناتو.
وبيع المقاتلات الأمريكية إلى تركيا ليس صفقة منتهية، فقد صرح رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي، السيناتور الديمقراطي روبرت مينينديز، لشبكة CNN، الثلاثاء، أنه "حتى الآن" لا يزال يعارض عملية البيع.
ولطالما عارض مينينديز بيع الطائرات المقاتلة لأنقرة، ليس فقط بسبب معارضة تركيا لانضمام السويد إلى الناتو، ولكن أيضا بسبب قضايا حقوق الإنسان والاعتداءات الإقليمية بما في ذلك التوترات مع اليونان.
ومع ذلك، هناك مؤشرات على أن الجهود المبذولة لتغيير موقف مينينديز ومعالجة مخاوفه كان لها بعض التأثير.
وتُظهر التفاصيل الجديدة التي توردها شبكة CNN كيف أدت أشهر من الدبلوماسية، التي ساعدتها العلاقة الوثيقة بين اثنين من الزملاء السابقين في مجلس الشيوخ الأمريكي، إلى ما يمكن أن يصبح أحد أكبر إنجازات السياسة الخارجية لإدارة جو بايدن.
والآن كل الأنظار تتجه إلى اجتماع يوم الأربعاء بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس لمعرفة ما إذا كان بإمكان الزعيمين فعل ما يكفي لتهدئة مخاوف السيناتور الأمريكي والحصول على الموافقة على بيع طائرات F-16.
وقبل الاجتماع المحفوف بالمخاطر يوم الأربعاء، تتوقع إدارة بايدن أن يلتزم أردوغان وميتسوتاكيس بالحفاظ على الهدوء في المنطقة، وربما يتوصلان إلى اتفاق لاحترام المجال الجوي لبعضهما البعض، بعد عام من التوغلات التركية غير المسبوقة في المجال الجوي اليوناني، وقال مسؤول لشبكة CNN إن مثل هذا البيان يمكن أن يعالج مخاوف مينينديز.
وبعد دعوة فنلندا والسويد للانضمام إلى الناتو، بدأت الجهود لضمان عضويتهما في التحالف الدفاعي، فيما وضعت تركيا عقبات لكلا البلدين، لكنها في النهاية سمحت لهلسنكي بالمضي قدما.
ومع ذلك، استمرت أنقرة في الحفاظ على معارضتها للسويد، حيث قدمت مطالب تتعلق بـ"الجماعات الإرهابية" الكردية، مثل "حزب العمال الكردستاني"، ومبيعات الأسلحة.
ووراء الكواليس، كانت صفقة بيع طائرات F-16 حاضرة أيضا كمطلب ضمني من أنقرة، وعمل الدبلوماسيون الأمريكيون على اتصالات مكثفة مع نظرائهم والمشرعين.
وكان من بين تلك الاتصالات رحلات متعددة إلى واشنطن قام بها سفير الولايات المتحدة لدى تركيا جيف فليك.
وكانت تجربة فليك كعضو سابق في مجلس الشيوخ الأمريكي عن ولاية أريزونا وعلاقته الشخصية مع مينينديز أساسية أثناء محاولته شرح موقف زميله السابق للمسؤولين الأتراك.
وقال مصدر لـCNN إنه عمل في وقت واحد مع زميله السابق لمعرفة كيف يمكن اقناع مينينديز بالموافقة على بيع المقاتلات.
وقال مصدر مطلع على المحادثات، إن فليك، إلى جانب السفير الأمريكي في اليونان جورج تسونيس، اجتمعوا مع نواب في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ ولجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب بشأن مبيعات الأسلحة المحتملة إلى البلدين.
وأضاف المصدر أن فليك زار أيضا مبنى الكابيتول عدة مرات في الربيع مع كبير مستشاري أردوغان للأمن القومي، إبراهيم كالين، بهدف تقديمه إلى أعضاء الكونغرس، وأن السفير الأمريكي أراد التأكد من أن كالين يفهم مدى أهمية انضمام السويد إلى الناتو خلال اللقاء مع مجموعة واسعة من أعضاء الكونغرس.
كما تلقى المسؤولون الأتراك هذه الرسالة من خطاب الحزبين في وقت سابق من هذا العام، بقيادة النائبة الديمقراطية جين شاهين والسيناتور الجمهوري توم تيليس، حيث قال 28 عضوا في مجلس الشيوخ إنهم لن يدعموا بيع طائرات F-16 إلى تركيا طالما استمرت أنقرة في معارضة انضمام السويد إلى الناتو.
وقال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الامريكية إن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن كان على اتصال بأعضاء في الكونغرس، بمن فيهم مينينديز، بشأن الموافقة على بيع الطائرات إلى تركيا.
وذكر المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميل، الثلاثاء: "بلينكن أجرى محادثات مع أعضاء الكونغرس، بما في ذلك السيناتور مينينديز حول هذه القضية بالذات في الأسابيع القليلة الماضية".
في غضون ذلك، كان مسؤولو الإدارة الأمريكية يتواصلون بشكل مكثف مع نظرائهم الأجانب في محاولة لدفع تركيا إلى الأمام بشأن انضمام السويد لحلف الناتو– وهو ما تحقق يوم الاثنين، عشية قمة الحلف.
ووافق أردوغان على نقل طلب السويد إلى البرلمان التركي "في أقرب وقت ممكن"، لكن لا يوجد جدول زمني واضح لتصبح السويد العضو التالي في التحالف، ويجب على المجر أيضا الموافقة، وهو ما يُتوقع أن تفعله الآن بعد موافقة أردوغان.
وبينما سمح البيت الأبيض للأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ وأردوغان ورئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون بأخذ زمام المبادرة في الإعلان المهم، أكد مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، للصحفيين، على دور بايدن.
واتصل الرئيس الأمريكي هاتفيا بأردوغان من طائرة الرئاسة خلال رحلته إلى لندن يوم الأحد لمناقشة عضوية ستوكهولم في الناتو وبيع طائرات إف-16.
وقال سوليفان للصحفيين بعد وقت قصير من الاتصال: "كان الرئيس بايدن واضحا باستمرار في أنه يعتقد أنه بالنسبة للتحالف وللعلاقة الثنائية بين الولايات المتحدة وتركيا ، فإن المضي قدما في بيع المقاتلات أمر منطقي"، مضيفا أن بايدن "ينوي المضي قدما في عملية البيع بالتشاور مع الكونغرس".
وتحدث بلينكن 3 مرات مع وزير الخارجية التركي في الأيام الخمسة التي سبقت القمة، وتحدث سوليفان مع نظيريه التركي والسويد مؤخرا يوم الاثنين.
كما تحدث بلينكن وبايدن بشكل منفصل مع ميتسوتاكيس في الأسابيع الأخيرة، وأشار الرئيس الأمريكي نفسه الأسبوع الماضي إلى ذلك، حيث قال لمذيع CNN فريد زكريا في مقابلة حصرية: "ما أحاول، بصراحة تامة نحن نعمل على تعزيز الناتو من حيث القدرة العسكرية لكل من اليونان وتركيا ، والسماح للسويد بالانضمام إلى الحلف لكن لم ينته الأمر".
وقال مينينديز، لشبكة CNN، يوم الإثنين، إنه يحتاج إلى رؤية تركيا تلتزم "بقدر أقل من العداء تجاه دولة في حلف شمال الأطلسي (أي اليونان) والالتزام بأن الهدوء الذي كان موجودًا خلال الأشهر العديدة الماضية مستمر، وعدم استخدام الأسلحة الأمريكية ضد حليف آخر في الناتو".
وتلاشت التوترات بين أثينا وأنقرة في الأشهر الأخيرة، ويرجع ذلك جزئيا إلى الزلزال الكارثي الذي حدث في تركيا، والذي قدمت اليونان المساعدة لتركيا، وقال المصدر المطلع إن المسؤولين الأمريكيين حثوا الجانبين على الحفاظ على هذا الهدوء.