في ألمانيا.. مشروع يضع مراكز البيانات داخل توربينات الرياح لخفض الانبعاثات

العالم
نشر
6 دقائق قراءة
في ألمانيا.. هذا المشروع يقلل الانبعاثات عبر وضع مراكز البيانات داخل توربينات الرياح
Credit: windCORES

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- تمثّل مراكز البيانات ما يصل إلى 1.5% من إجمالي الاستخدام العالمي للكهرباء، ما يؤدي إلى تأجيج أزمة المناخ. وفي الوقت الحالي، تُشير التقديرات إلى وجود 8 آلاف مركز بيانات في جميع أنحاء العالم، مع التخطيط لتشييد المزيد كل عام لدعم ارتفاع الخدمات الرقمية العالمية.

ورُغم وجود جهود لتقليل انبعاثات الكربون باستخدام طاقة الرياح، إلا أنّ هذا المشروع الجديد في ألمانيا يأخذ هذه الخطوة إلى مدى أبعد.

وتُدير WindCORES، التابعة لشركة الكهرباء المتجددة الألمانية WestfalenWIND، مراكز بيانات داخل توربينات الرياح الموجودة في حديقة رياح غرب ألمانيا.

وتقول الشركة إنّها تجعل المراكز محايدة للكربون تقريبًا.

وأشار فيتي دوبيركي، المدير الإداري لشركة WindCORES التي تأسست عام 2018، إلى أنّه "في حال نظرت إلى هرم الاستدامة، فستجد أنّ أعلى شكل من أشكال الاستدامة يتمثّل باستخدام الأشياء الموجودة بالفعل".

ويستخدم هذا المفهوم توربينات الرياح الموجودة لتشغيل مراكز البيانات في الموقع، في حين توفر كابلات الألياف الضوئية اتصالاً مستمرًا بالإنترنت.

في ألمانيا.. هذا المشروع يقلل الانبعاثات عبر وضع مراكز البيانات داخل توربينات الرياح
عبر الاستفادة من توربينات الرياح الموجودة في الواقع، أنشأت شركة WindCORES ممارسة تجارية مستدامة. Credit: windCORES

وبحسب دوبيركي، عند التخطيط لهذا المشروع منذ 10 أعوام، أدركت شركة WestfalenWIND أنّ شبكة الكهرباء كانت أضعف من أن تتمكن من التعامل مع السّعات الهائلة من الكهرباء التي تنتجها توربينات الرياح خلال ساعات ذروة هبوب الرياح، ما أدى إلى إغلاق مزارع الرياح الخاصة بها بسبب قضايا أمن الشبكة.

وتُقدِّر WindCORES أنّ كمية الكهرباء غير المستخدمة والمُوَلَّدة خلال تلك الفترة، يمكنها أن تغذي ثلث جميع مراكز البيانات الألمانية.

وكان الحل الذي توصلت إليه الشركة قوامه تجاوز "الوسيط" (الشبكة) تمامًا، وتشغيل خوادم تكنولوجيا المعلومات من داخل أبراج توربينات الرياح الخرسانية الكبيرة مباشرةً عوض ذلك.

ويبلغ عرض كل برج 13 مترًا، ويمكنه احتواء أرفف خوادم يصل ارتفاعها إلى 150 مترًا.

وبما أنّ المنطقة عبارة عن مساحة فارغة غالبًا، يُشير دوبيركي إلى هذا المفهوم بكونه "أمرًا بديهيًا".

خدمات البث

في ألمانيا.. هذا المشروع يقلل الانبعاثات عبر وضع مراكز البيانات داخل توربينات الرياح
كانت Zattoo من أوائل الشركات التي تعاونت مع مشروع WindCORES. Credit: windCORES

منذ إطلاقها، اكتسبت شركة WindCORES على 150 عميلًا تقريبًا عبر المواقع المشتركة والحلول السحابية.

ويتراوح العملاء من شركات ناشئة صغيرة جدًا إلى شركات أكبر مثل Zattoo، وهي منصة سويسرية رائدة محايدة للكربون خاصة بالبث التلفزيوني، وتتمتع بملايين عدة من المستخدمين شهريًا.

وانضمت Zattoo إلى شركة WindCORES في عام 2020 عندما نقلت إحدى مراكز البيانات الستة التابعة لها إلى توربينات الرياح في بادربورن.

وأكّدت فيليانا إيفانوفا، المديرة الهندسية التي تقود عمليات مشروع WindCORES في Zattoo، أنّ المفهوم موثوق به حتّى الآن، ويحقّق هدف Zattoo الرئيسي الذي شجعها على الانضمام إلى المبادرة.

وقالت إيفانوفا: "السبب الرئيسي الذي جعلنا نقرر إطلاق هذا المشروع وبذل الكثير من الوقت لإنجاحه أنّه صديق للبيئة".

وأوضحت إيفانوفا: "في مراكز البيانات الكبرى الأخرى، مع أنّهم كانوا يخبروننا بأنّهم يستخدمون الطاقة الخضراء، إلا أنّنا لم نتمكن من رؤية التقارير، ولم تكن هناك شفافية لحساباتنا الخاصة. ولا يقتصر الأمر على إخبار عملائنا بأنّنا نحافظ على البيئة فحسب، بل معرفة أنّنا نقوم بذلك حقيقة".

وباعتبارها شركة بث مباشر تتمتع بالعديد من القنوات المباشرة التي تعمل من دون توقف، تدرك إيفانوفا الأثر السلبي الهائل الذي يمكن أن تُحدثه على البيئة، وأهمية تقليل الانبعاثات.

وأفادت شركة Zattoo أنّها وفرت حوالي 60 طنًا من ثاني أكسيد الكربون من خلال مشروع WindCORES.

تقليص التوليد

ويرى الرئيس والمدير التنفيذي لمؤسسة Green Software Foundation غير الربحية، عاصم حسين، أنّ مفهوم WindCORES "ذكي للغاية" لأنّه يحارب واحدة من أكبر مشاكل قطاع الطاقة المتجددة، وهي التقليص من الإنتاج.

وشرح حسين الذي لا يعمل لدى شركة WindCORES: "عند توليد الكهرباء بشكلٍ أكبر ممّا يستهلكه الناس، لا يمكنك تخزينه، ولا توجد بطاريات كبيرة، لذا عليك فقط التخلص منه، وهذا هو التقليص".

كما أنّه أضاف: "الآن، لا يهم حتّى لو طُلب منهم (WindCORES) التخلص من الكهرباء (بواسطة شبكة الكهرباء)، فلديها مركز بيانات خاص بها لتشغيله".

وأشار حسين أيضًا إلى الابتكار القائم على الحلول لما يسميه "الحوسبة المدركة للكربون"، وقال: "في المجال الهندسي، نحن منفصلون تمامًا عن الطبيعة.. ولكن في هذا المشروع، فأنت متصل بالرياح بشكلٍ كامل، وتحاول ابتكار حلول تتماشى مع الطبيعة، وتعمل مع الطبيعة".

ولكنه يدرك أيضًا عدم قدرة جميع "أنواع أعباء العمل" على الإفادة من هذا المفهوم، وأن قابلية التوسع قد تشكّل تحديًا.

وقال: "أعتقد أنّ الأشخاص لا يدركون تمامًا مدى ضخامة مراكز البيانات.. إنّها ضخمة للغاية".

وفي الآونة الأخيرة، افتتحت WindCORES موقعًا ثانيًا أكبر مساحة يُدعى windCORES II في مزرعة Huser Klee للرياح في ليشتناو بألمانيا.

وبينما يأمل دوبيركي أن يستمر المشروع في النمو وجذب المزيد من العملاء ذوي النفوذ، إلا أنّه يدرك أنّه لا يمكن أن يستمر إلى الأبد، وقال: "على المدى الطويل، يجب أن يتحول المجتمع إلى مجتمعٍ أخضر ومستدام، وفي يومٍ من الأيام، ستحصل على الكهرباء الصديقة للبيئة من أي مكان مباشرةً".