الزميل جون دفتريوس، معد ومقدم برنامج "أسواق الشرق الأوسط CNN" الجديد يقوم بتسجيل انطباعاته ومشاهداته أسبوعياً، ويطرح من خلالها، وبلغة مبسطة، رؤيته لاقتصاد المنطقة، انطلاقاً من خبرته الطويلة في عالم الصحافة الاقتصادية.
خلال جولة على الكورنيش البحري للعاصمة القطرية الدوحة، يمكن للمرء أن يتلمّس حجم التجربة القطرية، وقد دفعني هذا خلال الأسبوع إلى التفكير في الشأن القطري، والخروج بمصطلح جديد " Q فاكتر."
فمن يتابع التلفزيون البريطاني يعرف بوجود برنامج مسابقات فنية تحت اسم "X فاكتر" مخصص للتنافس بين الأصوات والمواهب الموسيقية والفنية، ويبدو أن الحالة مماثلة في الخليج، حيث تسعى إمارة قطر للتنافس مع نفسها ومع جيرانها لتأسيس بنيتها التحتية في كل المجالات، من الخدمات المالية وصولاً إلى بناء سكة حديد بحلول عام 2016.
وقد تمكنت بالفعل من إلقاء نظرة على هذا المشروع المستقبلي الذي صممته شركة "دتش بان" الألمانية المتخصصة ببناء سكك الحديد، وذلك في مجمّع شركة "ديار" القطرية للعقارات، حيث شاهدت تسجيل فيديو تصوري للمشروع، أعده المخرج جورج لوكاس، بتقنية الصور الثلاثية الأبعاد.
وبحسب التصور الموضوع، فإن محطة السكك الحديدة ستكون مركزاً لتجميع الكثير من خطوط الخدمة، بينها خطوط مخصصة للرحلات الإقليمية، إذ تصل إلى البحرين والسعودية، وقد بدأت عمليات حفر الأنفاق والأساسات الخاصة بالمشروع.
وإذا سار كل شيء على ما يرام، فإن المرحلة الأولى من المشروع ستكون جاهزة بحلول عام 2016، في حين لن يتم إنهاء الشبكة بالكامل إلا عام 2026، وينسجم هذا الأمر مع توقعات النمو السكاني في قطر، التي ارتفع عدد سكانها من 800 ألف إلى 1.6 مليون نسمة خلال عقد، ويتوقع الخبراء فيها تسجيل تزايد سنوي بنسبة خمسة في المائة خلال العقدين المقبلين.
ولا يشكل تمويل هذه المشاريع الضخمة أي مشكلة بالنسبة للدوحة، التي تعتمد على العوائد الكبيرة لصادراتها من الغاز، ويقول المسؤولون عن قطاع الطاقة في البلاد إن إنتاج الغاز المسال ارتفع خلال العام الماضي بنسبة 50 في المائة، وسيرتفع بنسبة 25 في المائة من جديد العام المقبل.
ويقول عيسى أبوعيسى، أمين عام رابطة رجال الأعمال القطريين، إن قطاع الغاز سيرد على الخزينة القطرية بحلول عام 2012 ما أنفقته في سبيل تطويره، أي ما يعادل 80 مليار دولار، ليصبح بعد ذلك مربحاً بشكل كامل.
وخلال العقد المنصرم، ارتفع الناتج الفردي القطري أربعة أضعاف ليقترب من مائة ألف دولار، وسيواصل نموه في الفترة المقبلة، وفي الوقت الذي ينحدر فيه الاقتصاد العالمي إلى أسوأ ركود يتعرض له منذ ستة عقود، ترى الحكومة القطرية في ما يحصل فرصة لتنظيم أعمالها، حيث عملت على خفض معدلات التضخم المرتفعة، في حين ثبت النمو عند 8.5 في المائة.
وخلال محاضرة كنت أساعد في إدارتها، تحدثت إلى فلورنس عيد، المديرة العام بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا لصندوق "باسبورت كابيتال،" التي قالت إن قطر "مضادة للركود" بسبب حجمها الصغير ومواردها الهائلة.
ولكن ما يجري في الدوحة ليس بدون أثمان مؤلمة، ففي الجزء الغربي من خليج الدوحة، يعلو الغبار الكثير من الأبنية الشاهقة التي جرى بناؤها حديثاً، في حين أن أبنية أخرى توقف العمل بها، ويقول متخصصون في الشأن العقاري أن القطاع يعاني من تراجع بواقع 25 في المائة بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية.
ورغم أن هذا الواقع يشي بمتاعب لسنة 2010، إلا أن الجميع متفائل حيال مستقبل مسار قطاع العقارات المحلي للأعوام المقبلة.
وذكر أحد كبار مدراء الشركات في قطر إن البلاد تعاني كما سائر دول الجوار من مشكلة وجود سيولة كبيرة لدى الحكومة في حين أن المصارف تمتنع عن الإقراض على نطاق واسع، رغم أن الصندوق السيادي لقطر عمد إلى التدخل في أسواق المال خلال الأزمة وقام بضخ المبالغ المطلوبة في وقت قصير.
وسيظهر التحدي الحقيقي أمام قطر خلال العقد المقبل، مع خطة التطوير الطموحة المرتقبة عام 2010 المخصصة لتحديد اتجاه تطوير البلاد للربع قرن المقبل، علماً أن قطر تعمل حالياً على أكثر من 200 مشروع تتجاوز كلفتها الإجمالية 82 مليار دولار.
وخلال مرحلة الازدهار التي تعيشها قطر حالياً، فإن الكثيرين لا ينظرون إلى الأيام الماضية في أواخر العقد الثامن من القرن المنصرم، عندما كان الدين القطري يعادل 80 في المائة من ناتجها المحلي، لكن الحكومة في تلك الأوقات الصعبة نفذت مشاريعها العملاقة للاستفادة من الغاز الطبيعي.
ويبدو أن "Q فاكتر" الذي دفع الدوحة نحو التسابق مع جيرانها في تلك الأيام يعود بثمار كثيرة اليوم، وهناك الملايين ممن يتابعون لمعرفة كيف ستتجه الأمور.
ترحب شبكة CNN بالنقاش الحيوي والمفيد، وكي لا نضطر في موقع CNN بالعربية إلى مراجعة التعليقات قبل نشرها. ننصحك بمراجعة إرشادات الاستخدام للتعرف إليها جيداً. وللعلم فان جميع مشاركاتك يمكن استخدامها، مع اسمك وصورتك، استنادا إلى سياسة الخصوصية بما يتوافق مع شروط استخدام الموقع.
الآراء الواردة أدناه لا تعبر عن رأي موقع CNN بالعربية، بل تعكس وجهات نظر أصحابها فقط.