الزميل جون دفتريوس، معد ومقدم برنامج "أسواق الشرق الأوسط CNN" الجديد يقوم بتسجيل انطباعاته ومشاهداته أسبوعياً، ويطرح من خلالها، وبلغة مبسطة، رؤيته لاقتصاد المنطقة، انطلاقاً من خبرته الطويلة في عالم الصحافة الاقتصادية.
لندن، بريطانيا (CNN) -- ستحاول قمة مجموعة العشرين معرفة ما الذي تخطط الحكومات للقيام به خلال العام المقبل، على مستوى خطط التحفيز المقررة وتعديل القوانين، خاصة وأن الجميع يتفق على أن الأزمة المالية العالمية قد بلغت القعر، لكن الخلاف حالياً يتركز حول الوقت الذي يحتاجه العالم قبل أن يتمكن من النهوض مجدداً.
ففي لندن، يتحدث الجميع بسخط عن الحوافز الكبيرة التي تقدمها المصارف للمدراء، لكن أحداً لا يستطيع الجزم بما سوف تقرره الحكومات، خاصة وأن قادة العديد من الدول في أوروبا، وخاصة في بريطانيا وألمانيا، يحاولون إدارة الاقتصاد بيد، وإدارة معارك انتخابية قد تحسم مستقبلهم السياسي باليد الأخرى.
وفي الواقع، فإن المبالغ التي أنفقتها الحكومات حتى الساعة، بما في ذلك مبلغ ترليون دولار دُفعت لتأمين لضمان قدرة المصارف على الاستمرار قدمت لنا بعض الاستقرار المالي، أو حسنت على الأقل نظرتنا إلى هذا القطاع مقارنة بالعام الماضي.
فأنا أذكر أننا عشنا في بريطانيا فترة صعبة للغاية، امتدت إلى نحو أسبوع، كان الناس خلالها يجهلون ما إذا كانت المؤسسات المالية قادرة على مواصلة عملها، ووجد البعض نفسه يبحث عن بنود القانون المتعلق بضمان الودائع في المصارف بسبب قلقه على مدخراته.
ومع حلول مطلع العام الجاري، عندما كانت أزمة الائتمان في ذروتها، تحدث بعض خبراء الاقتصاد بحزم عن انتهاء نظرية "الانفصال الاقتصادي" بين الشرق والغرب، مضيفين أن الدول النامية، على غرار الهند وروسيا والصين والبرازيل، عاجزة عن مواصلة النمو في الظروف الحالية باعتبار أن نظمها الاقتصادية تعتمد على التصدير إلى أوروبا والولايات المتحدة التي تعيش أوضاعاً صعبة.
ولكن الوقت قد حان برأي كي يعيد هؤلاء الخبراء النظر بمواقفهم، فالاقتصاد الأوروبي والأمريكي لن يتمكن من النمو بأكثر من واحد إلى اثنين في المائة العام المقبل، في حين أن الصين ستنمو بواقع ثمانية في المائة، بينما يتجاوز النمو في الهند وإندونيسيا خمسة في المائة، وفي الشرق الأوسط نسبة 3.5 في المائة.
وخلال هذا الأسبوع، قابلت وزير التجارة والصناعة المصري، رشيد رشيد، الذي يجول العالم شرقاً وغرباً للبحث عن فرص استثمارية تعود بالنفع لشركات بلاده، وهذه الأيام، يبدو أن رشيد مشغول بالسفر إلى الصين والهند للبحث في إنشاء مشاريع مشتركة أو لجذب شركات متخصصة نحو المناطق الاقتصادية التي تطورها القاهرة حاليا.ً
ومن خبرته السابقة، فإن لرشيد معرفة واسعة بدورات الإنتاج والركود بشكل عام، وهو يقول في هذا السياق: "اليوم نحن لا نتكلم عن نظريات، بل عن حقائق، نحن نرى أرقاماً (خاصة بالنمو) تختلف كلياً عن الأرقام الموجودة في الولايات المتحدة وأوروبا، كما أن التوقعات المستقبلية لدينا أفضل من أي مكان آخر بالعالم."
ومن المفيد ملاحظة أن خطط التحفيز التي وضعتها الدول النامية، وعلى رأسها الصين والهند، ستكون ذات عوائد ممتازة، خاصة وأنها تتعلق بمشاريع في قطاع البنية التحتية التي كانت تحتاج لتطوير، ما يعني أن تلك الدول حافظت على نموها، ومولت مشاريع جديدة في الوقت نفسه مستفيدة من الأزمة.
ولا تبدو هذه الصورة المشرقة مختلفة كثيرة في الشرق الأوسط، إذ يقول ناني بيكالي فالكو، المدير الدولي لشركة "جنرال إلكتريك" الأمريكية، إن المنطقة نجحت في إنجاز مزيج ناجح للمشاريع المشتركة بين القطاعين العام والخاص.
ويضيف فالكو: "نحن نخرج اليوم من الأزمة بفضل الدول النامية، والتي هي - من وجهة نظري - لم تعد نامية بل نمت بالفعل، وهي تدفع الاقتصاد العالمي اليوم."
ومع هذه المقدمات يمكن القول أنه في الوقت الذي يسعى فيه قادة العالم إلى تطوير فهم واضح للخطوات الواجب اتخاذها في المستقبل، فإن الدول التي تمتلك ثروات نقدية كبيرة ستواصل الإنفاق على مشاريع التنمية بشكل كبير، وهذا كما يقولون في عالم الأعمال "صفقة حقيقية."
ترحب شبكة CNN بالنقاش الحيوي والمفيد، وكي لا نضطر في موقع CNN بالعربية إلى مراجعة التعليقات قبل نشرها. ننصحك بمراجعة إرشادات الاستخدام للتعرف إليها جيداً. وللعلم فان جميع مشاركاتك يمكن استخدامها، مع اسمك وصورتك، استنادا إلى سياسة الخصوصية بما يتوافق مع شروط استخدام الموقع.
الآراء الواردة أدناه لا تعبر عن رأي موقع CNN بالعربية، بل تعكس وجهات نظر أصحابها فقط.