CNN CNN

دفتريوس: المغرب.. سوق واعدة تنتظر المستثمرين

الأربعاء، 01 كانون الأول/ديسمبر 2010، آخر تحديث 23:01 (GMT+0400)
سوق كبيرة وواعدة في المغرب
سوق كبيرة وواعدة في المغرب

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- الزميل جون دفتريوس، معد ومقدم برنامج "أسواق الشرق الأوسط CNN" يقوم بتسجيل انطباعاته ومشاهداته أسبوعياً، ويطرح من خلالها، وبلغة مبسطة، رؤيته لاقتصاد المنطقة، انطلاقاً من خبرته الطويلة في عالم الصحافة الاقتصادية.

السوق في مراكش تشكل ميداناً خصباً للمفاوضين الباحثين عن صفقة جيدة، فهذه المدينة المزركشة بألوانها الزاهية تشكل مثالاً رائعاً لمؤشرات جذب رجال الأعمال والاستثمارات الأجنبية، وفي الواقع، فإن لدى مراكش خاصة، والمغرب عامة، القدرة على المنافسة أمام أي وجهة استثمارية أخرى في المنطقة.

فالدخول إلى سوق "جامع الفناء" المعروف والضخم في مراكش قبل مغيب الشمس يعيد المرء إلى حقبة غابرة من التاريخ، إذ يمكن رؤية كل شيء من الحرفين الذين يعرضون المنتجات اليدوية الجميلة، إلى العطارين الذين يبيعون جرعات سحرية متنوعة.

وكنا قد وصلنا إلى مراكش بعد رحلة استمرت لتسع ساعات بالطائرة من إمارة دبي، لحضور اللقاء الإقليمي للمنتدى الاقتصادي العالمي، ويبدو أن بعد المسافة بين الخليج والمغرب شكل حاجزاً أمام مشاركة الكثيرين من تلك المنطقة، إذ لم يحضر أي مسؤول سياسي خليجي، حتى أن العاهل المغربي، الملك محمد السادس، لم يحضر الافتتاح، وهو أمر انتقده البعض.

ورغم أن المغرب ليست أرضاً مجهولة بالنسبة للسياح من أوروبا، وخاصة في فرنسا وبريطانيا وإيطاليا، إلا أنها ما تزال مجهولة بالنسبة لرجال الأعمال في الخليج بشكل خاص والمشرق بشكل عام.

ولكن إذا ما تمكن المرء من إجراء نقاش هادئ مع كبار المسؤولين في البلاد، فسيتمكن من تكوين صورة عامة عن المشروع الذي تطمح هذه المملكة لتنفيذه، وهذا ما اتضح لي بعد نقاش على جلسة شاي مع أحد كبار المستشارين الحكوميين، الذي طرح أمامي الخطط الرامية لتعزيز بناء الطبقة الوسطى وتنميتها، إذ أن هذه الدولة التي تشكل الحد الأقصى لدول منطقة "مينا" التي تضم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تسير قدماً في مشاريع الخدمات وتكنولوجيا الطاقة الشمسية وتصنيع الرقائق الإلكترونية.

وذلك إلى جانب المشاريع العملاقة التي تصب في إطار الاستفادة من التقارب الاقتصادي لدول البحر المتوسط، وبينها تنمية ميناء طنجة ليكون الأكبر في أفريقيا، في حين تضم البلاد منشأة متطورة لشركة "رينو نيسان" التي استثمرت في المغرب مليار دولار لبناء مصنع ينتج 200 ألف سيارة سنوياً.

فالملك محمد السادس، الذي تسلّم السلطة عام 1999، يحاول تسريع وتيرة التغيير في البلاد التي ما تزال عربات الخضار التي تجرها البغال تصارع السيارات للسير في الشوارع، وقد قال لي وزير الشؤون الاقتصادية والاجتماعية، نزار بركة، إن الحكومة تعمل على التحديث من القمة إلى القاع، بما في ذلك بين طلاب المدارس الابتدائية، لتغيير عقلية المواطن العادي.

ويبدو أن الحكومة المغربية تعتزم توفير كل الإمكانيات للمواطنين، عبر تقديم التدريب العملي والخطط التنموية للمواطنين في القطاعات التكنولوجية الحديثة، ولكن قدراتها على توفير الوظائف المباشرة تبقى محدودة، خاصة وأن نسبة التوظيف في القطاع العام المغربي تعتبر من بين الأدنى بالمنطقة، إذ لا تتجاوز عشرة في المائة من اليد العاملة.

وخلال الأعوام الخمسة الماضية، تمكن المغرب من النمو بنسبة وسطية تبلغ خمسة في المائة، أما البطالة فقد تراجعت إلى ثمانية في المائة، ولكن البطالة بين الشباب تبقى أمراً مقلقاً، وهي تعادل ضعف النسبة العامة، كما تبرز مشكلة الدخل الفردي الذي لا يتجاوز 4500 دولار في السنة، ما يضع الرباط في المرتبة 116 عالمياً، وفق تصنيف صندوق النقد الدولي.

ولكن رجال الأعمال الذين يقصدون المغرب سيرون الكثير من الأمور الإيجابية، بينها تواضع نسبة التضخم، التي لم تصل إلى مثيلاتها في الغرب بعد، إلى جانب توفر اليد العاملة المتعلمة والماهرة، إضافة إلى الموقع الجغرافي الممتاز الذي يضمن نقل البضائع بسهولة إلى الأسواق الأوروبية.

ورغم أن الموقع الجغرافي يشكل ميزة بشكل عام، ولكنه قد يكون نقمة في بعض الأحيان، إذ أن الركود الاقتصادي في أوروبا حالياً دفع بالحكومة المغربية إلى خفض نسبة النمو المتوقع في المغرب للأعوام المقبلة بنقطة أو نقطتين.

وأنا أظن أن هذه المشكلة يمكن تجاوزها مع الوقت، ولكن يتوجب على العاهل المغربي وحكومة إيلاء المزيد من الاهتمام لقضية تحسين علاقات المغرب بدول الجوار، وخاصة الجزائر، إذ أن بعض الحساسيات القديمة ما زالت تحول دون أن تصبح هذه السوق الرائعة والذاخرة بالإمكانيات إلى مقصد أساسي للمستثمرين في المنطقة.